على خطى بايدن وشي.. بوتين يختبر «دبلوماسية الخيزران» في فيتنام
على مدى الأشهر التسعة الماضية استضافت فيتنام رؤساء أمريكا والصين وروسيا، في زيارات تختبر "دبلوماسية الخيزران".
واليوم الخميس، وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العاصمة فيتنام حليفة موسكو المقرّبة منذ مرحلة الحرب الباردة، بعد زيارة أجراها على مدار اليومين الماضيين إلى كوريا الشمالية.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إنه من خلال استضافة بوتين في أول زيارة له منذ عام 2017، انضمت فيتنام، التي لديها سياسة خارجية مستقلة ومتنوعة منذ فترة طويلة، إلى صفوف كوريا الشمالية والصين في فتح أبوابها لزعيم تم تجنبه عالميا بعد حرب أوكرانيا.
ووفق تقارير إعلامية، أزعجت زيارة بوتين -التي جاءت بعد رحلته إلى كوريا الشمالية وتأتي بعد أقل من عام من ترقية واشنطن وهانوي لعلاقاتهما- الولايات المتحدة، ولكن من غير المرجح أن تعطل العلاقات.
ويرى نجوين خاك جيانغ، زميل زائر في معهد إسياس يوسف إسحاق في سنغافورة أن "فيتنام لعبت هذه اللعبة بشكل جيد للغاية".
وأضاف "فيتنام كانت محايدة بنشاط على عكس الدول الأخرى التي كانت أكثر سلبية"، مشيرا إلى أن هانوي تعرف أنه يجب أن "توازن بنشاط بين القوى المختلفة.. لأن هذه هي الطريقة التي يمكن لفيتنام من خلالها الحصول على فوائد من القوى الثلاث، وإلا فإنها ستنجر إلى ألعاب سياسية دون أي قدرة على تغيير اتجاه اللعبة".
"دبلوماسية الخيزران"
وتعود السياسة الخارجية المستقلة لفيتنام التي يحكمها الحزب الشيوعي إلى نهاية الحرب الباردة، عندما قررت هانوي أن تكون صديقة لجميع البلدان.
ويطلق رئيس الحزب الشيوعي نغوين فو ترونغ، وهو الشخصية السياسية الأقدم في فيتنام، على "دبلوماسية الخيزران"، مشيرا إلى "جذور قوية وجذع قوي وفروع مرنة" لهذا النبات.
وتحت قيادته، رفعت فيتنام علاقاتها مع الولايات المتحدة وحلفائها مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية إلى "شراكات استراتيجية شاملة"، وهو أعلى مستوى من العلاقات الدبلوماسية التي توفرها هانوي.
عندما زار بايدن هانوي في سبتمبر/أيلول الماضي، أشاد الرئيس الأمريكي بالخطوة الرامية إلى ترقية الشراكة كجزء من "قوس التقدم" الذي دام 50 عاما بين العدوين السابقين.
وفي السنوات الأخيرة أصبحت فيتنام وجهة مفضلة لشركات مثل "أبل"، حيث تتطلع إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدا عن الصين، وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في فيتنام 36.6 مليار دولار العام الماضي.
ومع ذلك، تمكنت البلاد من تحقيق ذلك دون تعطيل علاقاتها مع الصين، أكبر شريك تجاري لها، وروسيا أكبر مورد للأسلحة لها، وكان البلدان شريكين استراتيجيين مع فيتنام منذ عامي 2008 و2012 على التوالي.
شي على خطى بايدن
بعد ثلاثة أشهر من زيارة بايدن، سار الرئيس الصيني شي جين بينغ على خطاه واتفقت الجارتان الشيوعيتان على بناء "مستقبل مشترك" لتعزيز علاقاتهما، على الرغم من الخلافات والمواجهات المنتظمة بين سفنهما في بحر الصين الجنوبي، إذ تتداخل مطالب فيتنام وبكين.
وقالت سوزانا باتون، مديرة برنامج جنوب شرق آسيا في معهد لوي لصحيفة فايننشال تايمز، إن هانوي "كانت بارعة في إدارة العلاقة مع بكين من خلال إيجاد التوازن الصحيح بين التحدي والاحترام".
وبوتين على النهج سائرا
وفي أثناء زيارة بوتين تعهّدت روسيا وفيتنام بتعميق العلاقات بين البلدين.
وبعد لقائه بوتين، قال الرئيس الفيتنامي تو لام للصحفيين إن "الجانبين يريدان دعم التعاون في الدفاع والأمن وكيفية التعامل مع التحديات الأمنية التقليدية على أساس القانون الدولي من أجل السلم والأمن في المنطقة والعالم".
وبقيت موسكو أكبر مزوّد للأسلحة لفيتنام على مدى عقود، إذ بلغت حصتها أكثر من 80 في المئة من الواردات بين العامين 1995 و2023، وفق فرانس برس.
لكن الطلبات تراجعت في السنوات الأخيرة مع تزايد العقوبات الدولية المفروضة على روسيا على خلفية نزاع أوكرانيا.
ووقّع لام وبوتين نحو عشرة اتفاقات تعاون في مجالات تراوح بين التعليم والقضاء ومشاريع الطاقة النووية للاستخدامات المدنية.
ووصف بوتين المحادثات بأنها "بنّاءة"، وأن مواقف الجانبين "متطابقة أو متقاربة جدا" فيما يتعلق بالقضايا الدولية الرئيسية.
وقال إنهما ناقشا بناء "هندسة أمنية مناسبة ويمكن الاعتماد عليها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ استنادا إلى مبادئ عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات سلميا".