بندر بن سلطان وفلسطين.. رسائل تربك تجار القضية وتقصف المزايدات
رسائل قوية من الأمير بندر بن سلطان استعرضت ملامح الدعم السعودي الثابت لفلسطين، ووجهت سهاما مرتدة على تجار القضية وناكري جميل المملكة
رسائل قوية استعرضت ملامح الدعم السعودي الثابت لفلسطين، ووجهت سهاما مرتدة على تجار القضية وناكري جميل المملكة.
دلالات هامة تضمنتها مقابلة الأمير بندر بن سلطان، أمين مجلس الأمن الوطني السعودي السابق، مع قناة "العربية" السعودية، في لقاء أجراه عبر 3 أجزاء، تضمن عرض رؤيته للأحداث الآنية في ضوء قراءته للتاريخ، وحظي باهتمام خليجي وعربي ودولي واسع.
حديث الأمير بندر خلال الفيلم الوثائقي "مع بندر بن سلطان"، جاء بمثابة تقديم شهادته على أحداث عاصرها، ووثائق اطلع عليها بنفسه تكشف دعم المملكة بشكل رئيسي إلى جانب دول الخليج ومصر للقضية الفلسطينية على مدار التاريخ.
- بندر بن سلطان: قطر إمارة هامشية.. وتركيا وإيران تتاجران بفلسطين
- قرقاش يعلق على شهادة بندر بن سلطان بشأن فلسطين
وربط تلك الأحداث التاريخية بوقائع حالية تكشف استمرار ضياع البوصلة لقادة فلسطين، وقراءته المستقبلية لتعامل بلاده مع القضية الفلسطينية.
وفي ضوء تلك القراءة -سواء التاريخية أو المستقبلية- يكشف الأمير بندر عن حقائق وثوابت وتحذيرات، أبرزها أن دعم السعودية للقضية الفلسطينية ثابت وموثق على مدار التاريخ، و"يرفع رأس كل مواطن سعودي".
ورأى أن من سبب الضرر الأكبر للقضية على مدار التاريخ هم القيادات الفلسطينية أنفسهم، بدءا من إضاعتهم الكثير من الفرص ورفضهم مبادرات الحل، وصولا للفترة الحالية عبر انقسامهم وتخوينهم بعضهم بعضا ومتاجرتهم بالقضية وتنكرهم لمن دعمهم، وارتمائهم في أحضان المتاجرين بقضيتهم مثل إيران وتركيا.
وحذر من أن تطاول القيادات الفلسطينية (الرئيس محمود عباس وزمرته) على دول الخليج وقادتها مرفوض، وأن استمرار السعودية في دعم فلسطين ثابت ودائم، ولكن لن يكون هناك تقدم يحرز في تلك القضية في ظل وجود القيادات الحالية.
كما حذر الأمير بندر السعوديين والخليجيين من تلقي معلوماتهم من قنوات مسمومة، تحقد على دول الخليج، مثل "الجزيرة" ممثلة نظام قطر الذي وصفه بـ"حشرة القراد".
قيادات فلسطين
5 رسائل وجهها الأمير بندر بن سلطان خلال المقابلة، الأولى وجهها للمواطنين السعوديين والخليجيين لبيان مواقف المملكة في دعم القضية الفلسطينية.
وأشار إلى استشهاد 150 جنديا سعوديا خلال مشاركتهم في حرب 1948، مؤكدا أن القضية الفلسطينية ظلت المحور الرئيسي لأي محادثات بين الرياض وواشنطن.
وشدد على أن دعم القضية في السعودية بالمواقف والأفعال وليس بالشعارات والمزايدات.
ودلل على ذلك بطرح مبادرات سعودية عديدة (ذكرها تفصيلا) كان شاهدا على كثير منها، وكانت ستسهم بحل القضية، إلا أن القيادات الفلسطينية أضاعت تلك الفرص.
