صناعة كسوة الكعبة.. تاريخ أبرز مظاهر الاهتمام بالبيت العتيق
كسوة الكعبة استمر العمل عليها في عهد بني أمية والعصر العباسي وعصر المماليك، وفي عام 1928 افتتحت السعودية أول مصنع لكسوة الكعبة في أجياد
يمثل العهد السعودي امتدادا لصناعة كسوة الكعبة المشرفة التي بدأتها "قريش" واستمر عليها الخلفاء الراشدون مرورا بمختلف الحقب والأزمنة كأهم مظاهر الاهتمام بالبيت العتيق.
وعُرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كساها بالثياب اليمانية، ثم كساها الخلفاء الراشدون من بعده، أبو بكر وعمر بالقباطي، وعثمان بن عفان بالقباطي والبرود اليمانية؛ حيث أمر عامله على اليمن "يعلى بن منبه" بصنعها؛ فكان عثمان أول رجل في الإسلام يضع على الكعبة كسوتين، إحداهما فوق الأخرى.
واستمر العمل في كسوة الكعبة في عهد بني أمية، والعصر العباسي، وعصر المماليك، وفي عام 1982 (1346هـ)، أصدر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة في أجياد، فكانت أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة.
ووفرت الحكومة السعودية الإمكانيات اللازمة لصناعة الكسوة من الحرير الأسود وتوفير الفنيين اللازمين للعمل في شتى المراحل، وكانت تلك الكسوة تتمتع بحسن الحياكة وإتقان الصنع وإبداع التطريز.
ووثقت دارة الملك عبدالعزيز تاريخ صناعة كسوة الكعبة؛ حيث كانت أول كسوة في العهد السعودي عام 1928 وأنتجت في دار الكسوة التي بدأ عملها في هذا العام، واستمرت في صناعتها حتى عام 1939 (1358هـ)، ثم أغلقت الدار، وفي عام 1961 (1381هـ) تمت إعادة فتح وتشغيل مبنى تابع لوزارة المالية بحي جرول، يقع أمام وزارة الحج والأوقاف سابقا، وأسندت إليه إدارة المصنع، وظل هذا المصنع صنعت الكسوة الشريفة حتى عام 1976 (1397هـ)؛ حيث نقل العمل في الكسوة إلى المصنع الجديد، الذي تم بناؤه في أم الجود بمكة المكرمة، وما زالت الكسوة الشريفة تصنع به حتى وقتنا الحالي.
وعلى خطى الملك عبدالعزيز، واصل أبناؤه البررة من بعده العناية بالكعبة وكسوتها خير عناية وتعظيم؛ فصدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، على تحديث وتغيير الأنظمة الإلكترونية والأجهزة الكهربائية والمعدات الميكانيكية بمصنع كسوة الكعبة المشرفة بما يوافق الأنظمة المستحدثة، وتعد هذا الخطوة نقلة تطويرية متقدمة في مجال صناعة رداء الكعبة المشرفة ولا تزال في قيد التطور.
وصدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بتغيير اسم مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة وذلك في عام 2017 (شعبان 1438هـ).
يذكر أن مراحل صناعة كسوة الكعبة المشرفة تمر بمجموعة من الأقسام الفنية والتشغيلية منها الصباغة، ثم النسيج الآلي الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية، ثم قسم المختبر حيث يجري الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية من أجل التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها عوامل التعرية، إضافة إلى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك، وتأتي بعدها مرحلة تطريز الحزام وخياطة الكسوة وأخيرا وحدة العناية بالكسوة.
وعقب انتهاء جميع مراحل الإنتاج والتصنيع وفي منتصف شهر ذي القعدة تقريبا يُقام حفل سنوي في مصنع كسوة الكعبة المشرفة يتم فيه تسليم كسوة الكعبة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام وبدوره يسلمها للرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وتأتي آخر قطعة يتم تركيبها وهي ستارة باب الكعبة المشرفة وتعد أهم مراحل عملية تغيير الكسوة، وبعد الانتهاء منها تتم عملية رفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، وبارتفاع نحو 3 أمتار من شاذروان "القاعدة الرخامية للكعبة" والمعروفة بعملية "إحرام الكعبة"، ويرفع ثوب الكعبة المشرفة بهدف حمايته.
وتستبدل الكعبة كسوتها مرة واحدة كل عام وذلك أثناء فريضة الحج، فبعد أن يتوجه الحجاج إلى صعيد عرفات، تقوم الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف بمتابعة تغيير كسوة الكعبة المشرفة وإسدال الثوب الجديد عليها؛ استعدادا لاستقبال الحجاج في صباح اليوم التالي يوم عيد الأضحى المبارك.
aXA6IDE4LjExNi4xMi43IA== جزيرة ام اند امز