سياسة
مسودة بوتين الدستورية لسوريا.. تكتيك لتجميد الصراع
روسيا عرضت على الأطراف المتحاربة السورية مسودة دستور تسلط الضوء على الأهداف الروسية في سوريا التي مزقتها الحرب.
عرضت روسيا، على الأطراف المتحاربة السورية مسودة دستور، الأسبوع الماضي خلال محادثات السلام التي رعتها هي وتركيا في أستانة، العاصمة الكازاخستانية. وبالرغم من أن الاحتمال الأكبر هو رفضها، إلا أن هذه المسودة تسلط الضوء على الأهداف الروسية في سوريا التي مزقتها الحرب.وفي مقال رأي بعنوان "بوتين لديه دستور لبيع روسيا"، نشرته صحيفة بلومبرج الأمريكية، قال الكاتب ليونيد برشيدسكي إن رد فعل معارضي الرئيس السوري بشار الأسد على هذه المسودة، لم يكن مشجعا.
وتابع قائلا إنهم أوضحوا للروس أن السوريين لن يسمحوا بمحاولات أجنبية بوضع القانون لهم. لكن موسكو تقول إنها لا تريد من الأطراف السورية قبول اقتراحاتها كاملة، وإن كل ما تقوم به وفقا لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، هو تقديم أساس للمناقشة.
يبدو هذا معقولا، لكنه تكتيك روسي مجرب جيدا في تجميد الصراعات بدلا من حلها في الدول التي تعاني من حروب، حسب الكاتب الذي أردف أنه في مايو/أيار 2015، قدم الانفصاليون المؤيدون لروسيا في شرق أوكرانيا مقترحاتهم على التشريع الأوكراني، حيث طالبوا بحكومة ذاتية والحق في الاحتفاظ بـ"ميليشيا الشعب" المسلحة، والسماح لهم بالاحتفاظ بعلاقات وطيدة مع روسيا، وتعديل دستوري يبقي أوكرانيا محايدة، ويستبعد عضويتها في منظمة حلف شمال الأطلسي.
وكان يبدو أن تلك التعديلات لم تكن نتاج شعب شرق أوكرانيا الذي يديره مجموعة من العصابات المحلية، بل كان واضحا جدا أنها قادمة من موسكو، وأشار الكاتب إلى أن خطة الكرملين المتعلقة بكييف، كانت تتضمن رفض هذه الاقتراحات حتى يبدو للعالم الخارجي أن المشكلة لا تكمن في موسكو.
وهو ما حدث بالفعل، حيث ادعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أوكرانيا لا ترغب في حل وسط لإنهاء الحرب. ولم يوافق الغرب على ذلك، وقامت الولايات المتحدة وبعض المسؤولين الأوروبيين، بالضغط على الأوكرانيين في اجتماعات خاصة من أجل إظهار مرونة أكثر حتى يتم حل الصراع.
ربما لم يكن هناك وقت لدى المعارضة السورية لمتابعة الأحداث في الأزمة الأوكرانية، وبالنسبة إليهم أي مقترحات قادمة من موسكو مشكوك في أمرها، وفقا للكاتب. مشبها ما يحدث الآن مع السوريين بما حدث في أوكرانيا.
بالرغم من ادعاءات موسكو أنها ترغب في حل نهائي للأزمة السورية، إلا أنها يمكن أن ترضى بصراع سوري مجمد، يدير فيه الروس الجزء الذي سيظل تحت حكم الأسد، في حين تبذل تركيا قصارى جهودها في ما يتعلق بالجزء الذي تسيطر عليه المعارضة السورية، متحملة عبء محاربة تنظيم داعش الإرهابي بدعم روسي عرضي عندما يتعلق الأمر بمصلحة موسكو.
وتابع الكاتب أن مسودة الدستور التي قدمها الروس جديرة بالملاحظة لأنها توضح سوريا المثالية من وجهة نظر موسكو.
وكالة الأخبار الروسية الرسمية ريا نوفوستي نشرت ملخصا للمسودة المكونة من 85 مادة، وصفها الكاتب بأنها تبدو لطيفة لكنها تحتوي على نصوص لا معنى لها مثل حظر مشاركة الجيش في الحياة السياسية، وأنها تمنح الرئيس السوري ولاية تمتد 7 سنوات، بحد أقصى ولايتين. ما يعني أن الأسد لديه فرصة للبقاء في السلطة مدة 14 عاما مقبلا.
وأضاف أن البرلمان السوري وفقا للمسودة الروسية سيشارك الرئيس السلطة جزئيا، وأن الرئيس ليس لديه سلطة حله، وسيكون قادرا على محاسبته، وتعيين بعض المسؤولين والقضاة المهمين، فضلا عن تقرير الحرب أو السلام. لكن بوتين يعرف جيدا كيف يكبح برلمان ممكن دستوريا، على حد قول الكاتب.
التنازل الواضح الوحيد المقدم للمعارضة في المسودة هو تمثيل نسبي للجماعات العرقية والدينية في المجلس، وفقا للكاتب الذي قارن ذلك بنسخة من النموذج اللبناني الذي يسمح للجماعات المعارضة بالتقلد بمناصب حكومية معينة.
إذا وافق السوريون على مقترحات الروس، استطرد الكاتب، سيحصلون على صفقة أفضل من الروس أنفسهم فيما يتعلق ببعض النقاط. فمثلا يتم انتخاب الرئيس الروسي لمدة 6 سنوات ويمكنه البقاء في السلطة ولايتين متتاليتين، ثم يمكنه العودة إلى الرئاسة بعد فترة توقف كما فعل بوتين مع ديميتري ميدفيديف. لكن النص المقدم للسوريين يسمح بولايتين فقط للرئيس السوري ويمنع مثل هذه المرواغات.
كما تضع المسودة الروسية القانون الدولي ويتضمن المعاهدات والاتفاقيات الدولية فوق القانون السوري، وهو ما تخلت عنه روسيا نفسها مؤخرا، حيث أصدرت المحكمة الدستورية الروسية في 2015 بأنه ليس على الدولة الالتزام دائما بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
واختتم الكاتب مقاله بإن روسيا بوتين لا تعتمد كثيرا على دستورها الخاص، خصوصا الأجزاء المتعلقة بالحريات المدنية، وهي لا تتوقع أن تكون سوريا أو أي بلد أخرى أكثر التزاما بالقواعد. لافتا أنه يتم وضع الدساتير والقوانين من أجل تكتيكات مؤجلة. aXA6IDEzLjU4LjIwMC43OCA= جزيرة ام اند امز