الصين وأمريكا.. التوتر يهدد "دبلوماسية الباندا"
دفء في العلاقات الصينية الأمريكية شهده الجزء الأعظم من السنوات العشرين من عمر إعارة الباندا فيما تزامنت عودة الحيوان مع ذروة التوتر.
فالمعروف أن الصين تستخدم "دبلوماسية الباندا" منذ خمسينيات القرن الماضي، حتى إنها منحت، بين عامي 1957 و1983، 24 من الباندا لتسع دول في سياق سياسة تكوين الصداقات.
لكن ومع تصاعد التوترات بين الصين والغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، تسقط حيوانات الباندا ضحية جديدة للصراع مع استخدام بكين لها في إطار ما يمكن تسميته بـ"دبلوماسية الباندا" العقابية.
وقالت وكالة أنباء أسوشيتد برس، إنه من المقرر أن تعود حيوانات الباندا العملاقة الثلاثة (مي شيانج، وتيان تيان، وشبلهما شياو تشي جي) والتي تستضيفها حديقة الحيوان الوطنية الأمريكية في واشنطن العاصمة إلى الصين في أوائل ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وحتى الآن لا توجد علامات علنية على أن اتفاقية تبادل الباندا التي أبرمها الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون قبل 50 عاما ستستمر.
والتزم المسؤولون بحديقة الحيوان الوطنية الصمت حول احتمالات تجديد أو تمديد الاتفاقية، لكن حالة من التشاؤم تخيم على الحديقة التي تستعد لتوديع الحيوانات الثلاثة وإعلان انتهاء حقبة الباندا.
مؤشر توتر
ويقول مراقبون إن سحب الباندا هو اتجاه عام في الصين حاليا حيث تستمر بكين في سحب الحيوانات العملاقة تدريجيا من العديد من حدائق الحيوان الغربية مع انتهاء اتفاقياتها.
ويوجد حاليًا 65 حيوان باندا صيني في 19 دولة في إطار "برامج بحثية تعاونية" بهدف حماية الأنواع المعرضة للخطر بشكل أفضل.
وتعود الباندا إلى الصين مع وصولها إلى سن الشيخوخة، كما يتم إرسال أي أشبال مولودة إلى الصين عندما تبلغ 3 أو 4 سنوات تقريبًا.
وفي عام 2019، أعادت حديقة حيوان سان دييغو حيوانات الباندا الموجودة فيها، كما عاد آخر دب باندا كان موجودا في حديقة حيوان ممفيس بولاية تينيسي إلى الصين في وقت سابق من هذا العام.
وفي حال رحيل حيوانات الباندا عن حديقة الحيوان الوطنية فهذا يعنى أن حيوانات الباندا العملاقة الوحيدة التي ستتبقى بالولايات المتحدة هي تلك الموجودة في حديقة حيوان أتلانتا، علما أن الاتفاقية الخاصة بها تنتهى أواخر العام المقبل.
"دبلوماسية الباندا العقابية"
ووصف دينيس وايلدر، وهو زميل بارز في مبادرة جامعة جورج تاون للحوار بين الولايات المتحدة والصين حول القضايا العالمية، خطوة بكين بـ "دبلوماسية الباندا العقابية".
وأوضح أنه إضافة إلى الحدائق الأمريكية، تواجه حدائق الحيوان في اسكتلندا وأستراليا نفس المشكلة في ظل عدم وجود أية إشارات على احتمال تجديد اتفاقيات الباندا.
وقال وايلدر إن الصينيين ربما "يحاولون إرسال إشارة"، مشيرا إلى عدد من الأزمات بين واشنطن وبكين مثل العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على مواطنين ومسؤولين صينيين بارزين والقيود المفروضة على استيراد أشباه الموصلات الصينية.
وكذلك الشكوك حول ملكية بكين لمنصة التواصل الاجتماعي "تيك توك" وأيضا الضجة التي اندلعت مطلع هذا العام بشأن البالونات الصينية التي تحلق فوق أمريكا.
وأضاف أن الصين مقتنعة بأن "حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة يصطفان ضدها".
في المقابل، تتصاعد مشاعر العداء تجاه أمريكا امتد لقضية الباندا خاصة مع وفاة ذكر الباندا (لي لي) بحديقة حيوانات ممفيس في فبراير/ شباط الماضى.
وشكلت وفاته المفاجئة عن عمر 24 عاما فقط صدمة كبيرة، فغالبا ما تعيش حيوانات الباندا التي تحظى برعاية بشرية إلى عمر الـ30 تقريبا.
وأثارت الواقعة ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية في ظل تقارير تحدثت عن أن حديقة ممفيس أساءت معاملة (لي لي) ورفيقته (يا يا) التي انتشرت صور لها وهي تبدو متسخة وهزيلة، فيما فراؤها غير مكتمل.
وطالبت عريضة عبر الإنترنت بإعادتها فورا.
من جانبها، نفت ولاية ممفيس كل هذه التقارير واعتبرتها "معلومات مضللة".