"ريم بنا".. قاومت السرطان والاحتلال بالغناء
"ريم بنا" مُغنية وملحنة فلسطينية كما أنها موزعة موسيقية وناشطة، عُرفت بأغانيها ذات الطابع الوطني.
غنّت لفلسطين بقلبها فملأت الدنيا حبا وفنا، لم تكن معركتها فقط القضية الفلسطينية، بل حاربت السرطان بشجاعة وأمل وتحدٍ، فأصبحت أيقونة للمقاومة الفلسطينية، حتى رحلت عن عالمنا اليوم السبت.
"ريم بنا" مُغنية وملحنة فلسطينية كما أنها موزعة موسيقية وناشطة، عُرفت بأغانيها ذات الطابع الوطني، وهي ابنة الشاعرة الفلسطينية زهيرة صباغ.
وُلدت في 6 ديسمبر/كانون الأول 1966 بمدينة الناصرة عاصمة الجليل، وأحبت الغناء منذ حداثة سنها، فحرصت على المشاركة في المهرجانات والمناسبات الوطنية التي كانت تقام في مسقط رأسها، بالإضافة إلى الاحتفالات التي كانت تقام في المدرسة المعمدانية حيث تلقت تعليمها.
درست الموسيقى والغناء في المعهد العالي للموسيقى في موسكو، وتخرجت عام 1991، بعد أن قضت نحو 6 سنوات من الدراسة الأكاديمية.
تزوجت بالموسيقي الأوكراني ليونيد أليكسيانكو، وعملا معا في تأليف الأغاني وتلحينها، ورزقا خلال زواجهما بثلاثة أطفال، بيد أن علاقتهما قد تدهورت لينتهي الأمر بانفصالهما في 2010.
تميزت أغاني ريم بنا بطابع فريد من نوعه، حيث قدمت الأغاني الفلسطينية التراثية بموسيقى عصرية، فحظيت باهتمام الجمهور منذ بداياتها، ولها عدة ألبومات موسيقية يطغى عليها الطابع الوطني وألبومات أغانٍ للأطفال، كما شاركت في عدة احتفاليّات ونشاطات عالمية لنصرة حقوق الإنسان.
كانت كلمات أغانيها مستوحاة من وجدان الشعب الفلسطيني ومن تراثه وتاريخه وثقافته، أما الموسيقى والألحان نابعة من صلب القصيدة وروافدها ومن الإحساس بإيقاع الكلمة، وعبرت عن معاناة الشعب الفلسطيني وهواجسه وأفراحه وأحزانه وآماله.
أطلقت ريم ألبومها الغنائي الأول "جفرا" في عام 1985، وقد اختارت اسمه تيمنا بالأغنية التراثية الفلسطينية جفرا، وفي عام 1986 أطلقت ألبومها الغنائي الثاني بعنوان "دموعك يا أمي".
وكان أول ظهور لريم بنا في أوساط الشهرة بأوائل التسعينيات، عندما سجّلت نسختها الخاصة من أغاني الأطفال الفلسطينية التقليدية التي كادت أن تنساها الأذهان، وحرصت على المشاركة في مهرجانات الأطفال وتأدية تلك الأغاني أمامهم، ما أدى إلى انتشارها بصورة واسعة في أوساطهم.
في عام 1993، أطلقت ريم ألبوما ثالثا حمل عنوان "الحلم"، وبعدها أصدرت ألبومين غنائيين للأطفال هما: "قمر أبو ليلة" عام 1995، و"مكاغاة" عام 1996.
عادت ريم مجددا إلى خط الغناء الوطني فأصدرت ألبوما اسمه "وحدها بتبقى القدس" عام 2001، ثم أطلقت ألبوم "مرايا الروح" الذي أهدته إلى الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية.
في عام 2006، أصدرت ريم ألبوم "لم تكن تلك حياتي"، وأهدته إلى الشعبين اللبناني والفلسطيني، وفي 2007 أطلقت ألبوم "مواسم البنفسج: أغاني حب من فلسطين"، ليليه ألبوم آخر بعنوان "نوار نيسان"، ثم "صرخة من القدس" عام 2010، و"أوبريت بكرا" عام 2012.
إلى جانب المهرجانات والحفلات المُقامة داخل فلسطين، قدمت ريم عدة حفلات غنائية في بلدان عربية مختلفة مثل سوريا وتونس ولبنان.
لم تتوقف ريم عند تأليف أغانيها الخاصة فقط، بل أيضا لحنت الأشعار الفلسطينية، ومن أمثال الشُعراء الذين قامت ريم بتلحين أشعارهم: توفيق زياد ومحمود درويش وسميح القاسم وزهيرة صباغ وسيدي هركاش.
ولعبت أغاني ريم دورا مهما في إنتاج العديد من الأفلام والمسلسلات، وكذلك البرامج الوثائقية التي تناولت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية.
اكتسبت ريم شهرتها في أوروبا، بعدما شاركت في ألبوم غنائي اسمه "تهويدات من محور الشر Lullabies from the Axis of Evil" إلى جانب المغنية كاري بريمنس Kari Bremnes، إذ سافرت ريم إلى النرويج كي تقدم حفلة فنية مشتركة معها.
عانت ريم من مشاكل صحية كثيرة أثرت على مسيرتها الفنية، فقد أصيبت بسرطان الثدي للمرة الأولى عام 2009، وبعدها بستة أعوام أصيبت به مرة ثانية، وكذلك أصيبت بشلل في الوتر الصوتي الأيسر، ما اضطرها إلى التوقف عن الغناء عام 2016.
ورحلَت ريم بنا، فجر السبت عن عمر ناهز 52 عاما تاركة وصيتها الأبدية: "أحرقوا جسدي بعد مماتي.. وعبئوا رفاتي في زجاجة عَرَق نصراويّ.. واحشوها بالبنزين والمواد المشتعلة، لتتحوّل إلى (مولوتوف) في يد مُقاوم يرجم بها أعداء الحُب وطغاة الأرض".