جماعة "أونق شني".. اضطرابات بأوروميا وتحدٍ لإنجازات إثيوبيا
"أونق شني" جماعة مسلحة منشقة عن جبهة تحرير أورومو المعارضة، تمثل الخطر الأول أمام حكومة آبي أحمد.
رغم حالة الاستقرار النسبي التي تنعم بها إثيوبيا منذ وصول رئيس الوزراء آبي أحمد لسدة الحكم، قبل أكثر من عامين، شهدت بعض الأقاليم تزايدا للصراع القبلي وتوترات، وكان أكبر تلك الأقاليم "أوروميا".
فقبل عامين وأربعة أشهر تسلم آبي أحمد رئاسة الوزراء في إثيوبيا، شهدت خلالها البلاد كثيراً من الأحداث والتطورات المتلاحقة من إنجازات أبرزها عودة حركات المعارضة المحظورة في البلاد، مثل "جبهة تحرير أورومو" المعارضة ومجموعات أخرى.
شهد إقليم "أوروميا" تجاذبا واستقطابا من بعض قوى المعارضة، جعلت من الإقليم الاستراتيجي، مركزا للصراع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، الحاصل على جائزة توبل للسلام، والذي يصفه متابعون بـ"الساعي إلى إكمال رؤية إصلاحية".
تتصدر القوى التي أثارت اضطرابات بإقليم "أوروميا" جماعة مسلحة يطلق عليها "أونق شني"، منشقة عن جبهة تحرير أورومو المعارضة، لتصبح الخطر الأول أمام حكومة آبي أحمد، بعد أن تمكنت من التخندق والتغلغل في عددا من المناطق والغابات غرب وشرق "أوروميا".
ويعود تاريخ الصراع الحالي في إقليم "أوروميا" إلى عودة "جبهة تحرير أورومو" ومقاتليها من إريتريا، في منتصف سبتمبر/أيلول 2018، عبر إقليم التجراي شمالي البلاد، وذلك نتيجة اتفاق سلام ومصالحة وقعته الجبهة مع الحكومة الإثيوبية في أغسطس/آب 2018، بالعاصمة الإريترية أسمرا، يتم بموجبه وقف جميع الأعمال العدائية بين الجانبين.
لكن مراقبين وصفوا حينها الاتفاق بأنه غير واضح ولم يحدد مصير مقاتلي الجبهة الذين تتراوح أعدادهم بين 1300 و1500 مقاتل، على الرغم من دخول المقاتلين البلاد وتجميعهم في معسكرات بإقليم "أوروميا".
ظلت "جبهة تحرير أورومو" تقاتل الحكومة الإثيوبية منذ عام 1993 للحصول على حكم ذاتي لـ"أوروميا"، أكبر أقاليم البلاد، وكانت الحكومة الإثيوبية السابقة قد صنّفتها جماعة إرهابية في 2008، قبل أن يتم رفع اسمها من لائحة الإرهاب في الـ5 من يوليو/تموز 2018 ضمن حركات المعارضة المسلحة -"قنوب سبات" و"جبهة تحرير أورومو" و"جبهة تحرير أوغادين"- عقب وصول آبي أحمد للسلطة.
خلاف بين الجبهة والحكومة
نشبت خلافات حادة بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير أورومو لم تعرف أسبابها، لكن الجبهة اتهمت الحكومة بعدم احترام الاتفاق الموقع بينهما لتتدخل على إثرها لجنة الإصلاح من الأعيان وزعماء الأديان لحل الخلافات.
أسفرت جهود الحل عن التوصل لاتفاق للعمل معا لتحقيق السلام ووحدة شعب أورومو، لكن مقاتلين من الجبهة أعلنوا في خطوة مفاجئة انفصالهم عن الجبهة بقيادة "كومسا دريبا" المعروف بـ"جال ميرو" في أبريل/نيسان 2019، ليبدأ بعدها مسلسل الصراع المسلح بين الحكومة والفصيل المنشق من الجبهة، والذي أصبح من أخطر الجماعات المسلحة في إثيوبيا وتعرف الجماعة بـ"أونق شني" المسلحة.
جماعة "أونق شني"
تشكلت هذه الجماعة إثر الخلاف مع زعيم جبهة تحرير أورومو "داؤود ابسا،" بقيادة "كومسا دريبا" المعروف بـ "جال ميرو"، حيث اتخذ مقاتلو جماعة "أونق شني" جنوب أوروميا قاعدة لعملياتهم في منطقة غرب "غوجي"، وأربعة مناطق أخرى في الإقليم وهي "وللغا"، "قلم"، و"هورو غودور" شرق وغرب.
بعد أن اتخذت جماعة "أونق شني" غابات أوروميا مقرا لعملياتها ضد الحكومة ومن يعارضها في إقليم أوروميا، تورطت في أعمال عنف وهجمات على مدنيين وعمليات سرقة لنحو 18 بنكًا حكوميًا وخاصًا في مناطق غرب ولجا وقيليم ولغا وهورو غودور.
