العدالة والتنمية المغربي.. صراع القيادة ينسف وهم "الديمقراطية الداخلية"
لا يزال الغليان عنوان الوضع الداخلي بحزب العدالة والتنمية المغربي، خاصة في ظل ضبابية موعد عقد المؤتمر المُقبل للحزب.
مصدر قيادي في الحزب الإخواني المغربي رفضت الكشف عن هويتها، أكدت لـ"العين الإخبارية"، أن موعد عقد المؤتمر الوطني للحزب لم يتم الحسم فيه بعد.
هذه الخُطوة أثارت غضبا في صفوف القواعد الذين كانوا يُعولون على القيادة الجديدة لإعادة الاعتبار لـ"الآلية الديمقراطية الداخلية"، بحسب تعبير المصدر.
وعلقت القواعد آمالها على عبدالإله بن كيران، الأمين العام الحالي للحزب، بإعادة الأمور إلى نصابها، والاستماع إلى نبض القواعد وإنقاذ ما تبقى منه.
إلا أن القيادة الجديدة -حسب المصادر ذاتها- تنهج نفس سياسات سابقتها، بل بـ"أسلوب أسوأ".
وأوردت المصادر أن أول الانتظارات التي كانت لدى أعضاء الحزب، وضع سقف زمني وبرنامج واضح للإعداد للمؤتمر العادي، إلا أن بن كيران أعطى لنفسه ورقة بيضاء للتحكم في مفاصل التنظيم.
وتتمثل هذه الورقة في منح نفسه ولاية مفتوحة غير محددة بموعد مُحدد لعقد المؤتمر العادي، الذي كان من المتوقع أن يُعقد الشهر المُقبل.
وأكد أن هذه الخُطوة تضرب بشكل مباشر في الديمقراطية الداخلية للحزب والتداول على القيادة الذي يُعززه القانون المغربي والممارسة السياسية في البلاد بشكل عام.
ابتزاز
مصدر ثانٍ من الحزب، أكد لـ"العين الإخبارية"، رافضاً كشف اسمه، أن بن كيران يُمارس الآن ما يُمكن تسميته بـ"الابتزاز التنظيمي".
ويتجلى هذا "الابتزاز" في تخيير الحزب ما بين سيئ وأسوأ، موضحاً أن القيادات سواء القديمة أو الجديدة، أقنعت القواعد أنه لا خيار ثالث متجدد يبث دماء جديدة في التنظيم.
ولفت إلى أن بن كيران يسوق نفسه على أنه "المُنقذ" للحزب، في أعقاب السقطة الانتخابية التاريخية الأخيرة.
إلا أنه في نفس الوقت يُمارس تصرفات مُناقضة لتصريحاته، خاصة حينما تجاوز الأعراف الديمقراطية للتنظيمات الحزبية، والمُتمثلة أساساً في التداول على التدبير الحزبي، بحسب المصدر ذاته.
ويُحاول الرجل والتيار الموالي له ربح الوقت بهدف بسط سيطرته على التنظيم، وذلك بإعادة هيكلة مؤسساته والقضاء على الموالين لتيار سعد الدين العثماني ومن معه.
وبدا واضحاً هذا السلوك، يضيف المصدر، من خلال الأسماء التي فرضها بن كيران في الأمانة العامة الحالية، والتي عمل فيها على اختيار أسماء، وإن كانت شابة، إلا أن "باعها" النضالي محدود جداً، بحسب تعبيره.
أحلاهما مُر
ويوجد التنظيم الإخواني المغربي بين خيارين أحلاهما مُر، يتجلى الأول في الانصياع إلى القيادة الجديدة والمُضي قُدماً في سياسة بسط السيطرة وإقصاء الرأي المُخالف.
أما الثاني فهو العودة إلى القيادة القديمة التي جرت الحزب إلى قاع المشهد السياسي، بعدما كان مُتصدراً له باكتساح كبير للمقاعد البرلمانية.
وبين الخيارين، يورد المصدر، يجني الحزب سياساته المبنية على نظام "الشيخ والمريد"، الذي يُلغي للقواعد إرادتها ومواقفها ويجعلها تابعة مُنصاعة لقرارات القيادة.
وخلفت هذه السياسة التنظيمية فراغاً على مستوى الشخصيات القيادة داخل الحزب، وهو ما يُبرر الانفراد بتدبير شؤونه بين فصيلين اثنين، يورد المصدر.
وأوضح أن الأزمة الحالية التي يعيشها التنظيم الإخواني راجعة بالأساس إلى غياب بدائل شابة بإمكانها قيادة الحزب مكان القيادات الحالية والتي وصل وقت رحيلها.
طاقات مهدورة
وبمُقابل التضييق على الطاقات الشابة، تنهج قيادات التنظيم الإخواني سياسة الدفع بشباب "تابعين" لتأثيث المشهد التنظيمي، مُقابل إقصاء أشخاص عُرفوا بحسهم النقدي.
وفي هذا الصدد، يورد المصدر مجموعة من الأمثلة لشباب قرروا الانسحاب من التنظيم، والالتحاق بأحزاب أخرى تمنح مساحات اشتغال أكبر، بعدما تم التضييق عليهم داخل التنظيم الإخواني.
ويُعلق المصدر قائلا: "الكثير من الأسماء كانت تتعرض للتضييق والقمع من طرف القيادات، سواء بن كيران أو سعد الدين العثماني، أو من يدور في فلكهما.
هذا التضييق، دفع بهم إلى الالتحاق بأحزاب مُنافسة، ليسطع نجمهم ويتبوؤوا مناصب تدبيرية مهمة، سواء داخل هذه الأحزاب أو حتى في المجالس المُنتخبة، ما يعني أن المُشكل في الحزب لا في شبابه.
وأرجع ذلك إلى سياسات الإقصاء التي تمارس في حق الأشخاص ذوي الحس النقدي، وأصحاب المبادرات التجديدية، سواء على المستوى التنظيمي الداخلي أو حتى السياسي.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjYuMTI3IA== جزيرة ام اند امز