من قمة الأرض حتى "COP28".. خمس محطات عصيبة بمسيرة العمل المناخي
في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، تم الإعلان عن استضافة دولة الإمارات للدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ COP28.
وعلى مدار 31 عاماً، منذ إعلان الاتفاقية الإطارية في مؤتمر قمة الأرض، بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، حتى مؤتمر الأطراف المقبل، الذي تستضيفه مدينة إكسبو دبي، من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول 2023، مرت مسيرة العمل المناخي بالعديد من المحطات العصيبة.
ونظراً لأن القرارات الصادرة عن مؤتمرات المناخ يجب أن تحظى بقبول جميع الأطراف، كادت القضايا الخلافية، أن تعصف بالجهود الدولية للحد من التغيرات المناخية، وتسببت بالفعل في تعطيل تقدم مسيرة العمل المناخي إلى حد كبير، وفي أكثر من مناسبة.
تستعرض "العين الإخبارية"، في هذه السطور، أبرز 5 محطات عصيبة شهدتها مؤتمرات الأطراف، باعتبارها الحدث العالمي الأكبر سنوياً في مسيرة العمل المناخي، ويجمع وفوداً رسمية من مختلف دول العالم، إلى جانب منظمات المجتمع المدني، وكافة الأطراف الأخرى من خبراء وأكاديميين.
الدورة الـ6.. مؤتمر لاهاي دون اتفاق وجولة إنقاذ في بون
أولى المحطات العصيبة شهدتها الدورة السادسة لمؤتمر الأطراف، التي عُقدت في لاهاي بهولندا، أواخر عام 2000، نتيجة خلافات حادة ظهرت أثناء المفاوضات رفيعة المستوى حول تخفيض الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى خلافات أخرى حول إمكانية حصول الدول النامية المتضررة من تداعيات التغيرات المناخية على مساعدات مالية.
وبينما تقدمت الولايات المتحدة بمقترح يضمن لها الاستمرار بنفس معدلات الانبعاثات الحرارية، مقابل تخزين الكربون في الغابات والمناطق الزراعية، قادت كل من الدنمارك وألمانيا باقي دول الاتحاد الأوروبي لتشكيل جبهة رفض للمقترح الأمريكي، لينتهي مؤتمر الأطراف في لاهاي (COP-6) دون اتفاق.
في منتصف العام التالي، تم عقد جولة أخرى (COP6 مكرر)، في بون بألمانيا، بعد تولي جورج دبليو بوش رئاسة الولايات المتحدة، الذي سارع، في مارس/آذار 2001، بإعلان رفض بلاده لبروتوكول كيوتو، وبناءً على ذلك، شارك الوفد الأمريكي في المفاوضات الخاصة بالبروتوكول بصفة مراقب، دون الوفاء بأي التزامات، وهو ما أتاح للمفاوضات إحراز بعض التقدم بشأن القضايا الخلافية.
الدورة 21.. توقف الزمن لولادة اتفاق باريس من رحم المفاوضات
رغم أن الدورة 21 لمؤتمر الأطراف، في العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، أسفرت عن أول اتفاق عالمي في مسيرة العمل المناخي، يتمثل في اتفاق باريس، إلا أنها شهدت خلافات حادة، دفعت رئاسة المؤتمر إلى وقف عقارب الساعة، لإتاحة الفرصة أمام الجهود الدبلوماسية، التي قادها الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت، فرانسوا هولاند، للتوصل إلى حل وسط يسمح بولادة الاتفاق من رحم المفاوضات.
ويقر اتفاق باريس، لأول مرة، بمسؤولية البشر عن الجزء الأكبر من التغيرات المناخية، وهو ما يستوجب على الدول الصناعية القيام بدورها للحد من هذه الظاهرة، إلا أن الخلافات، التي كادت أن تجهض المفاوضات، كانت حول الهدف العام من هذا الاتفاق.
غالبية الدول الجزرية الصغيرة المهددة بالغرق، وكذلك الدول النامية التي تضررت نتيجة الأحداث المناخية المتطرفة، تمسكت بأن مستويات ارتفاع حرارة الأرض عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، لا يجب أن تتجاوز 1.5 درجة مئوية، بينما رفضت الدول الصناعية هذا السقف، ورفعت المستوى المسموح به إلى درجتين، وهو ما كاد يعصف بالمفاوضات.
