لماذا تحول باريس سان جيرمان إلى وصمة في تاريخ المدربين؟
على الرغم من أن تدريب فريق عالمي مثل باريس سان جيرمان يعد ميزة وإنجازا يمكن أن يضاف لسيرة أي مدرب، فإن هذا ليس الحال على أرض الواقع.
وعانى باريس سان جيرمان، منذ تحول ملكيته إلى جهاز قطر للاستثمار وتولي ناصر الخليفي رئاسته، من أزمة تتعلق بالتدخل الإداري في عمل المدربين، وهو ما تسبب أكثر من مرة في رحيل المديرين الفنيين عن الفريق.
ولا ينجح باريس سان جيرمان في تعديل أحواله وتحقيق أهدافه الكبرى المنشودة رغم كثرة تغيير المدربين، لأن السبب الرئيسي لتغيير المدربين لا يكون بالأساس فنياً.
أين تكمن أزمة باريس سان جيرمان؟
باريس سان جيرمان ربما يكون النادي الأفضل في العالم على الصعيد المالي، خاصة حين يتعلق الأمر بالرواتب أو المنافسة على صفقة ما مع ناد آخر، وليس هناك دليل على ذلك أكبر من نجاحه في جلب الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي من برشلونة، وقبله البرازيلي نيمار دا سيلفا، والفرنسي كيليان مبابي.
باريس متمرس على ضم النجوم وهم نجوم بالفعل، فهو لم يفعل مثل ليفربول الإنجليزي أو بايرن ميونخ الألماني اللذين كانا محطة لتحويل لاعبين مثل المصري محمد صلاح والأوروجواياني لويس سواريز والبولندي روبرت ليفاندوفسكي إلى نجوم عالميين، فهو يأخذهم في أوج فترة لمعانهم.
وحتى في حالة كيليان مبابي، فإن توهج اللاعب كان في موناكو الفرنسي، وشهرته جاءت من نجاحاته مع منتخب فرنسا أكثر من تألقه مع باريس.
لكن على أرض الواقع فإن أندية تنفق أقل وأقل كثيراً من باريس نجحت في إحراز هدف باريس الأول، وهو دوري أبطال أوروبا، بينما فشل الفريق العاصمي في تحقيق اللقب، ومن أمثلة ذلك أندية بايرن ميونخ وليفربول وريال مدريد وبرشلونة وحتى تشيلسي الذي ينفق ببذخ هو الآخر على الصفقات.
لكن ما يعاني منه باريس سان جيرمان هو مجموعة عيوب، حدد الفرنسي زين الدين زيدان ضرورة التخلص منها كشروط قبل أن يتولى تدريب فريق العاصمة الفرنسية في المستقبل، وفقا للتقارير.
ونشر موقع "فوت ميركاتو" الفرنسي أن زيزو لديه بعض الشروط الخاصة بعمله في باريس، من بينها عدم تدخل ناصر الخليفي رئيس النادي في عمله الفني أو في سياسة التعاقدات.
وقد ظهر جلياً في ميركاتو صيف 2022 التاريخي أن باريس سان جيرمان يجلب الأسماء والصيت والشهرة أكثر من جلب لاعب يريده مدرب أو يدعم مركزا يعاني منه الفريق.
والدليل أن باريس لم يضم مدافعا متميزا، واكتفى بضم قائد ريال مدريد التاريخي سيرجيو راموس في هذا المركز، ليكتشف لاحقاً أن اللاعب يعاني من إصابة طويلة غيبته عن أهم مباراتين في الموسم ضد ريال مدريد.
النجوم أقوى من المدرب
بالنظر للمدربين الذين قدموا لتدريب باريس سان جيرمان وفشلوا في تحقيق حلم دوري أبطال أوروبا سنجد أنهم أسماء كبيرة لكن خارج باريس.
تتم دوماً مقارنة النجوم الكبار بالمدرب الذي معهم، وفي كل مرة تميل الكفة نحو النجوم، وينطبق ذلك بالطبع على الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مدرب باريس سان جيرمان الحالي.
فحتى لو كان بوكيتينو حقق نجاحات مذهلة في الدوري الإنجليزي، وكان ضمن أفضل 5 مدربين في العالم، وقاد توتنهام لنهائي تاريخي لدوري أبطال أوروبا، فإن مقارنة قيمته بقيم نجوم مثل ميسي ومبابي وراموس ونيمار دا سيلفا وجيانلويجي دوناروما مجتمعين فإن الأهمية الأكبر ستكون للنجوم.
بالإضافة إلى أن باريس سان جيرمان مليء بالأزمات الداخلية، وشعور الأنا الذي أدخل نجوم الفريق في مشادات مع المدربين والجماهير، وآخرهم ميسي الذي دخل في مشادة مع بوكيتينو مؤخرا اعتراضاً على استبداله في إحدى المباريات، كما دخل في مشادات مع الجماهير بسبب انتقاداتها الشديدة له.
بجانب المشاكل الداخلية بين اللاعبين وبعضهم البعض، مثلما جرى عقب لقاء ريال مدريد بين نيمار دا سيلفا وجيانلويجي دوناروما، وكيفية تعامل الإدارة التي تدخل لاعبيها جنة الأموال، ولا تضع في اعتبارها الطريقة التي ستعاقبهم بها حال حدوث أخطاء.
ولدى نيمار سوابق في السنوات الماضية فيما يتعلق بدخوله في أزمات مع زملائه مثل إدينسون كافاني وماركينيوس.
ولم يكن الألماني توماس توخيل أو الإيطالي كارلو أنشيلوتي، ولا حتى الفرنسي لوران بلان والإسباني أوناي إيمري، مدربين سيئين.. لكن انتقالهم لباريس سان جيرمان في ظل كل تلك الأمور غير الفنية وغير المتعلقة بكرة القدم جعل الحمل والضغط كبيرين للغاية عليهم.
وأدى ذلك الأمر لجعل هؤلاء المدربين كبش الفداء الأساسي حال أي فشل لباريس سان جيرمان، رغم أنهم ليسوا المسؤولين بشكل كامل عن فشل الفريق، في ظل حرص الخليفي الدائم على التدخل في عملهم.
ولا يبدو أن مدربين كبارا نجحوا مع فرق مثل ميلان وريال مدريد وتوتنهام وبوردو وإشبيلية فشلة، لكن الأزمة تكمن في طريقة تعامل إدارة النادي الباريسي مع ملف كرة القدم من البداية للنهاية، سواء من تحديد أسماء الصفقات حتى التعليق على الأداء في كل مباراة.
وقد كان توخيل الذي أقيل بدون أي سبب مقنع من منصبه الموسم الماضي خير دليل على أن العيب ليس في مدربي باريس، لكن في سياسة عمل الإدارة.
ونجح المدرب الألماني بعد رحيله عن سان جيرمان في إحراز لقب دوري أبطال أوروبا مع تشيلسي بعد 4 أشهر فقط من توليه مسؤوليته، خاصة أنه قبلها بسنة حقق أقصى نجاح لباريس في تاريخه الأوروبي بالتأهل لنهائي البطولة.
لكن في النهاية تسببت العوامل الباريسية الصعبة في تحويل تجربة تدريب الفريق لوصمة عار في تاريخ المدربين، بدلاً من أن تكون عنصر تفاخر، فحين يتم الحديث عن باريس لن يتذكر أحد اسم مدرب ترك بصمة تذكر مع الفريق.
aXA6IDMuMTQ0LjEwMC4yNTIg
جزيرة ام اند امز