صلاة الفجر.. أسلوب فلسطيني جديد لمقاومة التهويد
الحملة بدأت في المسجد الإبراهيمي وامتدت للأقصى ومساجد قطاع غزة وأخرى بالضفة الغربية من باب التضامن وتحدي سياسات الاحتلال
في مواجهة سياسة التهويد الإسرائيلي، حوّل الفلسطينيون صلاة الفجر في المساجد من عبادة دينية إلى أسلوب مقاومة شعبية، تربك خطط الاحتلال.
- اقتحام الأقصى واعتقالات بالقدس للجمعة الثانية على التوالي
- إصابة 5 فلسطينيين خلال اقتحام سلطات الاحتلال ساحات الأقصى
وبدأت أولى الدعوات لصلاة الفجر في المسجد الإبراهيمي، في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمبادرات فردية وتشجيع من حركة فتح، وهو ما لقي استجابة متصاعدة انتقلت من مشاركة المئات إلى الالأف حتى وصلوا لأكثر من 15 ألف مصل.
وامتلأ المسجد بالمصلين، الذين رددوا التكبيرات والابتهالات الدينية قبل الصلاة وبعدها، وبات الأمر يتكرر كل جمعة ضمن حملة أطلق عليها النشطاء الفلسطينيون "الفجر العظيم"، لتأكيد إسلامية المسجد، وحمايته من التهويد الإسرائيلي.
ولاحقا امتدت الحملة للمسجد الأقصى ومساجد قطاع غزة وأخرى في الضفة الغربية من باب التضامن وتحدي السياسات الإسرائيلية.
فتح تطلق شرارة الاحتشاد
وقال عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح: "إن الدعوات لصلاة الفجر جماعة بدأت من الحرم الإبراهيمي في الخليل من حشد ألف مصل إلى ألفين ثم 5 آلاف حتى وصلت حشود المصلين إلى 15 ألفا في الإبراهيمي".
وأكد زكي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المبادرات تأتي للحفاظ على المسجد الإبراهيمي من جرائم التهويد المتكررة، خاصة بعد عملية الاقتحام التي كان أحدثها الذي نفذه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لمحيط المسجد في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبحسب زكي فقد انتقلت الفعاليات لإقامة أنشطة ثقافية من صلاة العصر حتى صلاة المغرب، مؤكدا أن ذلك سيستمر حتى شهر رمضان المبارك في الإبراهيمي.
وأشار إلى أن "شرارة الاحتشاد في الفجر بالمسجد الإبراهيمي كانت استجابة لدعوة من فتح، والآن نعمل على تعميم التجربة على مستوى كل المحافظات لحشد الجماهير وتعبئتها للدفاع عن الأرض الفلسطينية والمقدسات".
وأضاف: "آن الأوان ليتحرك الشعب الفلسطيني ويصوب المسار أولا بتحقيقه الوحدة القيادية في فلسطين، لأنه لا يجوز أن تربح إسرائيل معركتها ضدنا ولا يمكن أن تخسرها إلا ونحن متحدون".
وأضاف: "تحرك شعبنا في المساجد سيكون له تأثير على المستويات القومية والإنسانية والأممية، وشعبنا بمسلميه ومسيحييه شركاء في هذا النضال، وتجلى ذلك في هبات باب الأسباط وباب الرحمة عندما صلى المسيحي مع المسلم عند بوابات الأقصى خلال فتح البوابات".
صلوات ومواجهات بالأقصى
وللجمعة الثانية على التوالي، أدى آلاف المصلين صلاة الفجر في المسجد الأقصى استجابة لدعوات شعبية وفصائلية، أعقب ذلك مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت المسجد واعتدت على مصلين في باحات المسجد.
ووفق شهود عيان، فإن آلافا عدة من المصلين أدوا صلاة الفجر في المسجد على الرغم من التساقط الغزير للأمطار وقيود الاحتلال التي وصلت إلى مصادرة ومنع توزيع علب الحلويات التي أعدها بعض الشبان لتوزيعها على المصلين.
وقال زكي: "إن اسرائيل في حالة سيئة جدا بسبب هذه التحركات.. ليست تحركات الصلاة فحسب بل كل التحركات الفلسطينية الحاشدة تربك إسرائيل وتجعلها تفكر ألف مرة في كيفية التعامل مع تلك الحشود".
نجاحات للحراك
الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أكد أن "أي تحرك جماهيري ديني اجتماعي اقتصادي سياسي يصب في صالح القضية الفلسطينية".
وقال عيسى لـ"العين الإخبارية": "تكمن أهمية الصلوات في استمراريتها حتى نستطيع أن نوصل رسالتنا قوية للعالم وإسرائيل بأن نضالنا لا يقف عن حد أو أسلوب معين".
واعتبر أن إسرائيل "في وضع لا تحسد عليه أمام هذا التحرك الذي سيؤدي إلى تحركات أخرى"، مشددا على أنه تحرك مكفول للشعوب في القوانين الدولية والمواثيق التي تؤكد حرية العبادة.
وأضاف أن "إسرائيل تخشى من أي تحركات فلسطينية شعبية أخرى في الشارع، لأن لها تجارب سابقة مع تحركات في القدس واستهدفت المسجد الأقصى ذاته".
وأشار إلى أن "تلك الحركات حققت نجاحات واضحة في 2019 مع التحرك لفتح مصلى وباب الرحمة وفي يوليو/تموز 2017 هبة باب الأسباط.
وقال: "هذه التحركات مطلوب اليوم تعزيزها وطنيا لتربك المحتل وتنهكه".
ودعما للصلوات في المسجدين الأقصى والإبراهيمي، شهدت المساجد المركزية في قطاع غزة والضفة الغربية، اليوم والجمعة السابقة، مشاركة آلاف المصلين في صلاة الفجر بعد الدعوات الشعبية.
إبداع فلسطيني
وقال الشيخ يوسف سلامة وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق: "هذه الدعوات للصلاة في مساجد فلسطين خاصة الأقصى والإبراهيمي وفي غزة هي إبداع فلسطيني للتصدي لمخططات الاحتلال الإسرائيلية للسيطرة على المسجدين، تمهيدا لتقسيمها الزماني والمكاني".
وأضاف في حديثه لـ"العين الإخبارية": "الفلسطينيون باستجابتهم للصلاة يؤكدون أنهم لن يسمحوا للاحتلال بتنفيذ مخططات التقسيم".
ونبه إلى أن "هذه الدعوات للاحتشاد للصلاة خاصة الفجر تبين أن الفلسطينيين متمسكون بمساجدهم، ولن يفرطوا فيها مهما عظمت التهديدات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين كإبعاد العلماء والرموز عن الأقصى".
وأوضح أن "هذا ما حدث مع خطيبي المسجد الشيخين عكرمة صبري وإسماعيل نواهضة والاعتقالات والتنكيل بالفلسطينيين بشتى السبل والوسائل لمنعهم من الوصول للأقصى".