كما تتهم الحكومة الإثيوبية بعض شركائها السابقين بالتعاون مع الجماعة المعارضة المسلحة، فضلا عن أن مقاتلي "أونق شني" أصبحوا محل استقطاب لبعض مناوئ ومعارضي حكومة آبي أحمد، إلا ان الجماعة تنفي ذلك
وتمول "أونق شني" هجماتها وعملياتها ضد الحكومة من خلال النهب وإجبار المواطنين على توفير المال لها بزعم "الكفاح ضد حكومة مناوئة لشعب أوروميا."
اغتيال "هتشالو هونديسا"
اندلعت احتجاجات كبيرة في أديس أبابا وعدة مناطق في "أوروميا" في 29 يونيو/حزيران الماضي أسفرت عن مقتل 239 مدنيا، بالإضافة لعشرات الجرحى، عقب مقتل الفنان الأورومي "هتاشالو هونديسا" الذي يحظى بشعبية كبيرة بين أبناء "الأورومو" في حادث وصفه رئيس الوزراء آبي أحمد بأنه "عمل شرير".
وأعلنت المدعية العامة الإثيوبية السابقة، أدانيش أبيبي، في يوليو/تموز الماضي اعتقال شخصين مشتبه بهما في قتل المغني "هتاشالو هونديسا"، وقالت حينها إن المعتقلين أحدهما هو الذي أطلق النار على "هونديسا"، وكان يتصرف بأوامر من جماعة "أونق شني" المناهضة للحكومة".
كما تسببت جماعة "أونق شني" في مقتل العديد من المسؤولين الإثيوبيين من إقليمي "بني شنقول جومز" و"أوروميا" من خلال هجمات تشنها بين الحين والأخر على طول الطريق الذي يربط بين إقليمي "أوروميا" و"بني شنقول جومز"، غربي البلاد.
مواجهات الجيش و"أونق شني"
يخوض الجيش الإثيوبي مواجهات مع مقاتلي "أونق شني" في مناطق متفرقة من إقليم "أوروميا" التي يتواجد بها عناصر الحركة وأسفرت هذه العمليات عن مقتل العديد من عناصر "شني".
وقال مسؤول العلاقات العامة في حكومة إقليم أوروميا، "جيتاتشو بالشا"، إن الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية وحكومة الإقليم ضد المناوئين للسلام من جماعة "أونق شني، أسهمت في استعادة السلم والأمن للعديد من مناطق الإقليم.
وأضاف "بالشا" في تصريح خاص، لـ"العين الإخبارية"، أن هذه الجماعة عادت للبلاد بموجب اتفاق السلام، ضمن "جبهة تحرير أورومو"، لكنها انحرفت ودخلت في نشاطات مناوئة للسلام، فضلا عن ممارستها أعمال نهب وقتل بحق أبرياء في الإقليم.
وأوضح، أنه نتيجة الخطوات الحاسمة التي اتخذتها السلطات الأمنية والحكومة، فقد تراجعت نشاط هذه المجموعة وانحصر دورها في قطع الطرق والنهب.
وتابع مسؤول العلاقات العامة في حكومة إقليم أوروميا: بفضل الجهود التي بذلت خلال الفترة القليلة الماضية فقد أصبح العديد من منتسبي "أونق شني"، يسلمون أنفسهم للحكومة.
وأشار إلى أن 32 من عناصر "أونق شني" سلموا أنفسهم لحكومة الإقليم بعد انشقاقهم عن الجماعة، مؤكدين أنهم خدعوا من قبل جماعة "أونق شني" بشأن الالتحاق بهم.
ولفت "بالشا" إلى أنه سيتم إعادة تأهيل هؤلاء الشباب الذين عادوا من شني وإعادة دمجهم في المجتمع.
دعوة لقرارات حازمة
كان مراقبون قد حذروا من عواقب تجاهل ما يحدث وخطورة المقاتلين من المعارضة، كما دعوا إلى ضرورة اتخاذ الحكومة قرارات حازمة بشأن الفوضى وتجاوز القانون من جانب مقاتلي"أونق شني".
وشهدت مناطق عدة بإقليم أوروميا أعمال عنف متقطعة خلال شهري يناير وفبراير 2019، ويونيو الماضي صاحبتها عمليات نهب لعدد من البنوك الحكومية والخاصة، وابتزاز الأهالي، وعمليات ترويع وقتل.
وأسهم احتفاظ مقاتلي، "أونق شني"، بالسلاح، في تزايد أعمال العنف بإقليم "أوروميا" بالرغم من الجهود التي بذلها الجيش الإثيوبي في نزع سلاح مقاتلي جبهة تحرير أورومو المعارضة، على خلفية تصاعدت المواجهات بين حكومة الإقليم، الواقع وسط البلاد، ومقاتلي الجبهة إثر قيامهم بأعمال نهب.
ويعتبر إقليم، "أوروميا" الذي يحيط بالعاصمة أديس أبابا، عصب الحياة الاقتصادية للدولة، فضلاً عن تداخلاته مع 6 أقاليم رئيسية، وهو سلة غذاء الشعوب والقوميات الإثيوبية ومصدر رئيسي لاقتصاد إثيوبيا.
ويتمتع إقليم "أوروميا" بحكم شبه ذاتي، ويتبع النظام الفيدرالي المتبع في جمهورية إثيوبيا والمكونة من 10 أقاليم، والتي بدأت الحكم الفيدرالي بعد سقوط نظام منغستو هايلي ماريام عام 1991.