بوتين وشي يطلقان «إنذار الاحتواء».. هل عادت أجواء الحرب الباردة؟
عاد مصطلح الاحتواء ليتردد على الساحة الدولية بعد 33 عاما من نهاية الحرب الباردة، وسيطرة نظام القطب الواحد على السياسة في العالم.
لكن في عالم يتحول شيئا فشيئا نحو التعددية القطبية، وما يرتبط بها من منافسة بين قوى كبرى تملك مقومات القوة والتأثير، بات من الطبيعي ترديد مصطلحات مثل الاحتواء.
إذ ندد الرئيسان الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بتدخل الولايات المتحدة في شؤون الدول الأخرى، حسب ما أفاد الكرملين،
واتهم البلدان واشنطن بالسعي "لاحتواء" موسكو وبكين.
وقال المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوتشاكوف إن شي وبوتين أعربا خلال اتصال هاتفي عن "رفضهما سياسة التدخل الأمريكية في الشؤون الداخلية لدول أخرى"، مضيفا "يدرك قادة البلدَين أن الولايات المتحدة تنفذ سياسة الاحتواء المزدوج لكلّ من روسيا والصين"، وفق ما نقلته "فرانس برس".
وأضاف أن الزعيمين قالا إن سياستهما الخارجية ستهدف إلى إنشاء "نظام عالمي متعدد الأقطاب وأكثر عدالة"، مردفا أنه لا توجد خطط للزيارات المتبادلة والاجتماعات الشخصية بينهما في الوقت الراهن.
وتابع أن بوتين وشي ناقشا أيضا الوضع في أوكرانيا وحل الصراع في الشرق الأوسط، واتفقا على مواصلة الاتصالات الثنائية.
في المقابل، ذكر تلفزيون الصين المركزي أن شي قال خلال مكالمة هاتفية مع بوتين، اليوم الخميس، إنه يتعين على الجانبين أن يعارضا بحزم تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية.
وتمر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا بمرحلة توتر غير مسبوقة منذ الحرب الباردة، حيث يتصادم البلدان حول أوكرانيا، وتقدم واشنطن الدعم العسكري في الحرب المستمرة منذ عامين.
في المقابل، مرت العلاقات الصينية الأمريكية بكثير من التقلبات في الفترة الأخيرة، بسبب التوترات حول تايوان، وقضية بالوان "التجسس" الصيني التي تفجرت بين البلدين مؤخرا.
لكن ما الاحتواء؟
سياسيا، يٌعرف الاحتواء بأنه "سياسة أمريكية اتبعت إزاء الاتحاد السوفياتي اقترحها رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية جورج كينان في مقالة كتبها بتوقيع مستعار في مجلة 'فورين أفيرز' الأمريكية في شهر يوليو/تموز 1947.
وترتكز الفكرة على ضرب حصار طويل الأمد وسياسة حازمة لترويض الاتحاد السوفياتي و"احتواء سياسته التوسعية" انطلاقاً من فرضية ديمومة عداء القيادة السوفياتية نحو الغرب.
وشرح كينان سياسة الاحتواء استنادا لتوصيف وضعه لأهداف القوة في السياسة الخارجية السوفياتية "المستوحاة من النظرية الثورية كما من التقاليد القيصرية"، واقترح احتواء هذه القوة بـ"قوة مضادة".
وفي حينه، شدد كينان على ضرورة اتباع سياسة الاحتواء، لضمان القوة الأمريكية في الشؤون الدولية ولـ"لجم التوسع السوفياتي".
وفي فترة الحرب الباردة، سعت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال سياسة الاحتواء التي اقترحها كينان إلى الوصول وتحقيق الأهداف التالية:
- الحد من التوسع السوفياتي وتطويقه بأقل تكلفة ممكنة للحفاظ على الأمن القومي الأمريكي وضمان عدم قدرة السوفيات على التأثير والنفوذ.
- العمل على تأمين الدعم للأنظمة الرأسمالية والسياسية الموالية لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المساعدات بمختلف أشكالها، لتطويق الاتحاد السوفياتي وإحاطته بالأحلاف.
- السعي إلى "إبقاء الاتحاد السوفياتي ضمن الحدود العسكرية، التي رسمت في نهاية الحرب العالمية الثانية.
- الإبقاء على التفوق الأمريكي في سباق التسلح النووي خلال الحرب الباردة، وكذلك التقدم في سباق التسلح التقليدي.
ومع تشابه التوتر والتنافس، لكن في نظام متعدد الأقطاب هذه المرة، يبدو جدل عودة أجواء الحرب الباردة مرشحا للتصاعد في الفترة المقبلة، مع زيادة حدة التنافس بين القوى الكبرى، وفق مراقبين.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4zMCA=
جزيرة ام اند امز