أما الرسالة الثانية فوجهها للقيادات الفلسطينية، فكان فحواها أن تطاولهم على دول الخليج وقادتها "مرفوض"، ولن يجدي لجوؤهم إلى أسلوب "التخوين والطعن في الظهر" الذي اعتادوا عليه مع بعضهم البعض.
كما اعتبر أن ارتماء قيادات فلسطين في أحضان المتاجرين بقضيتهم مثل تركيا وإيران، غير مجد، معتبرا أنهم أكبر من تسببوا في تضرر قضيتهم، وأنهم لم يعودوا أهلا للثقة.
وسرد بعض المواقف -كان شاهدا عليها- تكشف تآمر القادة الفلسطينيين أنفسهم على قضيتهم، وعلى بعضهم البعض، بل على أشقائهم العرب.
ولفت في هذا الصدد إلى أن زيارة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لبغداد في 1990 (بعد غزو الكويت) كان لها وقع مؤلم على كل شعوب الخليج.
تركيا وإيران وقطر
رسالة واضحة إلى تركيا وإيران تفيد بأن ألاعيبهم واضحة ومكشوفة، ومتاجرتهم بقضية فلسطين مفضوحة ومرفوضة من قبل دول المنطقة، وكشف تناقضات تلك الدول وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة بشكل ضار، وقال في هذا الصدد: "تركيا تحتل ليبيا وتريد تحرير القدس بسحب سفيرها من أبوظبي".
وأردف: "إيران تريد تحرير القدس عن طريق الحوثي في اليمن أو حزب الله في لبنان".
وعلى الرغم من أنأن القضية الفلسطينية شكلت المحور الأساسي للمقابلة، إلا أن رسائل الأمير بندر بن سلطان الجانبية لقطر جاءت قوية ومعبرة في معناها ودلالتها.
ووصف قطر بأنها مثل حشرة "القراد"، في إطار الحديث عن وسائل الإعلام المسمومة التمي تمولها قطر، داعيا للحذر منها.
وفصل الأمير بندر بن سلطان بين النظام القطري وإعلامه والشعب القطري، قائلا: "النظام شيء هامشي، أما الشعب القطري فهو شقيق وحبيب ومنا وفينا.. أما الدولة القطرية فهي هامشية ولا تستحق أن نضيع وقتا في الحديث عنها أو الرد عليها.. أفضل شيء تجاهلها".
وضرب مثلا عن الأزمة القطرية قائلا هناك مثل يقول "الْقْرَادْ يِثَوِّرْ الْجَمَلْ"، ولكن "القراد يبقى قرادا والجمل يبقى جملا"، وتعني أن "القراد حشرة صغيرة تتعلق بالجمل وتتغدى بدمه وعندما تفعل ذلك مع الجمل يثور".
أما الرسالة الخامسة، فوجهها للجميع بالتحذير من استقاء معلوماتهم من وسائل الإعلام المسمومة.
وفي هذا الصدد، وصف قناة "المنار" اللبنانية الناطقة باسم حزب الله الإرهابي، و"الجزيرة" القطرية بأنهما "تلفزيونات مسمومة رسالتها كاذبة وأهدافها حقد خصوصا على دول الخليج وقادتها".
وقال إن "الجزيرة" تمثل قطر لكنها محطة إيرانية.
ولمواجهة أكاذيب تلك القنوات بشكل دائم، أعلن الأمير بندر بن سلطان أن جميع الأحداث الذي ذكرها موثقة وسيتم نشرها عبر موقع سيطلقه.
وبالفعل تم إطلاق موقع يحمل اسم "رأي بندر" وثّق فيه الأمير بندر بن سلطان المواقف التاريخية المشرفة للمملكة تجاه قضايا المنطقة خاصة القضية الفلسطينية، ونشر وثائق تاريخية تدلل على ذلك.
أخطاء قيادات فلسطين
أولها أنه من النادر أن يتحدث المسؤولون السعوديون عن تجاربهم الماضية وذكرياتهم، وحديث الأمير بندر بن سلطان ـ وإن كان له ما يبرره- يكشف عن نهج سعودي جديد في التعامل مع القضية.
