رغم مخاطره على الأمهات.. انتشار الإجهاض في باكستان

باكستان تعد سادس أكثر بلدان العالم تعدادا بالسكان (207 ملايين نسمة)، وقد تتخطى عتبة الـ300 مليون نسمة قبل 2040، بحسب الأمم المتحدة

تبلغ السيدة زمينه 35 عاما، ولها 5 أولاد، ولا تريد طفلا سادسا خلافا لزوجها، فقررت الإجهاض عندما حملت مجددا على غرار أكثر من 2,2 مليون باكستانية تتعرض للأمر نفسه سنويا بسبب عدم استخدام أي وسيلة منع حمل.

• نيكول كيدمان: حزينة على طفلين أجهضتهما خلال زواجي من توم كروز

وتوضح هذه المرأة المقيمة في بيشاور، شمال غرب البلاد: "قبل 3 سنوات، عندما ولدت ابنتي، قالت لي الطبيبة إن عليّ التوقف عن الإنجاب بسبب بنيتها الجسدية الضعيفة".

وتؤكد زمينة- وهو اسم مستعار- أنها اقترحت مرات عدة على زوجها اعتماد وسائل منع الحمل، لكن هذا الأخير "الملتزم دينيا" رفض لأنه كان يريد أطفالا من الذكور رغم أنها أنجبت له 4 صبيان.

وتسمح باكستان، البلد المسلم المحافظ، بالإجهاض في حال كانت صحة الأم في خطر، غير أن أطباء كثيرين يرفضون إجراء هذه العمليات بدافع تحريمها دينيا، ورغم ذلك، تعمد الباكستانيات للإجهاض بأعداد كبيرة، وتتناول هؤلاء النسوة وحيدات مادة تباع في الصيدليات مخصصة لمعالجة التقرحات وتتسبب في سقوط الجنين لكنها قد تسبب مضاعفات خطيرة وأحيانا مميتة.

وكانت زمينه، التى تخشى أن تعرف أسرتها أنها تنوي إجهاض جنينها، اتصلت بمستشارة في جمعية تحمل اسم "أوير جيرلز" (فتيات واعيات) لطلب المساعدة بشأن الإجهاض.

واستمعت لها عائشة الموظفة في هذه الخدمة، مطوّلا مقدمة لها نصائح للطمأنة، وكررت على مسمعيها القول "مشكلتك ستحل"، مع تقديم نصائح لها بشأن الدواء الواجب عليها شراؤه والجرعات المطلوب تناولها، وتلفت عائشة إلى أن "النساء عندما يتصلن يكنّ مستعدات لفعل أي شيء للإجهاض"، مضيفة: "عملي ينقذ حياتهن".

وتوضح غلالئي إسماعيل، إحدى مؤسسي "أوير جيرلز": "نعرف نسوة توفين لأنهن أردن الإجهاض".

وهذا ما دفع إلى إطلاق خدمة "سهيلي" ("صديقة" بلغة الأردو) للمساعدة الهاتفية، والتي تقول غلالئي إسماعيل إنها "تسد نقصا كبيرا" في بلد تنعدم فيه التربية الجنسية بصورة شبه كاملة ويتباهى رجاله بوفرة النسل.

وفي كل شهر، تتلقى عائشة 350 اتصالا من نساء "لا يعرفن عموما أي شيء عن وسائل منع الحمل النسائية"، وتوضح عائشة: "هن يعرفن الواقيات الذكرية فقط".

وبحسب إحصائيات رسمية، فإن 35% فقط من الباكستانيات يستخدمن وسائل منع الحمل مع أن هذه الوسائل مدعومة رسميا وتباع بأسعار زهيدة، فسعر حبة منع الحمل يبدأ بـ20 روبية (14 سنتا من الدولار) فيما لا يتعدى سعر اللولب الرحمي 400 روبية (حوالى 3 دولارات)، وتؤكد منظمة "جرينستار" غير الحكومية المروجة لهذه المنتجات أن 35 ألف صيدلية تبيع منتجاتها في البلاد، غير أن عدد النساء اللواتي يستخدمن هذه الوسائل لا يسجل نموا.

وبحسب إحصائيات رسمية، فإن 35% فقط من الباكستانيات يستخدمن وسائل منع الحمل، ويقول الطبيب هارون ابراهيم من منظمة "جرينستار" إن "السلطات لم تستطع جعل تحديد النسل من المسائل الطارئة في باكستان".

وحدهما الجنرال أيوب خان الذي ترأس باكستان بين 1958 و1968، وبنازير بوتو رئيسة الوزراء بين 1988 و1990 ثم بين 1993 و1996 أوليا أهمية لهذه المسألة.

وواجهت الحملات الأولى بينها ما حمل شعار "طفلان يكفيان"، رفضا من المرجعيات الدينية ومن الجهات الداعية لزيادة سكان باكستان للتفوق عدديا.

وأقر رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بهذا النقص في "الإرادة السياسية، متعهدا إجراء حملات للترويج لوسائل منع الحمل عبر وسائل الإعلام والهواتف المحمولة وفي المدارس والمساجد"، وشدد على أن "علماء الدين لهم دور محوري ليؤدوه".

غير أن مجلس العقيدة الإسلامية في باكستان، المرجعية الدينية العليا في البلاد وتؤدي دورا استشاريا للحكومة، لم يتعاون في هذا المجال، وأفادت مصادر به بأن الحملات الحكومية للتشجيع على تحديد النسل "يجب وقفها فورا".

مع ذلك، الوضع الحالي ينذر بعواقب صحية خطيرة، فنصف حالات الحمل مرغوب فيها في باكستان وفق معهد "جوتماتشر" الأمريكي الذي يشكل مرجعية في البحوث بشأن الصحة الإنجابية، وربع حالات الحمل تنتهي بالإجهاض، مع تسجيل 2,25 مليون عملية لإنهاء الحمل في 2012، بحسب آخر دراسة لهذا المعهد الأمريكي، الذي يصنف باكستان بين البلدان الأكثر تسجيلا لعمليات إجهاض في العالم.

ويقول المسؤول السابق في صندوق الأمم المتحدة للتنمية في باكستان، حسن محتشمي: "لقد تخلينا عن النساء في هذا البلد، الإجهاض ليس طريقة لتحديد النسل".

هذه الحالة الطارئة لا تقتصر على الجانب الاجتماعي، فباكستان وهي سادس أكثر بلدان العالم تعدادا بالسكان (207 ملايين نسمة)، قد تتخطى عتبة الـ300 مليون نسمة قبل 2040 بحسب الأمم المتحدة، إلا أن البلاد تعاني شحا خطرا في المياه، وقال الرئيس السابق للمحكمة العليا الباكستانية ميان نزار أخيرا إن النمو السكاني تهديد كبير على وجود البلاد".