قصائد "محمد بن راشد" تلهم "لي دونجشيا" وتنشرها باللغة الصينية
في قلب مدينة دبي تستقر واحة ثقافية وارفة الظلال تمد روادها وزوارها بشتى صنوف الفكر والثقافة والعلوم متجاوزة الاختلافات.
في البهو الكبير لمكتبة محمد بن راشد، المنارة الثقافية الجديدة في دبي ودولة الإمارات، ووسط جدران تمتلئ بالكثير من كنوز المعرفة العربية وغيرها، وفي أجواء من البهجة التي ترتسم على وجوه الحاضرين من الجالية الصينية، ملأت القاعة نغمات تعزفها فتاتان على آلات القوتشين لتتجاوز الموسيقى حواجز اللغة والثقافة وتذوب فيها الاختلافات، لتمد جسوراً من التواصل بين جميع البشر مشكّلة لغة عالمية تطرب لها الروح قبل أن يترجمها العقل.
ظهرت "لي دونجشيا" رئيسة جمعية الخطاطين الصينيين العالمية في الخارج، ورئيس جمعية تشيباو الإماراتية، تفرش أدواتها على منضدة ذات طراز عربي، وتحت ضوء الشمس يسطع زيها الصيني التقليدي المزركش، وشرعت تخطط بأناملها القصائد المٌلهمة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على أوراق الأرز، لتكتبها باللغة الصينية، وتكسر صمت القاعة وسط نبرات إعجاب الحضور.
واختارت "لي" إحدى القصائد لتبدع في رسمها؛ تلك التي استهلها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في كتاب "رؤيتي" بقصة جميلة تبعث في نفس قارئها روح العمل ودفء الأمل، بمقولته: "مع إطلالة كل صباح في إفريقيا يستيقظ الغزال مدركاً أن عليه أن يسابق أسرع الأسود عدواً، وإلا كان مصيره الهلاك، ومع إطلالة كل صباح في إفريقيا يستيقظ الأسد مدركاً أن عليه أن يعدو أسرع من أبطأ غزال، وإلا أهلكه الجوع، لا يهم إن كنت أسداً أو كنت غزالاً، فمع إشراقة كل صباح يتعين عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح".
وبدأت "لي دونجشيا" تحكي لوكالة أنباء الإمارات "وام" قصة وجودها ضمن الجالية الصينية في دبي منذ عام 2000 واختيار الإمارات لتكون بلدها الثاني بعد الصين، لترسم فيها قصة نجاحها لما يقرب من ربع قرن من عمرها، وتبرز من خلال فن الخط الصيني والرسم، مدى عمق الصداقة الصينية العربية، وإنشاء صورة جيدة للصينيين في الخارج، من خلال استخدام الخط والرسم كناقل ليصبحوا ناشرين للثقافة الصينية وتعزيز وتطوير العلاقات الودية بين البلدين.
وقالت إن "دبي مدينة منفتحة وشاملة، تسمح للجنسيات والثقافات المختلفة بإظهار الانسجام وتبادل الخبرات والابتكارات؛ عصر اليوم هو عصر عظيم، يمنحنا الفرصة لإظهار مواهبنا، والتحلي بالحكمة والشجاعة لمواجهة المستقبل، ولدينا الثقة في خلق المجد والنجاح اللذين ينتميان إلى هذا العصر".
وأكدت "لي" المنحدرة من مقاطعة شياو - أنهوي، أنها تحرص دائماً على إبراز أنواع الفن التقليدي الصيني في كل مناسبة، ومدى أهمية العادات والثقافة الصينية، حيث شاركت في مهرجان دبي الصيني تشينجمينج بعيدًا في أعماق الصحراء في دبي، وأيضاً في حفل مهرجان الربيع الصين وغيرها؛ معتبرة أن الثقافة والفنون ليست فقط ترنيمة جميلة وإنما إشادة بالإنجازات التنموية للوطن .
وأوضحت "لي"، أن نقل وتعزيز الثقافة الصينية خارج الوطن مسؤولية والتزام، ووصفت فنها بأنه قوة ناعمة تنتقل من خلال حبر جيانجنان ينقلها أحفاد يانهوانج علي ظهر الخيول الجنكية، وعبر آلاف الأميال من تشانجوان، لتنتقل معها صورة قوية ومتفائلة لمزيج من الأفكار ونسج أجمل القصائد لأبناء الوطن من الجالية الصينية في البلدان المختلفة ومنها دولة الإمارات، لافتة إلى أن الكثير من زوار المناسبات الصينية يشعرون بعودتهم إلى عصر كونفوشيوس ومنغ، لتسمح للجمهور بالشعور بمشاعر وأحلام الحكماء القدامى، ما يفسر مزيج التقاليد مع الحداثة.
وخلال الأعوام الماضية، شاركت "لي" في أكثر من مناسبة ثقافية في دولة الإمارات، فضلاً عن العديد من أنشطة التبادل الثقافي الصيني العربي مثل الخط والرسم والاتصالات والمعارض والمحاضرات الصحية والثقافية وغيرها، كما أنها قدمت تلك الثقافة الصينية العميقة عبر استعراضات منها "هان تانج"، ورقصة أوبرا بكين "قصيدة زهرة الكمثرى"، وتشيباو "لمسة من البخور الخام"، وأداء كتاب ياو النسائي "كتاب الأسطوري السماوي"، و"القلب الأولي".
ولفتت لي دونجشيا إلى أنها وباعتبارها رئيسًة لجمعية الخطاطين الصينيين في الخارج، قامت بتدريس فن الخط للمجتمع الصيني المحلي طوال الأعوام الماضية، وأشارت إلى العرض الذي استقطب أكثر من 1000 صيني مغترب من 32 دولة جاءوا إلى دبي، أمام برج خليفة في 2017، ليعبر عن شمولية دبي وتسامحها مع الثقافة الأخرى كعاصمة للفنون والثقافة، علاوة على المعرض العالمي الكبير للخط الصيني والرسم، حيث تم عرض 500 عمل فني وقام 300 فنان مشهور من 77 دولة بإنشاء لوحة حصان طويلة بطول 100 متر في وسط صحراء دبي.
وحصلت "لي" على العديد من الجوائز في فن الخط والرسم في أكثر من 20 دولة، من بينها 5 أعمال فنية للخط تم نقشها على الحجر في مقاطعات مختلفة من الصين، وتشرف "لي" كونها رئيس جمعية تشيباو الصينية ورئيس مركز الاتصال الثقافي الصيني، رئيسة مجلس إدارة جمعية الإمارات للخط الصيني، وأيضاً تعمل مديرة لجنة تنظيم أداء CNY Gala، والرئيسة الفخرية لجمعية المرأة الإماراتية الصينية والرئيس الفخري لجمعية الإمارات للثقافة والتعليم الصينية.