تغيير أكده بالقول: "لن نجعل من كذابين وغشاشين وغير الأوفياء وناكري المعروف أن يفرضوا أسلوبهم في التعامل مع بعضهم علينا".
أيضا كان واضحا عندما قال: "واجب على قياداتنا وولاة أمورنا الحفاظ على أمننا الوطني ومصالح شعوبنا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية".
وبالتالي، فإن السعودية لن تواصل في التغطية على أخطاء قيادات فلسطين، ولن تقبل تحميلها أخطاء وفشل سياساتها، وهي لطالما وافقت على قراراتهم الخاطئة بعد نصيحتهم بشأنها حماية للقضية من التشرذم والانقسام.
غياب الثقة
الدلالة الثانية ترتبط بالأولى، وتكمن في عدم وجود ثقة بالقيادات الفلسطينية الحالية، والتي أضرّت بقضية عادلة ومحقة مثل قضية فلسطين التي وصفها الأمير بندر بن سلطان بـ"القضية العادلة ولكنها تملك أسوأ المحامين عنها".
وأكد عدم الوثوق بالقيادات الفلسطينية الحالية، قائلا "مع هؤلاء الناس، من الصعب أن تثق بهم أو تعمل أي شيء لخدمة القضية الفلسطينية بوجودهم".
وتابع: "القضية الفلسطينية نعتبرها قضية وطنية وقضية عادلة، لكن محاميها فاشلون، والقيادات الفلسطينية تراهن دائما على الطرف الخاسر وهذا له ثمن".
الدلالة الثالثة تهم التزام السعودية المطلق بدعم القضية الفلسطينية بمعزل عن تلك القيادات، وهو ما عبر عنه الأمير بندر قائلا إن "نكران الجميل وعدم الوفاء الذي رأيناه من القيادات الفلسطينية لن يؤثر في تعلقنا بقضية الشعب الفلسطيني".
4 محددات
4 محددات تبرز أهمية اللقاء، أولها شخصية المتحدث، وهو الأمير بندر بن سلطان، أمين مجلس الأمن الوطني السعودي السابق، رئيس الاستخبارات وسفير المملكة لدى واشنطن لقرابة ربع قرن.
شخصية بهذا الحجم عندما تتحدث، فإن كل كلمة تخرج من فمه يكون لها وزنها وثقلها ودلالتها.
الأمر الثاني يتعلق بالتوقيت، والتوقيت هناك يرتبط بحملة افتراءات وإساءات وأكاذيب ونكران للجميل طالت السعودية ودول الخليج وقياداتها من القيادات الفلسطينية، في أعقاب توقيع الإمارات والبحرين معاهدات سلام مع إسرائيل.
النقطة الثالثة تهم الهدف من الرسائل التي يوجهها الأمير في هذا التوقيت، وهم المواطنون السعوديون ومعهم الخليجيون، لتوضيح مواقف المملكة في دعم القضية الفلسطينية على مدار التاريح، وأن مواقف بلدهم وقياداتهم "ترفع الرأس".
الأمر الرابع يتعلق بالطريقة التي اختار الأمير بندر إيصال رسائله، حيث اختار أسلوب الحديث المباشر، أي مباشرة من القلب للقلب، وليس عبر أسلوب المقابلة التقليدي بتوجيه سؤال وجواب، فقط رجل يحكي عن ذكريات وتجارب عاصرها ووثائق اطلع عليها بصدق وبحرقة، ويقارنها بواقع يصفه بالمؤلم حاليا.
وكانت تلك طريقة موفقة عكست مقدار الألم والحزن الذي أصيب به الأمير بسبب تنكر القيادات الفلسطينية وإساءاتهم لدول الخليج وقادته، وإصرارهم على المضي في طريق التخوين وضياع الفرص، وأبرزت حجم الوفاء السعودي للقضية الفلسطينية.
aXA6IDE4LjIxOS4yNTMuMTk5IA== جزيرة ام اند امز