"اختبار" المنفي بالأمم المتحدة.. خبراء يحددون مفاتيح "الحل الليبي"
أمام الأمم المتحدة، رسم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي الخطوط العريضة للوضع السياسي ببلاده ومفاتيح حلول الأزمة.
وفي كلمة ليبيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ77، قال المنفي إن بلاده تتلمس طريقها نحو بناء المؤسسات وإرساء مبادئ الديمقراطية، مؤكدا التزامها بواجباتها ضمن الجهود الدولية لتجفيف منابع الإرهاب.
رئيس المجلس الرئاسي الليبي ندد كذلك بالتدخل الخارجي في بلاده، والذي يدفع بها نحو المواجهات، معربا عن تطلعه لدور فاعل للأمم المتحدة من خلال القيادة الجديدة للبعثة الأممية.
واحتوت كلمة المنفي على عدة رسائل بخصوص العملية الانتخابية والمشهد السياسي في بلاده، اعتبرها خبراء سياسيون ليبيون أنها طلب لدعم دولي للمجلس الرئاسي للقيام بدور أكبر لإتمام الاستحقاقات المنتظرة.
ويرى الخبراء أن ليبيا تعاني عدة أزمات نتيجة الانحراف عن مسارات برلين والتي كان يفترض أن تنتهي بإجراء الاستحقاق الانتخابي ولذلك ينشد الدعم الدولي، ليكون حلا بديلا لإتمام الاستحقاق حال فشل مجلسي النواب والدولة في التوافق على القاعدة الدستورية للانتخابات.
الوضع الهش
الدكتور يوسف الفارسي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية، قال إن كلمة المنفي أمام الأمم المتحدة كشفت للعالم حقيقة الوضع الهش والمضطرب في الداخل الليبي.
الفارسي أكد لـ"العين الإخبارية"، أن الوضع في ليبيا انحرف عن مسار برلين الذي حدد 3 مسارات لحل الأزمة (سياسية واقتصادية وأمنية)، مطالبا المجتمع الدولي بدعم للعودة لهذا المسار.
وأردف أن المليشيات تستفحل في الداخل الليبي في ظل دعم من بعض الدول لها، والتي تعيث في العاصمة طرابلس فسادا وتدمر الحياة السياسية والمباني وتقتل المدنيين.
ونوه إلى أن المنفي وكلمته المتوازنة تهدفان إلى الظهور بالدور المحايد غير المنحاز، والذي يجب أن يناط به تحقيق الاستحقاقات المختلفة التي عجزت عنها الكيانات السياسية الحالية.
وطالب المجلس الرئاسي الليبي بالتحرك بشكل إيجابي وفعلي حال أراد تحقيق أي نجاح وتنفيذ المهام المنوطة به، وعلى رأسها المصالحة الوطنية وعقد لقاءات مع كافة الأطراف والشروع في إطلاق برنامجها الوطني.
ورأى أن "الرئاسي الليبي وحده ليس لديه القوة الكافية على الأرض لتحقيق تقدم ملموس، ولذلك كشف كل ما لديه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستجلاب الدعم الدولي له للقيام بمهام أكبر في الداخل".
فرصة أخيرة
أما الخبير السياسي الليبي جمال الفلاح فاعتبر أن ليبيا تعاني من أزمة حقيقية في الكيانات السياسية الموجودة بعد انتهاء أجل الاتفاق السياسي، والانحراف عن مسار برلين الذي كان يجب أن ينتهي بالانتخابات ويجب تجديد الشرعية عبر صندوق الانتخابات.
وأوضح أن كلمة المنفي أمام الأمم المتحدة اشتملت عدة مشاريع ونقاطا مهمة ومن بينها إلزام مجلسي النواب والدولة بتحديد جدول زمني لعلمهما بخصوص القاعدة الدستورية للانتخابات، وهي محاولة للضغط الدولي وتحميل المجلسين المسؤولية لإتمام الاستحقاق.
وأضاف أن المنفي بهذا الضغط كأنه يعطي المجلسين فرصة أخيرة لإتمام الاستحقاق، كما يسعى حال فشلهما في التوافق، لتجديد شرعيته وصلاحياته بعد انتهاء الاتفاق السياسي عبر قرارات مجلس الأمن ليتدخل لإتمام القاعدة الدستورية.
ونوه إلى أن "الرئاسي" عليه مسؤوليات أخرى وفقا لخارطة الطريق والاتفاق السياسي من بينها المصالحة الوطنية، والتي تعاني من عراقيل عدة، ولذلك لجأ للأمم المتحدة التي يخاطبها لدعمها لتحقيق تقدم حال فشلت الأجسام الأخرى.
تدخلات سلبية
الصحفي والمحلل السياسي الليبي سالم محمد سويري، رأى بدوره أن كلمة رئيس المجلس الرئاسي ركزت على الوضع الداخلي المنهار نتيجة التدخل السلبي في الأزمة، وتعطيل مسارات برلين بما في ذلك الاستئثار بالسلطة من بعض الأطراف وعدم التوزيع العادل للثروة، وانتشار الفساد المالي.
وأضاف، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن المنفي يعمل على حصر مهام مجلسي النواب والدولة في القاعدة الدستورية، وهي المهمة التي تعاني العديد من العراقيل، بسبب تعنت الطرف الموالي للجماعات المتطرفة.
ونوه إلى أن الرئاسي الذي يشغل مجتمعا منصب القائد الأعلى للجيش عليه أن يعمل على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، ودعم تفكيك المليشيات ونزع سلاحها، وتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم القوات المسلحة التي توقفت رواتبها منذ أشهر طويلة.
والثلاثاء، انطلقت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ77 بحضور لفيف من القادة والرؤساء.