ماركانتونيو يكشف لـ«العين الإخبارية» تعقيدات العلاقة الغريبة بين السلام والاستدامة

ربطت العديد من الدراسات السابقة بين الاستدامة والسلام، واصفة العلاقة بينهما على أنها إيجابية؛ وقد يبدو من المنطقي أن الاستدامة البيئية التي تحافظ على الموارد وتوفرها للسكان والمجتمعات من شأنها أن تقلل الصراعات والنزاعات، والتي غالبًا ما تكون على الموارد.
لكن جاءت دراسة حديثة أثبتت العكس تمامًا؛ إذ وجد مؤلفا الدراسة أن الدول التي شهدت أعلى معدلات السلام، هي الأقل في الاستدامة البيئية. ونشرت النتائج في دورية "كوميونيكاشنز إيرث آند إنفيرونمنت" (Communications Earth & Environment) في 24 أبريل/نيسان 2025.
تواصلت «العين الإخبارية» مع الدكتور ريتشارد ماركانتونيو (Richard Marcantonio)، المؤلف الأول للدراسة، وأجرينا معه حوارًا حصريًا لمعرفة التفاصيل.
إليكم نص الحوار:
كان من المعروف أن العلاقة بين السلام والاستدامة إيجابية، لكن دراستكم تثبت عكس ذلك. هل يمكنكم شرح ذلك من فضلكم؟
تناولت الدراسات السابقة العلاقة بين السلام داخل دولة ما ومقياس محدد للاستدامة داخلها – شمل هذا المقياس مؤسسات الإدارة البيئية وانبعاثات التلوث السام داخل حدودها. وما كان غائبًا هو: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للفرد الواحد من تلك الدولة، والانبعاثات المرتبطة بجميع المواد التي تستهلكها دولة ما.
بسبب العولمة، لجأت العديد من الدول الغنية إلى الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج معظم السلع التي تستهلكها. يؤدي هذا إلى نقل الانبعاثات إلى دول أخرى، غالبًا عن قصد للاستفادة من العمالة الرخيصة ولوائح بيئية أقل، مما يساعد على خفض تكاليف الإنتاج. لذلك، قمنا بنمذجة ما يحدث عند احتساب البصمة البيئية الكاملة التي تتحملها دولة ما، وقد أدى ذلك إلى نتائج مختلفة تمامًا.
ما المنهجية العلمية التي اتبعتموها في إجراء الدراسة؟
اتبعنا نهجًا كميًا مبسطًا للنمذجة لمعرفة ما إذا كان السلام والاستدامة مرتبطين. لقد تعمدنا تبسيط الأمر؛ لأنه إذا كانت العلاقة التي ذكرتها الدراسات السابقة صحيحة، فكان ينبغي أن تظهر البيانات ذلك.
بدلًا من ذلك، أظهرت النتائج أن العلاقة كانت في الواقع عكس ذلك تمامًا، وبصورة قاطعة. نعمل الآن على نهج نمذجة أكثر تعقيدًا لنتمكن من صياغة بيانات أكثر دقة ووضوحًا حول العلاقة بين الاستدامة والسلام، ولكن في هذه المقالة، أردنا "إعادة ضبط" الأمور وتبسيطها ليتمكن الجميع من فهم ما يحدث.
ما أهم النتائج التي توصلتم إليها؟
أهم نتيجة هي أن السلام والاستدامة مرتبطان عكسيًا – فالدول التي تنعم بالسلام داخل حدودها هي أيضًا الأقل استدامة بيئيًا. كما أنها الأقل عرضة لتغير المناخ، والأكثر مسؤولية عنه. وهي أكثر عرضة للمشاركة في صراعات في بلد آخر غير بلدها.
هل تتوقعون أن تتغير هذه العلاقة العكسية بين السلام والاستدامة مستقبلًا مع التقدم التكنولوجي والسياسات الجديدة؟
لا أعلم. من الواضح أن هذه ليست علاقة حتمية – أي أن السلام والاستدامة معًا ممكنان، ولكن يجب أن يكونا خيارًا مقصودًا. يمكن للتكنولوجيا أن تساعد، والسياسات ضرورية لتشكيل الظروف، ولكن ربما يكون من الخطأ القول إن هذين الأمرين وحدهما كفيلان بتحقيق ذلك. أعتقد أنه لا بد من إحداث تحول جذري في السلوك والثقافة البشرية لمواءمة السلام والاستدامة، ولكن ما سيحدث هذا التحول على الأرجح لن يكون نهجًا واحدًا، بل مجموعة من المناهج والأدوات التي تفضي مجتمعة إلى تغيير جذري.
كيف يمكننا جعل السلام جزءًا من الاستدامة؟
أعتقد أننا بحاجة إلى أن نكون جادين في الاستفادة من برامج الاستدامة كوسيلة لبناء السلام. غالبًا ما تكون هذه البرامج أكثر تفاعلية وفرضًا، بدلًا من بناء العلاقات والهوية لتحقيق التماسك الاجتماعي. علينا أن ننتقل من نموذج استخلاصي إلى نموذج مجدد، لنعالج المجتمعات والبيئات في آن واحد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAxIA== جزيرة ام اند امز