"الوطني الاتحادي" الإماراتي من التأسيس للتمكين.. مسيرة إنجازات تاريخية
بانطلاق عملية الترشح لانتخابات "المجلس الوطني الاتحادي"، الثلاثاء، تكون الإمارات على موعد مع محطة مهمة في مسيرة التمكين السياسي.
مسيرة أطلقها رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عام 2005، عبر برنامج وضع خلاله خارطة طريق لتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليصبح ركيزة أساسية في صناعة القرار وشريكا فاعلا في صناعة مستقبل دولة الإمارات، من خلال مسار متدرج منتظم، مستلهما فلسفة مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أصّل نهج الشورى والمشاركة.
ويكمل تلك المسيرة التي بدأت بإجراء أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد عام 2006، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، التي تنطلق أول انتخابات برلمانية في عهده والخامسة في الدولة أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في تجربة يرتقب أن تكون محطة تاريخية هامة ضمن مسيرة التمكين السياسي في البلاد.
ويحظى "المجلس الوطني الاتحادي" بدعم لا محدود من قبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لأداء دوره الوطني من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، ليكون على الدوام مساهما في المسيرة الوطنية وتحقيق كافة مقومات ومتطلبات مسيرة النهضة الشاملة المستدامة.
وبمناسبة انطلاق عملية تسجيل أعضاء الهيئات الانتخابية الراغبين في الترشح لعضوية المجلس الوطني الاتحادي 2023، التي بدأت أمس الثلاثاء وتستمر حتى يوم الجمعة المقبل، وفق جدول زمني يقود لإجراء الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، تنشر "العين الإخبارية" أبرز المحطات في مسيرة التمكين السياسي، التي شهد خلالها العمل البرلماني نقلة نوعية على مستوى الأداء والتأثير على الصعيدين التشريعي والرقابي.
تأسيس البرلمان
يعتبر المجلس الوطني الاتحادي الجهة البرلمانية الممثلة لشعب دولة الإمارات أمام الحكومة الاتحادية، ليكون السلطة الاتحادية الرابعة من حيث الترتيب في سلم السلطات الاتحادية الخمس المنصوص عليها في الدستور وهي: المجلس الأعلى للاتحاد، رئيس الاتحاد ونائبه، مجلس وزراء الاتحاد، المجلس الوطني الاتحادي، القضاء الاتحادي.
عقد المجلس أولى جلساته في 12 فبراير/شباط 1972، بعد فترة وجيزة من تأسيس الاتحاد في 2 ديسمبر/كانون الأول 1971، وكان يتم تعيين كافة الأعضاء الـ 40 من قبل حكام الإمارات السبع.
وحظي المجلس بدعم كبير من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لدوره الوطني في تمثيل شعب الاتحاد وتجسيد نهج الشورى المتأصل والمتجذر في مجتمع الإمارات.
وشكل خطاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في افتتاح أول فصل تشريعي، في 13 فبراير/شباط 1972، محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به، وخلاله، حدد مهام المجلس ودوره بقوله إن "جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة، وفي بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا".
وحرص المغفور له الشيخ زايد على تضمين الدستور عددا من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني الاتحادي، والتي تعبر بشكل دقيق عن نهج الشورى في الإمارات وفي فكر المغفور له الشيخ زايد، الذي كان يطالب دائما بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة.
مرحلة التمكين
بعد أن كان يتم اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي بالتعيين، أطلق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الراحل برنامج "التمكين" في خطابه بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للاتحاد في ديسمبر/كانون الأول عام 2005، ليكون نقلة نوعية في مسيرة المجلس الوطني الاتحادي، حيث استهدف تفعيل دور المجلس وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للمؤسسة التنفيذية.
وأكد، في هذا الخطاب، ضرورة تطوير المجلس الوطني الاتحادي عبر انتخاب نصف أعضائه ليكون مجلسا أكبر قدرة وفاعلية والتصاقا بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم.
وقد شكل خطاب التمكين نقطة تحول رئيسية في مسيرة التمكين، حيث أرسى القواعد المنهجية لعملية تمكين المجلس وتعزيز دوره، وزيادة صلاحياته للقيام بالواجبات المنوطة به على أتم وجه.
وعقب الخطاب التاريخي، أصدر المجلس الأعلى للاتحاد القرار رقم 3 لسنة 2005 باعتبار خطاب رئيس الدولة خطة عمل وطنية، لتتوالي عبر ذلك إصدار قرارات واتخاذ إجراءات في إطار خطوات مدروسة ومتدرجة لتنفيذ ما جاء في الخطاب وصولا إلى الهدف الذي تتطلع إليه القيادة الرشيدة وشعب الإمارات.
وعلى طريق تنفيذ تلك الخطة، صدر قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم 4 لعام 2006، والذي أعاد النظر في طريقة اختيار ممثلي الإمارات الأعضاء في المجلس الوطني الاتحادي، ليتم بواسطة المزج بين الانتخاب والتعيين.
