محاربة تغير المناخ.. الطاقة المتجددة وحدها لا تكفي!

سلط التقرير التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضوء على تسارع الاحترار العالمي وبلوغ الانبعاثات لمستويات قياسية.

وفي حين أن العديد من الدول قد حققت تخفيضات مستدامة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG) لأكثر من عقد من الزمان، إلا أن التأثير العام قد طغى عليه ارتفاع مستويات النشاط العالمي في الصناعة، وإمدادات الطاقة، والنقل، والزراعة، والمباني.

كما قد تكون الطاقة المتجددة وحدها غير كافية لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، لذا يجب أن تشمل تخفيضات الانبعاثات جميع القطاعات.

• النينو وانبعاثات CO2 المتزايدة تقودان العالم لحدث تاريخي في 2023
• موجات حر خطيرة تهدد خُمس البشرية بحلول 2100.. ما القصة؟

جهود محاربة المناخ ضرورة لا بد منها

من جانبه، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عند إطلاق تقرير AR6 التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) بضرورة التحرك بسرعة فائقة وتكثيف الجهود، فالتغير المناخي أصبح قنبلة موقوتة.

وقد أوضح التقرير التجميعي أن درجات حرارة سطح الأرض ترتفع بشكل أسرع من أي فترة أخرى منذ 2000 عام، كما أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى مما كانت عليه منذ مليوني عام، وأكثر من 3.3 مليار شخص "معرضون بشدة" لتغير المناخ.

لذلك.. دول العالم مطالبة اليوم بتخفيضات عميقة في انبعاثات غازات الدفيئة لتحقيق هدف الحد من درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، أو حتى 2 درجة مئوية، فوق مستويات ما قبل الصناعة، ومع ذلك فهي تستمر في الارتفاع، حيث توجد 18دولة -بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا وفنلندا وإيطاليا والمملكة المتحدة وألمانيا- حافظت على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG) لأكثر من عقد من الزمان. ولكن تم تعويض ذلك أكثر من خلال ارتفاع مستويات النشاط العالمي في الصناعة وإمدادات الطاقة والنقل والزراعة والمباني.

الجهود السريعة هي الأمل لتحقيق صافي الصفر

بدوره، قال فرانسيس إكس جونسون، زميل باحث أول في معهد ستوكهولم للبيئة (SEI)، عمل على التقرير التجميعي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ كعضو في فريق الكتابة: إن النمو السكاني وعوامل أخرى مثل عواقب تناول اللحوم على نطاق واسع تعني أن الطاقة المتجددة وحدها لن تكون كافية أبدا"، وأضاف "إنه شرط ضروري أن يتم توسيع نطاق الطاقة المتجددة بشكل كبير، لكنها ليست كافية إذا كنا سنحقق هدف 1.5 درجة مئوية، حيث يلزم خفض الانبعاثات في جميع القطاعات".

ويقول "قبل عشرين أو ثلاثين عاما، كان لا يزال هناك حاجز التكلفة الاقتصادية أمام الطاقة المتجددة، ولكن هذا قد انتهى الآن، لا تزال هناك تكاليف أخرى، مثل التمويل والقدرة المؤسسية والقدرة على استيعاب الطاقة المتجددة المتقطعة في الشبكة وقضايا التخزين، يسهل حلها في الدول الغنية، يتم الاهتمام بالتكلفة الاقتصادية -على الأقل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ولكن هناك تكاليف أخرى متضمنة في الارتقاء إلى العالم بأسره".

الدور المحوري للوقود المستدام

بالإضافة إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يرى جونسون أن الوقود الحيوي المستدام يلعب دورًا "مهمًا للغاية" في الحد من الانبعاثات في الطيران والشحن والنقل البري الثقيل، لكنه يحذر من ضرورة معالجة ارتفاع الطلب في الدول الغنية أيضا"، حيث إنه يحث الحكومات وصانعي السياسات على زيادة الاستثمار في النقل العام، وتشجيع المشي وركوب الدراجات، والتحرك لتكثيف المدن حتى تصبح أكثر كفاءة من حيث استخدام الكربون.

ويعتبر يوهانس ليكن، رئيس الشؤون العامة (أوروبا) في Neste، وهي شركة عالمية رائدة في مجال الديزل المتجدد ووقود الطيران المستدام، الوقود السائل المتجدد جزءا من الحل، حيث يقول: "نحن في Neste نرحب بالسعي نحو الكهربة". لكن الشاحنات والمركبات الأخرى ستكون على الطريق مستخدمة الوقود السائل لفترة طويلة قادمة".

وقال إن مسودة تشريعات مثل "RefuelEU" في أوروبا -بصيغتها الحالية، ستفرض مستويات دنيا من وقود الطيران المستدام، من 2٪ في عام 2025 إلى 5٪ في عام 2030 و63٪ في عام 2050، ستكون بمثابة دفعة كبيرة.

الانتقال إلى إزالة الكربون ضرورة ملحة

كما أشار التقرير إلى أهمية إزالة الكربون لتقليل الاحتباس الحراري. ويوضح جونسون: "لا يمكننا التركيز فقط على الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، ستكون إزالة الكربون ضرورية أكثر فأكثر".

ويضيف: "يُظهر التقرير أنه سيكون من الصعب البقاء دون 1.5 درجة مئوية؛ حيث تبدو إزالة الكربون أكثر جدوى وللقيام بذلك يجب أن تكون عمليات خفض ثاني أكسيد الكربون أسرع وأعمق وعبر المزيد من القطاعات".

ويختتم بالتأكيد على أهمية كل خفض للانبعاثات يمكن القيام به. ويتابع "يصبح تأثير تغير المناخ أكثر خطورة مع كل جزء من ارتفاع الحرارة الإضافي -وليس فقط أكثر خطورة، ولكن لا يمكن التنبؤ به بشكل أكبر. كل جزء من درجات الحرارة مهم".