من ينقذ الأوبرا التقليدية الصينية من الاندثار؟
حين يرتدي يونهونغ زي العرض الغنائي ينسى أنه فلاح يمارس أشغالاً شاقة كل يوم في جبال جنوب غربي الصين، ويصبح في تلك اللحظات مغني الأوبرا الذي يجول بفنه بين القرى، وهو أحد آخر المحافظين على هذا الفن الجوال في البلاد.
حين يرتدي يونهونغ زي العرض الغنائي ينسى أنه فلاح يمارس أشغالاً شاقة كل يوم في جبال جنوب غربي الصين، ويصبح في تلك اللحظات مغني الأوبرا الذي يجول بفنه بين القرى، وهو أحد آخر المحافظين على هذا الفن الجوال في البلاد.
في سن الثامنة، بدأ يونهونغ الغناء في فرقة الأوبرا في جينيوان، والتي أسسها جده قبل حوالى 30 عاماً في مقاطعة سيشوان وهو يبلغ من العمر اليوم 26 عاماً، ويشعر بقوة الشباب الراغب في مواصلة هذا العمل، لكن الجمهور هو الذي شاخ على ما يبدو، كما يقول، ومات معظم المغنين في هذا النوع من الأوبرا التقليدية الصينية، ويكاد تقديم هذا الفن الذي كان واسع الانتشار والإقبال في الماضي، يقتصر على الأوساط الثقافية المعنية بالفنون المهددة بالاندثار.
ويقول: "في بعض الأحيان، يقتصر حضور الشباب والصغار ممن يقصدون عروضي، على زوجتي وأطفالي".
يمزج فن الأوبرا الصينية بين الحركات البهلوانية والأوبرا التقليدية، ولا يعوزه الاعتراف الرسمي بوجوده، بل إن ألواناً من هذا الفن مثل "أوبرا بكين" و"أوبرا كانتون" تحظى باهتمام كبير، لكن أنماطاً كثيرة أقل شهرة منها آخذة بالذبول.
ففرقة يونهونغ مثلاً لا تتقاضى أي مساعدة من السلطات، ولذا فإن أعضاءها يضطرون لممارسة أعمال أخرى كثيراً ما تكون شاقة، مثل زراعة الأرز في حقول تلفحها أشعة الشمس الحارقة في أيام الصيف التي تصل الحرارة فيها إلى 40 درجة.
وتقول لو غيينيغ التي تعمل في هذه الفرقة "لا نتلقى أي دعم من الدولة، كل ما نجنيه هو ما يدفعه القرويون لمشاهدة الفرقة". وتضيف "نجني القليل من المال، لكننا لا نأمل أصلاً أن نجمع ثروة من هذا العمل". اكتسبت "أوبرا بكين"، إحدى الأنماط الأكثر انتشارا لهذا الفن الصيني، شهرة كبيرة في أواخر حكم الأسرة الإمبراطورية التي أطيح بها العام 1911.
وكان هذا الفن محل إعجاب من البلاط الإمبراطوري، كان شائعا في الوقت نفسه في الأوساط الشعبية، وخصوصا لأنه يغنى بلغة الماندارين التي يفهمها معظم الصينيين.
أما سائر الأنماط، فكانت تغني باللهجات المحلية بحيث يصعب على الآخرين فهمها، فلم تحظ بالانتشار الواسع.
مع وصول ماو تسي تونغ إلى الحكم في العام 1949، فرض الشيوعيون "أوبرا بكين" على كل مناطق البلاد، على حساب اللون المحلي الخاص بكل منطقة.
وازدادت الأمور تدهوراً في زمن ما يعرف بالثورة الثقافية، بين العامين 1966 و1976، حين قررت زوجة ماو تسي تونغ فرض ثمانية عروض أوبرا "ثورية" حصراً وحظر عرض أي أعمال أخرى، على اعتبار أنها تتناقض مع مبادئ الشيوعية.
وظل الأمر كذلك حتى العام 1980، حين بدأت فرق محلية تظهر مجدداً.
لكن الأوبرا الصينية تصطدم الآن بشيء آخر، وهو التغيرات الاجتماعية التي تدفع عشرات الملايين من سكان الأرياف إلى المغادرة إلى المدينة، والتغيرات الثقافية التي تجعل الشباب يفضلون موسيقى الراب وأفلام الكونغ فو على الأوبرا التقليدية.
وتقول رورو لي وهي أستاذة المسرح الصيني في جامعة ليدز البريطانية: "ينبغي على كل مجتمع أن يحافظ على ثقافته الشعبية، لكن الأمر في الصين منوط بالسلطة السياسية".
وتضيف: "في ما مضى كان هناك الثورة الثقافية، واليوم هناك المساعدات الحكومية التي لا تستفيد منها معظم أنماط الأوبرا".
وتتوقع هذه الأستاذة الجامعية ألا يبقى في الصين في الأعوام الـ15 المقبلة أكثر من 100 نمط أوبرا، علماً أن عددها اليوم يناهز 200، وكان يناهز الـ300 في الستينات.
ويقول يونهانغ: "لا أريد أن يتعلم ابني الأوبرا مثلي، أريده أن يذهب إلى المدرسة وربما إلى الجامعة، وإلا فإنه سيبقى فلاحاً مثلي".
aXA6IDE4LjIxOC43NS41OCA= جزيرة ام اند امز