وقضى القرار بأن يتم تعيين نصف الأعضاء (20) فقط بواسطة حكام الإمارات، وانتخاب النصف الآخر(20) بواسطة الشعب، وفق منظومة شعبية يطلق عليها اسم الهيئات الانتخابية.
وفي 15 أغسطس/آب من نفس العام، صدر القرار رقم 3 لسنة 2006 بشأن تحديد طريقة اختيار ممثلى الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي.
ونص القرار على تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات، وحدد كيفية تشكيل المجلس وتسمية أعضاء الهيئة الانتخابية وصلاحية أعضاء الهيئة الانتخابية واختصاصات اللجنة الوطنية للانتخابات.
وبحسب القرار تضم الهيئة الانتخابية قائمة بأسماء مجموعة من المواطنين، يحددهم ديوان حاكم كل إمارة عن إمارته. وتتألف بحد أدنى من عدد من الأعضاء بواقع 100 مضاعف لعدد المقاعد المخصصة للإمارة بالمجلس وفقاً للدستور.
وتنتخب الهيئة الانتخابية من بين أعضائها عن طريق الانتخاب المباشر نصف عدد أعضاء المجلس المحدد للإمارة بحكم الدستور ويتم اختيار النصف الآخر من قبل حاكم الإمارة.
كان الدافع من هذا القرار إعطاء فرصة لمواطني الدولة لاختيار ممثليهم في المجلس الوطني الاتحادي، من أجل تعزيز الانتماء الوطني، وتغليب المصالح العامة للشعب، وإتاحة الفرصة للمشاركات المحلية من قبل الفئات الشابة والمتعلمة، فضلاً عن تمكين المرأة.
وزارة لشؤون المجلس
أيضا شهد عام 2006، استحداث وزارة تختص بشؤون المجلس الوطني الاتحادي.
وتأسست وزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني، بموجب المرسوم الاتحادي رقم 10 لسنة 2006، والذي نص على تشكيل مجلس الوزراء، ويضم وزير يختص –لأول مرة– بشؤون المجلس الوطني الاتحادي، وتعزى هذه الخطوة إلى رغبة القيادة في إيجاد قنوات أكثر فعالية وحيوية للتنسيق بين المجلس الوطني الاتحادي والحكومة.
2006.. أول انتخابات
وفي إطار تفعيل برنامج التمكين شهدت الدولة أول دورة انتخابية في ديسمبر/كانون الأول عام 2006، حيث تم انتخاب نصف الأعضاء وتعيين النصف الآخر من ممثلي كل إمارة عن طريق الحاكم وتم تشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات لتولي الإشراف برئاسة وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي.
وفي خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر بتاريخ 12 فبراير/شباط 2007، بعد أول دورة انتخابية، قال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان: "نفتتح اليوم الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلسكم الموقر، في انطلاقته الجديدة، بعد أن خاضت بلادنا أول تجربة انتخابية في تاريخ المجلس الوطني الاتحادي، وهو الآن أكبر تمثيلاً، وأعظم قدرةً، صيانةً للمكتسبات، وتعزيزاً للمسيرة الاتحادية المباركة التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان".
وشهد مجلس عام 2006، فوز أول امرأة في تاريخ الدولة بعضوية المجلس من خلال الانتخاب عبر فوز الدكتورة أمل القبيسي بأحد مقاعد المجلس.
كما تم تعيين (8) عضوات أخريات من قبل حكام الإمارات، بحيث شغلت المرأة (تسعة) مقاعد في المجلس الوطني الاتحادي بنسبة تعادل (%22.5)، والتي تُعد من أعلى النسب عالمياً.
تمديد عضوية المجلس
وشهد عام 2009 خطوة مهمة في برنامج التمكين، إذ صدر تعديل دستوري ينص على تمديد مدة عضوية المجلس الوطني الاتحادي لأربع سنوات بدلا من اثنتين وتمديد أدوار الانعقاد لسبعة أشهر.انتخابات 2011.. تطور هام
تمثل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي جرت في يوم 24 من سبتمبر/أيلول 2011م التجربة الثانية، وإحدى المراحل المهمة في برنامج التمكين السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم فيها توسيع نطاق المشاركة السياسية للمواطنين، حيث تم تعديل قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم 4 لسنة 2006، وتعديل قرار رئيس الدولة رقم 3 لسنة 2006، بحيث أصبح الحد الأدنى لعدد أعضاء الهيئات الانتخابية لا يقل عن ثلاثمائة مضاعف عدد ممثلي كل إمارة في المجلس الوطني الاتحادي، حيث بلغ عدد أعضاء الهيئات الانتخابية 135308 أعضاء؛ ما أتاح الفرصة لشريحة كبيرة من المواطنين لاختيار ممثليهم في المجلس.
انتخابات 2015.. إنجازات تاريخية
وفي عام 2015 شهدت التجربة الانتخابية الثالثة زيادة أعداد الهيئات الانتخابية ضمن خطوة جديدة من التدرج للتمكين السياسي، حيث أصبحت الفئة العمرية "أقل من 40 عاما" النسبة الأكثر تمثيلا من بين أعضاء الهيئات الانتخابية على مستوى الدولة بنسبة "67%".
