البنك الدولي في قبضة ابن ضابط جيش.. هل "بانغا" مستعد للمناخ؟
يبدأ الهندي الذي يحمل الجنسية الأمريكية أجاي بانغا رسميا مهام منصبه رئيسا للبنك الدولي، لمدة خمس سنوات، الجمعة الثاني من يونيو/حزيران.
وتسود حالة من التفاؤل بدعم "سخي" للتمويل المالي الدولي لقضايا المناخ، حيث يوصف بانغا بأحد أنصار مكافحة التغير المناخي.
بانغا الذي رشحته الولايات المتحدة لرئاسة هذه المؤسسة المالية الدولية والبالغ من العمر (63 عاما) يقع على عاتقه مكافحة الفقر في الدول الأعضاء (189 دولة)، لكنه يعول عليه أيضا أن يكون أحد أقطاب العمل المناخي لدعم الأجندة الدولية الساعية للتصدي للاحتباس الحراري والانبعاثات والتغير المناخي في الجانب المالي خلال رئاسته للبنك.
نهاية ولاية ديفيد مالباس المبكرة لرئاسة البنك الدولي، الذي اختاره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يوصف بأحد أقل رؤساء الولايات المتحدة تفاعلا مع قضايا المناخ، لم تكن بعيدة بدورها عن قضية المناخ، بعدما تعرض لضغوط لرفضه الإفصاح عما إذا كان يتفق مع الإجماع العالمي بشأن تغير المناخ.
في المقابل يتمتع بانغا وهو ابن ضابط سابق بالجيش الهندي بعقود من الخبرة في الشركات الكبرى، حيث شغل في السابق منصب المدير التنفيذي لشركة "ماستر كارد"، والأهم من ذلك ما نقل عنه من تصريحات تظهر اهتمامه بتمويل مكافحة الاحتباس الحراري وإصلاح البنك الدولي.
ويتطلب التصدي لتغير المناخ تحولات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية كبيرة، كثير منها باهظ التكلفة وسيستلزم القيام باستثمارات كبيرة وبدعم تمويلي كبير خاصة من جانب المؤسسات الدولية وعلى راسها مجموعة البنك الدولي.
هل "أطاح" المناخ بمالباس؟
أثار الرحيل المفاجئ للرئيس السابق للبنك الدولي ديفيد مالباس، قبل إتمام مدة خمس سنوات على رأس المؤسسة الدولية تساؤلات بشأن هل هو ضحية موقفه من قضية المناخ؟
بشكل مباشر أجاب مالباس عن ذلك ردا على سؤال طرح عليه خلال المؤتمر الصحفي الافتتاحي على هامش اجتماعات مجموعة البنك الدولي ربيع 2023 خلال منتصف أبريل/نيسان الماضي بالقول "تلك هي طبيعة عمل البنك الدولي أن تكون منخرطاً في البلدان. لدينا حملة أسهم متنازعين، وكنتُ محظوظاً بالعمل في البنك الدولي.. كانت أربعة أعوام زاخرة بالعمل والنشاط. ومن ثمَّ، حان الوقت لي لأتطلَّع إلى فرصٍ جديدة، وهو ما أسعى إليه حثيثاً، وللبنك للتحوُّل.
وبشأن التعامل مع قضية المناخ ، قال مالباس إن "هذه ليست مسألة سهلة على العالم، ولا أدري إن كانت تتركَّز بوجه خاص على البنك الدولي أم علي شخصياً، إنها تحدٍ عالمي، وتخفيف الآثار باهظ الثمن، وتكاليفه مرتفعة في وقتٍ يعاني فيه العالم بالفعل من نقص هائل في خدمات التعليم والرعاية الصحية، ويعمل لزيادة تلك الخدمات.
ويخلق ذلك توازناً طبيعياً يسعى العالم إلى تحقيقه".
وأضاف مالباس أن البنك الدولي وضع خطة العمل بشأن تغيُّر المناخ ولاقت نجاحاً كبيراً في تقريب العالم من الإقرار بأنه يجب تحقيق التكامل بين اعتبارات المناخ والتنمية.
وأشار إلى أن إحدى ركائز تلك الخطة أن الإقرار الكامل يقتضي أن يعمل الجميع بجدٍ معاً لتحقيق التكيُّف، وهكذا يواجه الناس في البلدان النامية تداعيات تغير المناخ، لكنهم لا يمتلكون الموارد اللازمة لمجابهته بكل ما في الكلمة من معنى.
