من «الاستنزاف» إلى «النووي».. احتمالات الرد على «بيرل هاربر روسيا»

أثارت الضربات الجوية الأوكرانية التي استهدفت قواعد جوية في العمق الروسي جدلاً حول طبيعة رد موسكو المحتمل.
وبينما وصفت وسائل إعلام موالية لموسكو الضربات الأوكرانية بـ"بيرل هاربور روسيا"، قالت مجلة "نيوزويك" إن العملية، التي أطلق عليها جهاز الأمن الأوكراني اسم "شبكة العنكبوت"، كانت ثمرة تخطيط استمر أكثر من 18 شهراً، وتم تنفيذها عبر نقل عشرات الطائرات المسيّرة من نوع FPV سراً داخل شاحنات إلى عمق الأراضي الروسية، حيث أُطلقت من مسافة قريبة من القواعد المستهدفة.
ووفقاً للبيانات الأوكرانية، أسفرت العملية التي استهدفت أربع قواعد جوية، بينها قاعدة "بيلايا" في سيبيريا التي تبعد 2500 كم من الجبهة - عن تدمير أو إعطاب 41 طائرة عسكرية روسية، من بينها قاذفات استراتيجية من طراز "تو-95" و"تو-22M3" وطائرة إنذار مبكر من طراز "A-50.
وشكلت الخسائر التي قُدرت بنحو 7 مليارات دولار، ضربة قاسية لقدرة موسكو على شن هجمات صاروخية بعيدة المدى ضد أوكرانيا، ما أثارت تساؤلات حول طبيعة الرد الروسي المحتمل.
وتصاعدت تكهنات حول إمكانية لجوء موسكو إلى التصعيد النووي، خاصة بعد تصريحات بعض المحللين السياسيين الروس بأن مثل هذه الضربات قد تبرر استخدام الأسلحة النووية، رغم أن هذا الخطاب لا يعكس بالضرورة الموقف الرسمي للكرملين.
ومن الناحية العملية، يتوقع معظم الخبراء أن ترد روسيا عبر عدة مسارات متوازية، تشمل الضغط الدبلوماسي لتصوير الهجوم كتصعيد خطير يستوجب تدخل واشنطن للجم كييف، إلى جانب تنفيذ ضربات صاروخية وجوية مكثفة ضد المدن والبنية التحتية الأوكرانية، مع محاولة تقديمها كـ"انتقام" مباشر رغم أنها غالباً ما تكون مخططة مسبقاً.
كما يُرجح أن تسعى موسكو على محاولة رفع سقف مطالبها التفاوضية، خاصة مع استئناف محادثات إسطنبول بين الطرفين.
من جانب آخر، يرى محللون أن هذه الضربات النوعية عززت موقف أوكرانيا التفاوضي، وأظهرت قدرة كييف على نقل الحرب إلى العمق الروسي وإضعاف أصول موسكو الاستراتيجية، ما قد يدفع روسيا إلى تبني استراتيجية استنزاف طويلة الأمد، مع التشدد في شروطها، مثل الإصرار على رفض انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
ورغم ما أحدثته الضربة من صدمة داخل الأوساط العسكرية الروسية، إلا أن وزارة الدفاع أكدت وقوع أضرار في قاعدتي "بيلايا" و"أولينيا"، بينما زعمت صد الهجمات على قاعدتي "دياجيليفو" و"إيفانوفو".
وتُجمع معظم التقديرات على أن خسارة هذا العدد من الطائرات الاستراتيجية ستعيق مؤقتاً قدرة روسيا على تنفيذ هجمات صاروخية بعيدة المدى، لكنها لن تغير ديناميكيات الصراع الأساسية، في ظل استمرار موسكو في تطوير تكتيكاتها الهجومية وتكييفها مع التحديات الجديدة.
في المقابل، ردت روسيا في اليوم التالي بسلسلة ضربات دقيقة استهدفت أصولاً عسكرية أوكرانية حيوية باستخدام صواريخ "إسكندر-إم" الباليستية التكتيكية، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير منظومتي "هيمارس" الأمريكيتين في منطقة سومي، إلى جانب محطات متنقلة لإطلاق الطائرات المسيّرة ومواقع إطلاق بعيدة المدى في خاركيف.
وتؤكد هذه العمليات استمرار موسكو في الاعتماد على منظومة "إسكندر-إم" كأحد أبرز أصولها الهجومية، خاصة بعد إثبات فعاليتها في تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الغربية المتطورة، مثل "باتريوت"، التي اعترف الجانب الأوكراني بعجزها عن اعتراض هذه الصواريخ بسبب قدرتها على المناورة وإطلاق أهداف وهمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODQg جزيرة ام اند امز