وشهدت تلك الانتخابات للمرة الأولى عملية التصويت المبكر لمدة ثلاثة أيام، بهدف إتاحة الفرصة أمام أعضاء الهيئات الانتخابية للإدلاء بأصواتهم بشكل مبكر حال عدم تمكنهم من التصويت في اليوم الرئيسي للانتخابات.
كما حققت دولة الإمارات في هذا الفصل التشريعي سبقا عربيا وإقليميا بانتخاب الدكتورة أمل القبيسي كأول امرأة لرئاسة المجلس الوطني الاتحادي، ليتأكد مضي برنامج التمكين وفق خطى مدروسة بعناية محققا إنجازات كبيرة للحياة البرلمانية والسياسية في دولة الإمارات.
انتخابات 2019.. تمكين المرأة
وشهدت الدورة الانتخابية الرابعة 2019 مرحلة مهمة وتاريخية في مسيرة التمكين، وذلك بتطبيق قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50% ، بحيث ضم المجلس وللمرة الأولى في تاريخه نصف الأعضاء من النساء، ليتحقق بذلك التمكين الكامل للمرأة الإماراتية، وتتعزز مكانة دولة الإمارات في مقدمة الدول من حيث تمثيل المرأة برلمانياً.
وتم خلال الدورة نفسها زيادة قوائم الهيئات الانتخابية بنسبة 50.58% مقارنة مع قوائم عام 2015 لتصل إلى نحو 337738 مواطنا ومواطنة، بهدف تعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتطوير مسيرة المشاركة والعمل البرلماني في دولة الإمارات.
انتخابات 2023.. تمكين وتنمية
انطلقت أمس الثلاثاء في الإمارات، عملية تسجيل أعضاء الهيئات الانتخابية الراغبين في الترشح لعضوية المجلس الوطني الاتحادي 2023، التي تستمر حتى يوم الجمعة المقبل، وفق جدول زمني يقود إلى إجراء الانتخابات في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتشهد تلك الانتخابات التي تعد الأولى في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيادة قوائم الهيئات الانتخابية بنسبة تصل إلى 18.1% مقارنة مع قوائم الهيئات الانتخابية للعام 2019، حيث وصل العدد إلى 398879 مواطناً ومواطنة.
وحظيت المرأة الإماراتية بحضور مميز في القوائم الانتخابية للعام 2023 بنسبة تصل إلى 51% مقابل نسبة الذكور والتي بلغت 49%.
كما تميّزت قوائم تلك الدورة بمشاركة كبيرة من الشباب، وبلغت نسبتهم في قوائم العام 2023 (من الفئة العمرية 21 عاماً ولغاية 40 عاماً) 55% من إجمالي قوائم الهيئات الانتخابية، حيث يشكل الشباب من عمر 21 عاماً إلى 30 عاماً نسبة 29.89%، فيما تبلغ الفئة العمرية من 31 عاماً إلى 40 عاماً نسبة 25.11%، وهو ما يفسح المجال لمشاركة واسعة من الشباب الإماراتي في العملية الانتخابية لاختيار ممثليهم في المجلس الوطني الاتحادي.
وتمثل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2023 خطوة متقدمة تعزز من خلالها الإمارات تجربة التمكين السياسي بما يواكب مسيرة التنمية والتطور التي تشهدها في المجالات كافة، بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ويواصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نهج الآباء المؤسسين في ترسيخ نهج الشورى، وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار وتمكين المجلس الوطني الاتحادي من ممارسة اختصاصاته الدستورية، من خلال تأكيده على أهمية تعزيز دور المجلس في تبني مختلف القضايا التي تهم أبناء الوطن، وتسهم في تعزيز تطور الدولة وتقدمها.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه رئيس وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي في فصله التشريعي السابع عشر الحالي على أهمية التعاون الفاعل بين المجلس ومختلف الجهات الحكومية من أجل الإسهام في رفد مسيرة التنمية، وتكريس القيم الأصيلة التي يتوارثها أبناء الوطن في الولاء والانتماء والتلاحم الوطني، وصون المكتسبات الوطنية التي تحققت على مدى عقود ماضية.
يأتي هذا فيما تتوالى الخطوات لتنظيم عملية انتخابية وفق أرقى المعايير وبما يتناسب مع تطلعات المجتمع الإماراتي، ويحافظ على المكتسبات التي تمكنت من خلالها دولة الإمارات من تقديم نموذج عمل برلماني يحتذى، يقوم على نهج الشورى والمشاركة الفاعلة في عملية صنع القرار.
وتسعى دولة الإمارات من خلال هذا الاستحقاق الانتخابي إلى تعزيز الدور التشريعي والرقابي للمجلس الذي يضطلع بدور رائد في دعم خطط التنمية المستدامة التي تسير عليها دولة الإمارات بخطى ثابتة لتكون من أفضل دول العالم في مختلف القطاعات.