مساهمات البنك الدولي
يقول البنك الدولي على موقعه الرسمي وعبر بيانته إنه يضطلع بدور واضح في مساندة البلدان المتعامل معها حتى تستعد للتحوّل منخفض الكربون والقادر على الصمود، مما يمكنها من بناء اقتصادات مراعية للمناخ تكون خضراء وقادرة على الصمود وشاملة للجميع.
ويعترف البنك أنه رغم تزايد تمويل الأنشطة المناخية ولكن ليس بالسرعة الكافية، حيث سيحتاج خلال العقد القادم إلى تعبئة تريليونات الدولارات لتوفير الإمكانية للناس للحصول على كل ما هو قادر على الصمود من المياه والغذاء والطاقة النظيفة ووسائل النقل وقطاعي الصحة والتعليم، والحماية من الكوارث.
بيانات التمويل الرسمية والانتقادات الدولية:
نداءات دولية
تتواصل دعوات ونداءات أقطاب العمل المناخي الدولي وقادة العالم لتطوير البنوك متعددة الأطراف - فيما يتعلق بقروض أو دعم الدول المتضررة من تغير المناخ، والتي تنتقد بدة تجاهل احتياجات الدول النامية – والفقيرة رغم عدم قدرتها على التصدي للأعباء المالية للتنمية المستدامة ومواجهة تداعيات التغير المناخي.
وأكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات، الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، ضرورة تطوير أداء المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف، لتحقيق التقدم بشكل متزامن في كل من العمل المناخي والتنمية المستدامة.
وخلال زيارته إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، أبريل/نيسان الماضي والمشاركة في حلقة نقاشية على هامش اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قال الجابر: "في السنوات الثماني التي تلت اتفاق باريس التاريخي، رأينا مدى الترابط الوثيق بين أهداف التنمية المستدامة والعمل المناخي، ومن الواضح أن آثار تغير المناخ تعرقل مسار التنمية بمختلف أنحاء العالم، وتؤثر على المجتمعات الأكثر تعرضا لتداعيات المناخ، خاصةً دول الجنوب العالمي".
وشدد الجابر في الحلقة النقاشية التي شاركت بها مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بالعمل والتمويل المناخي مارك كارني، على أن أحد "الممكِّنات الرئيسية" للنجاح في التنمية المستدامة والعمل المناخي، هو "رأس المال والتمويل الذي لا يصل حاليا بالشكل الكافي لمن هم بأمسّ الحاجة إليه".
وفي 20 أبريل/نيسان الماضي كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطط بلاده لزيادة التمويل الأمريكي لمساعدة الدول النامية على مكافحة تغير المناخ.
وخلال اجتماع مع زعماء أكبر اقتصادات في العالم، عبر الإنترنت بمنتدى الاقتصادات الكبرى حول الطاقة والمناخ، قال بايدن "نحن في لحظة خطر كبير لكن توجد أيضًا إمكانيات كبيرة وجادة. بالالتزام الصحيح وتنفيذ كل دولة للتعهدات.. يمكن أن يظل هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية بما لا يتجاوز 1.5 درجة في متناول اليد".
وأعلن بايدن مساهمة أمريكية بقيمة مليار دولار لصندوق المناخ الأخضر، الذي يمول مشروعات الطاقة النظيفة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ في الدول النامية، مما يضاعف المساهمة الأمريكية في المجمل.
كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، بدورها أكدت خلال بيان مشترك عقب مائدة مستديرة استضافها الصندوق شهر أبريل/نيسان الماضي لمناقشة الإجراءات اللازمة لتسريع العمل المناخي والتمويل على وجه السرعة على عدة أمور أهمها:
- رأس المال من بين أهم عوامل التمكين للعمل المناخي.
- الوصول إلى الأشخاص والأماكن التي هي في أمس الحاجة إليه غير كاف.
- نحتاج إلى تعبئة رأس المال الخاص، وتوسع قاعدة المستثمرين، لا سيما في الاقتصادات الناشئة والنامية.
- وضع جعل بيئة الاستثمار أكثر ملاءمة للتمويل المتعلق بالمناخ أولوية للعمل المناخي متعدد الأطراف.
- استخدام أدوات التمويل المبتكرة لتوسيع نطاق الاستثمار الخاص في الاقتصادات الناشئة والنامية.