سياسة
عنصرية ونعوت خارجة.. إخوان السودان يفجرون الغضب
عبارات سبّ للعقيدة وعنصرية ونعوت خارجة تضمنها مقطع فيديو متداول بكثافة في السودان لمحامين إخوان وسط صدمة شعبية وحزبية فجرت ثورة غضب.
وتعقيبا على المقطع، توحدت كيانات مجتمعية وسياسية ومهنية ومنظمات مجتمع مدني بالسودان، في شجب وإدانة السلوك العنصري الذي مارسته العناصر الإخوانية بحق مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون المقال، لقمان أحمد، وسط تضامن واسع معه ودعوات لفتح تحقيق قضائي في الواقعة ومحاسبة المتورطين.
وأجمعت الكيانات -في بيانات منفصلة اطلعت عليها "العين الإخبارية"- على أن الحادثة تعري تجار الدين وتفضح مشروعهم الكذوب، معلنة دعمها لحملة كبرى لتحقيق العدالة للقمان وكافة المتضررين من الخطاب العنصري لهذه الجماعة الإرهابية.
والثلاثاء، جرى تداول مقطع فيديو من بث مباشر كانت تجريه وكالة السودان للأنباء الرسمية لوقائع جلسة محاكمة مدبري انقلاب الإخوان 1989 وفي مقدمتهم الرئيس المعزول عمر البشير وآخرون من أفراد نظامه.
وأظهر مقطع الفيديو محامين ينتمون لتنظيم الإخوان ويمثلون هيئة الدفاع عن المتهمين، وهم يتبادلون أطراف الحديث ويبدو أنهم يجهلون وجود ميكروفون يعمل، حيث سب أحدهم العقيدة بحق لقمان أحمد قبل أن يوجه له إساءات عنصرية بالغة والسخرية والتنمر من شكله.
ولقمان أحمد هو إعلامي سوداني مخضرم تعيش عائلته في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وتقلد رئاسة التلفزيون القومي تاركاً موقعه كمدير لمكتب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في واشنطن.
المحاسبة
وفي بيان حول الواقعة، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين، إنه "من مبادئ مهنة الصحافة الرافضة لخطاب الكراهية والعنصرية، فإنها تعبر عن إدانتها وبشدة لما ورد من ألفاظ مسيئة من أناس كان أولى بهم تطبيق القانون على سلوكهم وحياتهم".
وأكدت اللجنة التمهيدية التي تم انتخابها مؤخراً، "تضامنها وكل الصحفيين مع الزميل لقمان أحمد"، مشددة على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمحاسبة المتورطين في الواقعة وتقديمهم لمحاكمة عادلة حتى يتم قبر مثل هذا المسلك الذي يثير الفتنة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ويؤكد على استمرار بعض الجهات والأفراد في نهج الإساءة للصحفيين والصحفيات".
من جانبها، أعربت الجبهة الثورية السودانية عن إدانتها، بأشد العبارات، السلوك البغيض الصادر من أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين في جريمة انقلاب 1989، داعية كل القوى السياسية والمدنية لإدانة هذا السلوك ونبذه.
ودعت الجبهة، وهي شريك رئيسي في الحكومة الانتقالية التي تدير البلاد حالياً، السلطات والجهات العدلية لتكوين لجنة تحقيق وتقديم المتورطين في هذه الحادثة الشائنة إلى المحاكمة.
وبحسب الفيديو، فإن المحامي الإخواني الذي وجه الإساءات كان غاضباً من قيام التلفزيون القومي في عهد لقمان، بنقل المظاهرات التي شهدتها البلاد في ذكرى 6 أبريل/نيسان الأسبوع الماضي، وهو اليوم الذي شكل الضربة القاضية للجماعة الإرهابية قبل 3 سنوات عندما وصل ملايين السودانيين لقيادة الجيش ووضع حد لحكم التنظيم.
كما أظهر المقطع الذي تم تداوله على نطاق واسع، قلق التنظيم من استمرار المظاهرات المطالبة بالحكم المدني الديمقراطي، قبل أن يقللوا من قيمتها ويتوقعوا تلاشيها بشكل تدريجي.
شعارات زائفة
حزب الأمة القومي بالسودان لم يتأخر أيضا في استنكار الحادثة، مدينا "بشدة هذا الحديث الذي يمس العقيدة ويكرس للعنصرية البغيضة".
وطالب الحزب بالتحقيق في "الحادثة اللاأخلاقية من أشخاص يمثلون ركنا من أركان العدالة، ويفترض فيهم القدوة الحسنة والمهنية وتجريم العنصرية لا التفوه بها".
وأضاف أنه "يوما بعد يوم، يتضح للشعب وبجلاء بُعد هذه المجموعات المتأسلمة عن الشعارات البراقة التي يرفعونها، وهذا يبرر حالة الغضب الشعبي ضدهم ويؤكد على سوء نواياهم تجاه أبنائه وبناته الثوار".
وأعلن الحزب تضامنه مع لقمان أحمد، ودعم حملة تحقيق العدالة له لما تعرض له في الفيديو، مشددا على أن "الأمر في شقيه يستوجب المحاسبة والمساءلة كما أن التصدي للعنصرية ينبغي أن يتخذ أشكالاً ومسارات قانونية وثقافية وتعليمية وإعلامية تعلي من قيمة المواطنة والسودانية وتعزز كرامة الإنسان وكافة حقوقه، ولن يستقيم الظل والعود أعوج".
لقمان يعلق
بدوره، قال لقمان أحمد في تصريح لصحيفة محلية، إن الإساءات التي وجهت له خلال جلسة محاكمة قادة انقلاب 1989 لا تستهدفه بصورة شخصية، وإنما "تستهدف قطاعاً عريضاً من السودانيين في كل أرجاء العالم".
وأضاف أن "ما يؤمن به من مبادئ وقيم نشأ عليها أكبر وأعظم من الصغائر والأحقاد الشخصية التي تجلت في هذا المقطع".
وأشار إلى أنه قبل منصب مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تلبية لنداءً الثورة والوطن وتقديم مؤسسة إعلامية مستقلة بتحويل الإدارة الحكومية إلى إدارة عامة تشمل أي شخص، وأن هدفه كان الإصلاح.
وبالنسبة له، فإن "المناصب لا تضيف إلى الإعلامي الناجح ولا تخصم منه، وسأظل أقدم نداء الوطن حتى من الخارج، معربا عن انحيازه "لكل القيم السودانية التي جاءت بها الثورة".
وجرت إقالة لقمان أحمد من منصبه بقرار من رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، مطلع الأسبوع الجاري، وتعيين محمد إبراهيم البزعي خلفا له.