الأوسكار والانتخابات.. أمريكا غارقة في رمال "السوشيال ميديا"

من جوائز "الأوسكار" إلى الانتخابات العامة، بات تأثير منصات التواصل الاجتماعي واضحا؛ يحدد الأولويات ويؤثر على النتائج المرجوة.

هذا التأثير المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي ظهر في حملات الترشيح لجوائز أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة؛ "الأوسكار"، وبروز اسم الممثلة أندريا ريسبورو.

وقالت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، أمس الجمعة، إنها ستراجع حملات الترشيح لجوائز هذا العام، وذلك بعد يوم من تقرير إعلامي أثار تساؤلات بشأن الترشيح المفاجئ للممثلة البريطانية ريسبورو.

ويوم الثلاثاء، تم ترشيح ريسبورو لأفضل ممثلة عن دورها كأم عازبة مدمنة على الكحول في فيلم تو ليزلي (إلى ليزلي) الذي لم يحظ بكثير من المشاهدة، مما أحدث صدمة لدى النقاد الذين لم يتوقعوا أن تكون ضمن الترشيحات.

ذكر موقع باك الإخباري يوم الخميس، أن هذا الترشيح غير المتوقع أثار تساؤلات حول ما إذا كانت حملة قوية لصالح ريسبورو على منصات التواصل الاجتماعي، قد انتهكت قواعد الضغط التي وضعتها الأكاديمية.

الأكاديمية قالت في بيانها أمس الجمعة قالت فيه إن المنظمة "تجري مراجعة لإجراءات الحملة حول المرشحين لهذا العام، لضمان عدم انتهاك أي إرشادات". ولم يذكر البيان اسم ريسبورو.

وقال البيان إن المراجعة تهدف أيضا إلى "إعلامنا بما إذا كانت هناك حاجة لتغييرات في المبادئ التوجيهية في عصر جديد من وسائل التواصل الاجتماعي والتواصل الرقمي".

وتحد الأكاديمية من كيفية تواصل الممثلين عن الشركات السينمائية مع الناخبين وما الذي يمكن أن يقولوه في أي اتصال كجزء من حملات الأوسكار الخاصة بهم.

وحصد فيلم (تو ليزلي) على 27 ألف دولار في شباك التذاكر منذ عرضه في أكتوبر/تشرين الأول، وفقا لما ذكره موقع بوكس أوفيس موجو.

ورغم فشل الفيلم في شبابيك التذاكر، اعتمد على حملة ضخمة في "السوشيال ميديا"، تضمنت رموزا فنية كبيرة، لدفع الناس لمشاهدته والتأثر به، ثم دفع ممثلته الرئيسية لقائمة الأوسكار.

التأثير على الانتخابات

هذه الواقعة الفنية تبرز إلى حد كبير مدى تأثير منصات التواصل الاجتماعي في كل مناحي الحياة، وخاصة الجوانب الاجتماعية والسياسية؛ كل ما يتطلب تصويتا أو تأثيرا على قاعدة كبيرة من الناس. 

 ففي السياسة، كان تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الانتخابات واضحًا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

إذ استغل باراك أوباما وسائل التواصل الاجتماعي في حملته الرئاسية الأولى لحشد غالبية الناخبين والفوز بانتخابات عام 2008.

هذه الحملة الرئاسية الناجحة بنيت على حقيقة أن  حوالي 74% من مستخدمي الإنترنت استخدموا الشبكة للحصول على أخبار الانتخابات خلال حملة أوباما الأولى، وهو ما يمثل 55% من إجمالي السكان البالغين في ذلك الوقت، وفقًا لمركز بيو للأبحاث.

كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا قويًا في الانتخابات المحلية أيضًا، ,وهو ما بدا واضحا في منافسة الديمقراطي بيتو أورورك للسيناتور الحالي تيد كروز في انتخابات مجلس الشيوخ بولاية تكساس عام 2018.

ففي هذا الاقتراع، الذي وصل لمرحلة الإعادة وحسم بفارق ضئيل للغاية لصالح كروز، استخدم أوروك السوشيال ميديا بشكل استثنائي لتحدي سيطرة كروز على المقعد لسنوات طويلة وشعبية الأخير الكبيرة في المناطق الريفية بالولاية.

ووفق إحصاءات مراكز بحثية، حطم سباق مجلس الشيوخ في تكساس لعام 2018 الرقم القياسي لأكبر قدر من الأموال التي يتم إنفاقها في سباق برلماني، إذ أنفق في الاقتراع 93 مليون دولار تم جمع وإنفاق الكثير منها على إعلانات وفعاليات على منصات التواصل الاجتماعي.

قوة الخوارزميات 

وتقنيا، سواء كان ذلك على فيسبوك أو تويتر أو تيك توك أو سناب شات أو إنستغرام، فإن الشركات تصمم منصات الوسائط الاجتماعية لنقل المعلومات للأشخاص بناءً على عوامل محددة، هي المعلومات الديموغرافية (العمر والجنس والموقع)، والاهتمامات (على سبيل المثال: كرة القدم أو الموسيقى أو التصوير الفوتوغرافي)، أو التفاعل (إبداءات الإعجاب أو النقرات أو الوقت المستغرق في صفحة ما). 

بعبارة أبسط، عندما يتفاعل المستخدم مع محتوى ما عبر الإعجاب، والنشر، والنقر، والقراءة، تُظهر المنصة الاجتماعية للمستخدم مزيدًا من المحتوى من نفس النوع، وهو ما ينطبق على السياسة.

وبناء على المعلومات التي تجمعها منصات التواصل عن المستخدم، يمكنها تصنيفه في قوالب معينه (جمهوري أو ديمقراطي أو متردد في التصويت)، وبيع إمكانية استهدافه بالإعلانات والمحتوى السياسي للمرشحين والأحزاب والشركات. 

ويبلغ عدد مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة حتى نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، 302 مليون مستخدم، ينشط 78% منهم على "فيسبوك" ما يجعله الأكثر استخداما في البلاد.

وبين هذا الرقم الضخم من المستخدمين، يعتمد 26% على منصات التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار، ما يجعلهم قاعدة مستهدفة لمحاولات التأثير السياسي عبر الفضاء الإلكتروني.