أفراح المولد النبوي تطوي ظلام "داعش" في الموصل (صور)
على جدران وفي أزقة لا تزال تحتفظ بآثار الرصاص والخراب الذي خلّفه إرهاب "داعش" وحروب التحرير، تتزاحم لافتات وتهنئات المودة والتآخي والسلام في مدينة الموصل القديمة، شمالي العراق.
يعيش سكّان تلك الأحياء الأفراح والبهجة بذكرى المولد النبوي الشريف، عبر طقوس تمارسها العوائل في مناطق المدينة العتيقة، بتوزيع الطعام على بيوت الجيران وتزيين شرفات المنازل بالبالونات الملوّنة، مع دعوات باستتباب الأمان وعودة الحياة إلى طبيعتها.
يقول مخلص هزاع، أحد سكان الموصل: "جرت العادة أن نحتفل في تلك المناسبة العطرة التي تجمع المسلمين كافة تحت خيمة المولد النبوي".
ويضيف هزاع لـ"العين الإخبارية" أن "العوائل تستبق ذلك اليوم بتنظيف المنازل وتهيئتها لاستقبال المولد النبوي. يترافق مع ذلك غسل الشوارع وتعليق اللافتات التي تتصدرها عبارة (محمد قدوتنا) وصولاً إلى ليل الاحتفال بتلك المناسبة".
ويتابع: "ليس الأمر محصوراً عند تلك المنازل والبيوت فهناك تكبيرات المساجد وأصواتها التي تملأ فضاء المدينة تهليلاً وتكبيراً بمولد النبي".
ويروي الرجل الأربعيني لحظات صعبة عاشتها المدينة خلال السنوات الأخيرة: "المدينة عاشت مراراً إبان سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. وبات الناس اليوم يتعطشون لمناسبة تُطلِق من خلالها الفرح والابتهاج".
في ممرات المدينة الضيّقة، عادة ما يتجمع الصبية في انتظار المارة على أمل الحصول على الحلوى، فيما يحمل آخرون أعلاماً صغيرة كُتِب عليها عبارات تختص بالمولد النبوي.
وتعد الموصل القديمة آخر معاقل "داعش" إبان سيطرته على أجزاء واسعة من العراق في صيف 2014.
وكلف استرجاع المدينة ثمناً باهظاً في معارك استمرت نحو 10 أشهر خلفت خسائر بشرية كبيرة وأطناناً من الخراب الذي أحال الموصل لمدينة أشباح شبه مدمرة.
وخلال حكم تنظيم "داعش" للمدن المحتلة عمد إلى منع الكثير من الممارسات والطقوس والعادات الاجتماعية بدوافع فتاوى التطرف، من بينها تحريم الاحتفال بالمولد النبوي ووصفها بـ"البدعة".
تقول "أم عمر" وهي سيدة خمسينية تسكن داراً عند أطراف المدينة القديمة إن "الاحتفال بتلك المناسبة يعزز الأمان لدينا باستذكار نبي الرحمة، وكذلك تأكيد بأننا تجاوزنا ذلك العصر الذي حُرَّم فيه كل شيء علينا بدين واهٍ غير حقيقي".
وتضيف "أم عمر" لـ"العين الإخبارية" أن "الاحتفال هذا العام جاء مختلفاً وشهد مشاركة واسعة من الأهالي لفرحة المولد، حيث تجري حفلة ختان جماعي للذكور من أبناء الحي وهي عادة توارثناها".
وعند ملعب الدواسة في الجانب الأيمن من الموصل نظمت أمانة البلدية في المدينة وبالتعاون مع مديرية الوقف السني احتفالاً مركزياً حضره المئات من المسؤولين والعوائل للاحتفال بذكرى المولد النبوي.