شولتز يشهر أسلحته بوجه بوتين.. "المليار العصي" وقبة حديدية
كما عهده المتابعون دائما، ظهر المستشار الألماني أولاف شولتز مراوغا ومتمسكا بسرية معلوماته، ومدافعا شرسا عن قراراته وخطه السياسي.
وفي ظهور تلفزيوني نادر، جلس شولتز وسط عدة شاشات تعرض صورة لفلاديمير بوتين، وكأن الحرب الدائرة في أوكرانيا تصر على محاصرة أقوى رجل في ألمانيا في كل مكان.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في "دير شبيجل"، فقد وصفت المجلة الألمانية تلك المقابلة بأنها "تشبه الاستجواب"، عن الوضع في أوكرانيا، ومخاطر حظر واردات الغاز الروسي على ألمانيا، وقصة العقاب الأكبر لبوتين "المليار".
وبأقل دفعة ممكنة من المعلومات، كما تعود دائما، حاول شولتز تبديد مظهر التردد الذي يتهمه به معارضون في مواجهة الحرب في أوكرانيا، وتحدث عن تسليم الأسلحة باستمرار إلى كييف، "لكن دون الحديث عنها، حتى تصل الدفعات إلى هناك بأمان".
وتابع "يعتمد هذا العمل على إعداد رائع وخطة رائعة"، لافتا إلى أن العقوبات الغربية على موسكو، "معدة بدقة" "قبل وقت طويل من اندلاع الحرب.
مضيفا "ألمانيا لديها أيضًا مصالحها الخاصة، لذلك، المشاركة المباشرة في العمليات القتالية مستبعدة"، وفيما يتعلق بالاقتراح البولندي بنشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا، قال: "حتى لو أسميناها قوات حفظ السلام، فإنهم سيظلون جنودًا".
وردا على اتهامات المعارضة بأن ألمانيا لا تريد تولي الدور القيادي الذي تستحقه، ردّ بالقول "لا، ما يقال خطأ'.
وفي هذا الصدد، أوضح "في خطابي أمام البرلمان، أنهيت ممارسة دامت عقودًا في جمهورية ألمانيا الاتحادية"، في إشارة إلى إعلانه تحولا تاريخيا في السياسة الدفاعية الألمانية مع بداية الحرب في أوكرانيا، وتدشينه خطة لتسليح وتقوية الجيش.
واردات الغاز الروسي
وتمسك شولتز برفض حكومته حظر واردات الغاز الروسية لعدة أسباب، "أولاً، تعني العقوبات التي فرضناها، أن روسيا لا تستطيع فعل أي شيء بالأموال المحولة" مقابل شحنات الغاز، لأنها لم تعد قادرة على الوصول إليها أو إلى الأصول المصادرة".
واستطرد "نظريا يحصل الكرملين على مليار دولار كل يوم من ألمانيا وحدها نظير الغاز، لكنه لا يستطيع الاقتراب منها بسبب العقوبات.. ببساطة لن يكون هناك أي تعزيز اقتصادي لروسيا طالما استمرت الحرب".
"ثانيا، عدد من الدول التي تطالبنا باتخاذ قرار حظر واردات الغاز، لم تتخذ نفس القرار بنفسها بعد"، يتابع مستشار ألمانيا "عندما كنت رئيسا لبلدية هامبورغ، أردت الدفع باتجاه بناء محطات الغاز الطبيعي المسال كبديل، لكن لم يرغب أحد في تمويلها لأن الغاز الروسي أرخص.. جرى الاعتماد على آليات السوق بشكل كامل لفترة طويلة جدا".
ومضى قائلا "يعتمد عدد لا يُصدق من الوظائف في ألمانيا على الفحم والغاز والنفط، ويمكن أن يشل حظر الواردات فروع الصناعة بأكملها".
وبيّن "الحقيقة هي أننا سنخلق أزمة اقتصادية كبيرة إذا فعلنا ذلك (حظرنا الواردات)"، لافتا إلى خطط بديلة موجودة في الدرج منذ فترة طويلة ويتم الآن "تفعيلها"، ووعد بأن تكون جاهزة بحلول نهاية العام.
ومثلما أظهر ترددا في حظر واردات النفط، أظهر شولتز موقفا مماثلا في توجيه الإهانة لبوتين، مكتفيا بالقول إن "الحرب إجرامية، وهي حرب بوتين وليست حرب روسيا".
ونفى بشكل واضح أن يكون هدف السياسة الغربية هو الإطاحة ببوتين من الحكم، وقال "هذا ليس موضوع وهدف السياسة التي نتبعها معًا"، وأبدى تأثرا عاطفيا بسقوط قتلى روس "نتيجة حسابات وقرارات خاطئة من الرئيس الروسي" على حد قوله.
وبعد لحظات تأثر عاطفي، عاد شولتز إلى الوجه الحازم وقال بوضوح "لا يجوز استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية... حذرت بوتين من عواقب وخيمة لأي تصرف في هذا الصدد"، رافضا الكشف عن هذه العواقب الوخيمة، مضيفا "لا أريد الخوض في التفاصيل، ولدي أسباب وجيهة لذلك".
الاستراتيجية القادمة
وحول استراتيجية ألمانيا المستقبلية، أجاب شولتز "أعلنا أننا سنجعل أنفسنا أقوياء بحيث لا يجرؤ أحد على مهاجمتنا".
ومن وجهة نظر دفاعية، يشمل هذا أيضًا درعًا صاروخيًا على غرار النموذج الإسرائيلي (القبة الحديدية) فوق الجمهورية الفيدرالية، وفق حديث المستشار الألماني.
ويضيف "علينا جميعًا أن نعد أنفسنا لحقيقة أن لدينا جارًا يستخدم العنف حاليًا".
المستشار الألماني حذر من أن تصفح كتب التاريخ وجعل الحدود القديمة أساس الإجراءات الحالية، من شأنه أن يغرق أوروبا في "حرب أبدية"، معتبرا أن ذلك "بالفعل عودة الإمبريالية"، و"يجب منع ذلك".
وردا على أسئلة حول آلية العمل داخل ائتلافه الحكومي المكون من ٣ أحزاب لأول مرة في تاريخ ألمانيا، رفض شولتز الإفصاح عن أية معلومات، قائلا: "لن أفعل ذلك حتى في مذكراتي إذا قررت كتابة واحدة".
وفي سؤال حول إذا ما كان يعتقد أن المستشارية عمل سهل قبل وصوله للسلطة، رد بكلمة واحدة "لا".