السلام بين إسرائيل والسودان.. منافع كبيرة متبادلة
ليس ثمة ثمن تدفعه إسرائيل للسودان مقابل السلام معه ولكن مكاسب بالجملة سيحققها البلدان من التوقيع على اتفاق كبير.
ولأن ليس هناك حدود مشتركة ما بين البلدين فإن الاتفاق المزمع توقيعه ما بين السودان وإسرائيل ليس كبيرا.
ولكن إسرائيل ترى أهمية كبرى لاتفاق مع بلد ارتبط اسم عاصمته باللاءات العربية الثلاث "لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل"، إثر القمة العربية التي عقدت هناك في العام 1967.
وعلى ذلك فإن إسرائيل تأمل أن يقود اتفاق السلام مع السودان إلى مزيد من الاتفاقيات مع دول عربية وإسلامية.
وفي هذا الصدد فإن توقيع مثل هذا الاتفاق سيعطي دفعة كبيرة للحكومة الأكثر يمينية في إسرائيل التي لم تكد تبدأ شهرها الثاني حتى نجحت بما أخفقت فيه الحكومة السابقة خلال نحو العامين.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن منذ اليوم الأول لحكومته، نهاية شهر ديسمبر/كانون الثاني الماضي، بأنها ستسعى لتوسيع دائرة السلام مع الدول العربية والإسلامية.
ويريد نتنياهو بذلك أن يوجه رسالة إلى الغرب تحديدا بأنه في حين ينظر إلى حكومته بأنها معادية للسلام مع العرب فإنها تبرم اتفاقيات سلام مع دول عربية وتتقدم مع دول إسلامية كما حصل مع تشاد التي افتتحت سفارتها في إسرائيل.
واقع جديد
وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، قال بدوره في مؤتمر صحفي عقده في مطار بن غوريون فور عودته من الخرطوم: "نحن نبني واقعًا جديدًا مع السودانيين، تصبح فيه اللاءات الثلاثة هي نعم للمفاوضات بين إسرائيل والسودان، نعم للاعتراف بإسرائيل ونعم للسلام بين الدول وبين الشعوب".
وأشار إلى أن "الاتفاقية التي سيتم التوقيع عليها في واشنطن في وقت لاحق من هذا العام هي تاريخية مع دولة عربية وإسلامية استراتيجية".
واعتبر أن من شأن الاتفاق "أن يعزز الاستقرار الإقليمي ويفتح المجال لإقامة علاقات مع دول أخرى في القارة ويساهم في الأمن القومي لدولة إسرائيل".
وردا على سؤال إن كانت إسرائيل منحت شيئا بمقابل الاتفاق، قال كوهين: "لا يوجد لدينا حدود مشتركة مع السودان، بما يعني أنه في الاتفاقيات السابقة مع الأردن ومصر كانت هناك قضايا أمنية وحدود وتبادل أراضي فإن الحديث يدور الآن عن سلام مقابل سلام يفيد البلدين ويحسن أوضاع السكان ويعزز الاقتصاد وهذا ما يتحدث عنه الاتفاق".
وأضاف: "اتفاقية السلام بين إسرائيل والسودان ستعزز الاستقرار الإقليمي وتسهم في الأمن القومي لدولة إسرائيل".
وكشف النقاب عن أن "الاتفاق ليس طويلا وإنما هو قصير وقد نقلنا الاتفاق إلى وزارة الخارجية".
ورافق كوهين في زيارته إلى الخرطوم، المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية طال بيكر من أجل مراجعة الاتفاق قانونيا بعد أن تم وضع اللمسات الأخيرة عليه.
موعد توقيع الاتفاق
وعما إذا كان هناك موعد متفق عليه لتوقيع الاتفاق، قال كوهين "بالنسبة للموعد، فقد قيل بصورة واضحة، بما في ذلك من قبل رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان بأن الأمل هو أن يتم في أسرع وقت.. هم يريدون ذلك ويفهمون بأنه جيد لهم ونحن كذلك من ناحيتنا في إسرائيل ومستعدين، وحال انتهاء العملية لديهم فإن النية هو أن يتم الأمر بأسرع وقت".
وتأمل إسرائيل أن يقنع الاتفاق مع السودان المزيد من الدول وخاصة في إفريقيا بتوقيع اتفاقيات سلام معها.
وقال كوهين: "الاتفاق مع السودان الذي سيوقع خلال العام الجاري بعد انتقال السودان إلى حكومة مدنية سيجلب من بعده اتفاقيات أخرى".
وأضاف: "نحن نعمل على ضم المزيد من الدول وهو على رأس أولويات وزارة الخارجية وأنا آمل أن تكون هناك المزيد من الاتفاقيات".
وبالمقابل فإن الاتفاق سيعود بمنافع على السودان بما يشمل تسهيل الاتصال مع الولايات المتحدة بعد أن رفعت الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وحرصت إسرائيل والسودان على أن تكون الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جو بايدن على اطلاع كامل بالاتصالات ما بين البلدين.
ولهذا فقد شكر وزير الخارجية الإسرائيلي الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان على دورهم في التوصل إلى اتفاق.
كما أنه حال استعداد السودان للتوقيع فإن مراسم التوقيع ستجري في البيت الأبيض بحضور الرئيس جو بايدن وهو ما يفيد الخرطوم سياسيا.
وتساعد إسرائيل السودان بالاتصالات مع الغرب بما سيعود عليه بالفائدة اقتصاديا.
ولوحظ أن كوهين ضم إلى وفده رئيسة وكالة مشاف الإسرائيلية للتعاون الإنمائي الدولي في وزارة الخارجية إينات شلين.
وتنشط هذه الوكالة في الدول الأفريقية بتقديم المساعدة والخبرة والمشورة في مجالات تنقية وتحلية المياه وتقنيات الزراعة سيما الدفيئات وتوليد الكهرباء.
أما عسكريا وأمنيا فإن السودان يستفيد من الخبرات الإسرائيلية وبخاصة التقنيات العسكرية الحديثة.