الصندوق الأسود للمركبة الفضائية «بير يجرين».. هفوة وراء الفشل الكارثي
تخيّل أنك تحاول بناء نموذج صاروخ، وبعد أشهر من العمل الدقيق، أطلقته أخيراً، ولكن بدلاً من الارتفاع إلى السماء، تأرجح وتحطم وتفكك.
هذه التفاصيل نسخة مبسطة مما حدث لمركبة الهبوط القمرية "بير يجرين".
لدى إطلاق المركبة ساءت الأمور، وانحرفت في الفضاء لمدة أسبوع قبل أن تسقط مرة أخرى على الأرض، حيث احترقت فوق المحيط الهادئ.
واستغرق العلماء وقتاً طويلاً لفهم أسباب المشكلة، حيث تم إرجاعها إلى جزء معيب يسمى صمام التحكم في ضغط الهيليوم (PCV2)، وهو يشبه الصمام الصغير في نظام السباكة الخاص بك الذي ينظم تدفق المياه.
وفي حالة مركبة الهبوط القمرية "بير يجرين"، كان هذا الصمام يتحكم في تدفق الهيليوم، وهو غاز ضروري لعمليات المركبة الفضائية.
ولسوء الحظ، لم يتم إغلاق الصمام بشكل صحيح، على غرار الطريقة التي قد يتسرب بها صنبور متسرب الماء، ولكن بدلاً من الماء، كان الهليوم، وأدى التسرب إلى فشل كارثي.
لم تكن مشكلة الصمام هذه غير متوقعة تماماً، فأثناء البناء، استمرت الصمامات الأصلية في الفشل، لذلك قام الفريق بتغيير الموردين، وتم اختبار الصمامات الجديدة.
وبينما أظهر أحد الصمامات (PCV1) مشاكل وتم إصلاحه، لم يتم فحص الصمام المعيب (PCV2) لأنه كان مدفوناً بعمق في المركبة الفضائية، وكان إصلاحه يتطلب تفكيك المركبة الفضائية، وهو أمر محفوف بالمخاطر ومكلف للغاية.
بعد الفشل، أعاد المهندسون إنشاء الظروف لفهم الخطأ الذي حدث، مثل اختبار نسخة طبق الأصل من الصمام المعيب تحت اهتزازات وضغوط مماثلة، واكتشفوا أن مكونات الصمام أصبحت فضفاضة أثناء الرحلة، مما تسبب في تسربه.
وعلى الرغم من الفشل، تعلم الفريق دروساً قيمة، والتي سيطبقونها على مركبة الهبوط القمرية التالية "غريفين"، المقرر إطلاقها في عام 2025، حيث سيكون لدى جريفين أنظمة محسنة، بما في ذلك نسخة احتياطية في حالة ظهور مشكلة مماثلة في الصمام.
ورغم أن مهمة "بير يجرين" لم تنجح، فقد قدمت لنا رؤى بالغة الأهمية من شأنها أن تساعدنا في البعثات القمرية المستقبلية.