"كرة خارج الملعب".. باكستان نحو انتخابات بلا "خان"
حل مرتقب لبرلمان باكستان تمهيدا لتولي حكومة يهمين عليها التكنوقراط تتولى الإعداد لانتخابات يرجح أن يغيب عنها عمران خان.
غياب يطوح كرة نجم الكريكت السابق خارج ملعب السياسة الباكستانية بدخوله السجن نهاية الأسبوع الماضي.
وتواجه باكستان أزمة منذ إبعاد خان، أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد، من الحكم في أبريل/نيسان 2021 بموجب تصويت لحجب الثقة.
وزادت الأزمة حدة الأسبوع الماضي مع إدخال رئيس الوزراء السابق السجن تنفيذا لعقوبة بحبسه 3 أعوام لإدانته بتهم فساد.
وتقدم محامو خان بطلب لاستئناف العقوبة، وفي حال بقيت العقوبة نافذة، سيمنع خان البالغ من العمر 70 عاما، من الترشح للانتخابات.
وبموجب القانون، يتوجب إجراء الانتخابات في غضون 90 يوما من تاريخ حلّ البرلمان. لكن حكومة شهباز شريف أشارت إلى أن إرجاءها مرجح.
ورغم إمساكه بالسلطة منذ 18 شهرا، لم يفلح تحالف الأحزاب التقليدية الذي تكتّل لإبعاد خان، في كسب شعبية واسعة، إذ يواجه أزمة اقتصادية بالرغم من قرض من صندوق النقد الدولي، وتزايد التضخم وارتفاع البطالة في ظل تراجع النشاط الصناعي جراء النقص في العملات الأجنبية.
وقال أحمد بلال محبوب، رئيس المعهد الباكستاني للتنمية القانونية والشفافية البحثي، إن "القرارات الاقتصادية صعبة وغالبا ما تكون غير شعبية، ما يتطلب حكومة ذات ولاية أطول لتتمكن من تطبيقها بشكل فاعل".
ورأى أن "هذه الانتخابات مهمة لأنها ستمنح حكومة جديدة ولاية من 5 أعوام، ما يعني تفويضها اتخاذ قرارات أساسية ستكون حيوية للتعافي الاقتصادي".
أسئلة
تسري منذ أشهر شائعات عن احتمال إرجاء الانتخابات في ظل الأزمات التي تواجهها السلطة في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة، وتعزز هذا الاحتمال بعد صدور أرقام آخر تعداد سكاني في البلاد نهاية الأسبوع الماضي.
وقال وزير العدل عزام نظير تارار لقناة تلفزيونية محلية إنه سيتعيّن إعادة تحديد الدوائر الانتخابية بناء على التعداد السكاني الجديد، محذّرا من أن ذلك قد يؤدي لتأجيل الانتخابات.
وأعرب عن أمله في أن يقتصر الإرجاء على فترة لا تتجاوز "50 إلى 60 يوما".
ويرى مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون البحثي في واشنطن مايكل كوغلمان أن إرجاء عملية الاقتراع قد يمنح الشريكين الأساسيين في الائتلاف الحاكم (حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وحزب الشعب الباكستاني) مهلة لوضع استراتيجية لمواجهة حزب حركة الإنصاف بزعامة عمران خان.
ويقول كوغلمان: "لكن في الواقع، إرجاء الانتخابات قد يؤدي ببساطة إلى المزيد من الغضب الشعبي ويعطي دفعا لمعارضة عانت من القمع على مدى أشهر".
ويحضر الجيش في كواليس أي عملية اقتراع في باكستان، إذ لا تزال المؤسسة التي نفذت 3 انقلابات ناجحة على الأقل منذ استقلال البلاد عام 1947، تتمتع بنفوذ سياسي واسع.
ولطالما شكّل الدعم العسكري حجر زاوية لاستقرار أي حكومة باكستانية، رغم أن مؤسسة الجيش دائما ما تنفي أداء أي دور سياسي. لكن اتساع الفجوة بين خان والضباط الكبار في سادس أكبر جيوش العالم، سيعقّد عودته إلى الحكم.
ووصل خان إلى السلطة عام 2018 بدعم من الجيش، وأقصي منها في أبريل/نيسان 2022 بتصويت برلماني على سحب الثقة منه، بعد خلافات مع ضباط كبار على تعيينات والسياسة الخارجية، وفق محللين.
وأوقفت السلطات الباكستانية خان لثلاثة أيام في مايو/أيار الماضي، بعد ساعات من تكراره اتهام ضابط كبير في الاستخبارات بالضلوع في محاولة لاغتياله في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وضغط خان على الحكومة الحالية من أجل إجراء انتخابات مبكرة من خلال إقامة تجمعات ضخمة وسحب نوابه من البرلمان، من دون أن ينجح رهانه في تحقيق مبتغاه.
مهمة صعبة
منذ إبعاده من الحكم، يواجه خان أكثر من 200 قضية، يؤكد أن دوافعها سياسية وهدفها منعه من خوض الانتخابات أو العودة الرئاسة الوزراء.
وأثار توقيف خان لثلاثة أيام قبل أشهر في القضية ذاتها أعمال عنف دامية مع خروج عشرات الآلاف من أنصاره إلى الشوارع وتواجههم مع الشرطة.
وفي أعقاب الإفراج عنه، استُهدف حزبه بحملة أمنية شملت آلاف عمليات التوقيف وتقارير عن ترهيب وقمع الصحفيين.
إلا أن ردود الفعل على توقيفه هذه المرة لا تزال مختلفة جذريا، وسط احتجاجات محدودة ومتفرقة، بينما تعرّض الآلاف من أنصاره للتوقيف في إطار الحملة الأمنية التي استهدفت مناصريه وحركة الإنصاف في الأشهر الماضية.
وحذّر كوغلمان من أن الحكومة الانتقالية تواجه مهمة صعبة في الأشهر المقبلة، وسيكون أكبر تحدٍ أمامها "البقاء في منأى عن الصراع الحزبي وعدم الانجرار إلى المعارك السياسية التي تخاض بين السياسيين والجيش".
وتابع "في حصيلة الأمر هذه مرحلة فائقة التحزّب والاستقطاب، وليست بيئة يسهل على حكومة غير مسيّسة العمل فيها".
aXA6IDE4LjExOS4xOTIuMiA= جزيرة ام اند امز