وفي اللحظات الأخيرة، وبعد قرار رئاسة المؤتمر بوقف عقارب الساعة، تم التوصل إلى حل وسط يسمح بإقرار اتفاق باريس، بحيث يتضمن النص على العمل لتجنب ارتفاع الحرارة بأكثر من درجتين، مع مواصلة الجهود الدولية للحد من ارتفاع الحرارة إلى دون 1.5 درجة مئوية.
الدورة 25.. اعتذارات اللحظة الأخيرة ومدريد تنقذ الموقف
محطات عصيبة متكررة مرت بها الدورة 25 لمؤتمر أطراف الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ في عام 2019، بعد الاتفاق على عقد هذه الدورة في إحدى دول أمريكا الجنوبية، حيث وقع الاختيار في البداية على البرازيل، التي استضافت قمة الأرض قبل 27 عاماً، إلا أن الرئيس البرازيلي المنتخب حديثاً في ذلك الوقت، جايير بولسونارو، سحب عرض بلاده لاستضافة المؤتمر لأسباب اقتصادية.
وبعد ذلك، أعلنت سكرتارية الاتفاقية عن اختيار مدينة سانتياغو، عاصمة تشيلي، لاستضافة مؤتمر الأطراف (COP-25) في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، إلا أن موجة من الاضطرابات وقعت في البلاد، خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، دفعت السلطات إلى إعلان حظر التجول، لتعلن تشيلي انسحابها من استضافة مؤتمر المناخ، قبل شهر واحد فقط من الموعد المقرر لانعقاده.
إزاء هذا الموقف غير المسبوق في تاريخ مؤتمرات أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، توصلت سكرتارية الاتفاقية إلى اتفاق متبادل بين الحكومتين التشيلية والإسبانية، على أن يُعقد المؤتمر في مدريد، عاصمة إسبانيا، في النصف الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول 2019، برئاسة تشيلي.
الدورة 26.. "كوفيد" يضرب بقوة في إيطاليا والمملكة المتحدة
من بين 3 اتفاقيات دولية أسفرت عنها "قمة الأرض" عام 1992، وهي الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حظيت الأولى باهتمام كبير على الصعيد العالمي منذ دخولها حيز التنفيذ في عام 1994، وانعقاد المؤتمر الأول للأطراف في العام التالي، في مدينة بون بألمانيا، التي أصبحت مقراً دائماً لسكرتارية الاتفاقية.
ومنذ الدورة الأولى عام 1995، جرت العادة على عقد مؤتمر الأطراف سنوياً، دون تأجيل أو إلغاء، إلى أن جاءت جائحة "كوفيد-19"، التي اجتاحت معظم دول العالم أواخر 2019، مما دفع إلى تأجيل الدورة 26، التي كان من المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بكل من إيطاليا والمملكة المتحدة، اللتين تأثرتا بشدة نتيجة الجائحة، واضطرت السلطات في اسكتلندا إلى تحويل المكان الذي كان مخصصاً لانعقاد المؤتمر، في مدينة غلاسكو، إلى مستشفى مؤقت لعزل المصابين بالفيروس التاجي.
وفي أواخر العام التالي، وبعد هدوء الجائحة نسبياً، ووسط إجراءات احترازية مشددة، تم عقد مؤتمر (COP26) في غلاسكو، برئاسة المملكة المتحدة، في الفترة من 31 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بالإضافة إلى الاجتماع الـ16 لأطراف بروتوكول كيوتو، والاجتماع الثالث للأطراف في اتفاق باريس.
الدورة 27.. تمديد لـ48 ساعة يتمخض عن قرار تاريخي
أما الدورة 27 لمؤتمر الأطراف، التي عقدت أواخر العام الماضي في مدينة شرم الشيخ بمصر، فقد شهدت لحظات عصيبة، خاصةً خلال الساعات الأخيرة من المفاوضات، الأمر الذي دفع وزير الخارجية المصري والرئيس المعين للمؤتمر، سامح شكري، إلى إعلان تمديد المؤتمر لـ24 ساعة على الأقل، وبدلاً من ختام المؤتمر يوم الجمعة 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، استمرت المفاوضات حتى الأحد 20 من نفس الشهر.
وبينما سادت خلافات حول مسألة تحمل الدول الغنية مسؤولية تعويض الخسائر والأضرار التي تلحق بالدول النامية نتيجة التغيرات المناخية، وإعادة التأكيد على الأهداف المناخية، بما فيها اتفاق باريس، جاء في ختام المؤتمر الإعلان عن قرار تاريخي، يتمثل في الموافقة على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، الذي كان يمثل أحد أكثر الملفات الشائكة على طاولة مفاوضات المناخ.