رمضان في غزة.. حزن وفقر ومحاولة بقاء
ما بين وجع فراق الشهداء، وأنات الجرحى، والقصف اليومي، تبدو أجواء شهر رمضان حزينة بشكل استثنائي هذا العام في قطاع غزة
ما بين وجع فراق الشهداء، وأنات الجرحى، والقصف اليومي، تبدو أجواء شهر رمضان حزينة بشكل استثنائي هذا العام في قطاع غزة، الذي يعاني بالأساس من تداعيات حصار وتدهور اقتصادي مس مجمل مظاهر الحياة.
فعلى وقع 7 غارات للاحتلال الإسرائيلي، استيقظ الفلسطينيون في قطاع غزة لتناول سحور أول أيام شهر رمضان، حرمتهم شعور الاطمئنان والسكنية وأعادت إليهم ذكريات القصف في شهر رمضان خلال عدوان 2014.
وشن الاحتلال الإسرائيلي، قبل فجر الخميس، 7 غارات استهدفت مواقع للمقاومة في غزة وشمال القطاع، مسببة دمارا كبيرا وأضرارا في بعض المنازل، إلى جانب إصابة أحد الشبان.
غياب الشهداء
الوجع الأكبر، في منازل الشهداء، فقد غاب 118 فلسطينيا استشهدوا منذ انطلاق مسيرة العودة في 30 مارس/آذار الماضي عن موائد السحور والإفطار، ليتركوا الحسرة والألم لدى ذويهم.
في منزل حسن أبو سلمي، لم تستطع العائلة الاجتماع على مائدة الإفطار بعدما غيب رصاص الاحتلال ابنهم فادي (29 عاما) مبتور الساقين شهيدا.
وقال والده لـ"العين الإخبارية": "غياب فادي ترك أثرا كبيرا على العائلة، وحرمنا الاجتماع العائلي، فحسبنا الله ونعم الوكيل".
الجرحى.. حكاية معاناة
مستشفيات القطاع التي تعج بمئات الجرحى الذين لا يزالون يتلقون العلاج، وهي تحكي أيضا فصولا أخرى من المأساة، فهنا أم تركت بيتها لتبقى إلى جانب ابنتها الجريحة، وهناك أب رافق ولده الذي بترت ساقه، ما حرمهم من مظاهر رمضان التقليدية التي كانوا يجتمعون فيها على مائدة واحدة.
وأصيب قرابة 12 ألف فلسطيني بجروح منذ 30 مارس/آذار الماضي، لا يزال المئات منهم يتلقون العلاج في المستشفيات، بينهم 200 لا يزالون في حالة الخطر، وفق معطيات رسمية من وزارة الصحة.
بضائع بلا مشترين
أسواق القطاع التي تنازع للبقاء بعد 12 عاما من حصار الاحتلال الإسرائيلي، والإجراءات التي مست رواتب موظفي القطاع العام، تبدو في غير طبيعتها رغم تكدس البضائع وعروض الأسعار المغرية.
فبسطات القطايف؛ الحلوى الرمضانية الأشهر، انتشرت في كل مكان، لكن حركة البيع محدودة، كما يقول لـ"العين الإخبارية" البائع محمد شراب.
ويضيف شراب: "كما كل عام، فتحنا بسطة بيع القطايف، لكن الأمر بخلاف المعتاد، أحزان الناس وفقرهم تركا أثرا.. وحركة البيع لا تصل إلى 30 % من مبيعات اليوم الأول".
ويتكرر المشهد أمام باعة الخضراوات التي أدى الركود إلى انخفاض أسعارها بشكل حاد جدا، وكذلك المخللات، وغيرها من البضائع الرمضانية.
يقول التاجر جميل أبو حميد: "البضائع كثيرة وأسعارها منخفضة، لكن لا يوجد مشترون؛ إذ لا توجد سيولة مع الناس، قد تشعر بحركة في الشارع لكنها حركة تجول لا أكثر".
فقر متزايد
ووفق معطيات رسمية، فإن معدل الفقر في قطاع غزة الذي يقطن به مليونا نسمة تجاوز 80%، ومعدل البطالة زاد على 46%، فيما هناك 243 ألف شخص عاطل عن العمل، والبطالة بين الخريجين في الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاما، ترتفع إلى 67%، فيما تصل نسبة الفقر إلى 65%، وانعدام الأمن الغذائي لدى الأسر وصل إلى 50% نسبة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع، أن أسواق غزة تشهد حالة من الركود التجاري غير المسبوق؛ نتيجة تداعيات الحصار المستمر منذ عام 2006، وكذلك أزمة رواتب موظفي السلطة في غزة، التي خصم منها نحو 30% إلى 50% منذ أبريل/نيسان الماضي، ولحقت بها خصومات وإحالات جديدة للتقاعد منذ شهرين؛ وهو ما أدى إلى انخفاض حاد في القدرة الشرائية.
ومع ذلك، يحاول الفلسطينيون التكيف والاستمرار في الصمود والبقاء، فباتت مخيمات العودة قبلة الكثيرين لأداء صلاة التراويح، فيما يستعدون لإحياء أول جمعة لرمضان في ساحات التظاهر تحت اسم جمعة الوفاء للشهداء والجرحى.