هجوم مسيرات الكرملين.. "منحة" أم "محنة" لموسكو؟
للوهلة الأولى، يبدو الأمر كفيلم خيالي، مسيّرتان، تحلقان بسماء موسكو، متجهتين مباشرة للكرملين، بهدف ضرب مقر إقامة فلاديمير بوتين.
وفجأة، بينما تمر إحداهما عبر العلم الروسي الذي يرفرف أعلى المبنى، تنفجر، لتمطر الشظايا النارية على السطح.
وظهر الفيديو أولا في الساعات الأولى من يوم الأربعاء، على الشبكات الاجتماعية الروسية. وكان الكرملين بطيئا في رد فعله، ليصدر في النهاية بيانا يصف الأمر بـ"هجوم إرهابي مخطط"، محاولة متعمدة من جانب أوكرانيا لاغتيال بوتين، لكن دون تقديم دليل، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ولم يصب الرئيس بأي ضرر، بحسب تأكيد الكرملين، مهددا بأن "روسيا تحتفظ بحق اتخاذ تدابير مضادة، أينما ومتى ترى ذلك مناسبا".
وكان إنكار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سريعا، حيث قال: "نحن لا نهاجم بوتين أو موسكو، نحن نقاتل على أراضينا".
ووصف دبلوماسي أمريكي كبير الأمر بالمهم: بعد عدد من الهجمات الغامضة داخل روسيا، ونفى المسؤولون الأوكرانيون بامتعاض معرفة أي شيء عن الأمر. وقال إن "هذا كان حاسما".
وإذا كان هجوم المسيرة نفسه سيرياليا، فقد كانت الأسئلة عن كيفية وقوعه -وما قد يتبعه- خيالية أكثر.
وقبل شهور، بدأت السلطات الروسية تركيب دفاعات جوية بوزارة الدفاع والمباني الإدارية بشتى أنحاء موسكو. ويعتبر الكرملين أحد أكثر المجمعات الحكومية الأشد تحصينا في العالم.
وأشار التحليل إلى أن الحدود الروسية مع أوكرانيا محمية كذلك، متسائلا عن كيفية تفادي تلك المسيرات الرصد إذا كانت قادمة من أوكرانيا، وما إذا كانت دفاعات موسكو قد فشلت، لافتا إلى أن الأمر الأكثر إحراجا للكرملين والمتمثل في كيفية اقتراب المسيرات منه.
وتلتزم وسائل الإعلام الحكومية الروسية، في معظمها، بالصياغة الدقيقة لبيان الكرملين بشأن الهجوم، بالإضافة إلى بث صور نهارية للكرملين تظهر "عودة الأمور لطبيعتها"، وأن الرئيس يعمل بجد -في مؤشرات على أن أبواق الدعاية الروسية تواجه صعوبة في إيجاد "الرسالة" المناسبة لتفسير كيف كاد رئيسهم يتعرض "للاغتيال".
وتساءل التحليل: "هل تشن روسيا هجوما على نفسها؟، مجيبا بأنه في عام 1999، قبل شهور فقط على انتخاب بوتين رئيسا للمرة الأولى، ضربت روسيا موجة من تفجيرات الشقق التي أسفرت عن مقتل أكثر من 300 شخص، والتي قتل بها رئيس الوزراء -آنذاك- لتبرير شن الحرب الشيشانية الثانية.
فرصة لروسيا
وساعده نهجه الصارم في الفوز بالرئاسة، لكن الشكوك لا تزال تحوم حول من كان يقف وراء التفجيرات. ومع وقوع هجمات المسيرات، لم يقض أحد، وبدا أمن الكرملين ضعيفا، لكن يعطي ذلك الكرملين فرصة لحشد الروس لدعم بوتين ضد أولئك الذين يريدون إلحاق الأذى به.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن الهجمات قد تستغلها روسيا لشن مزيد من الهجمات الشرسة على أوكرانيا، بما في ذلك هجمات "إرهابية".
وعلى مر تاريخ روسيا، والاتحاد السوفياتي قبلها، استخدمت عمليات "العلم الزائف"، بشن أعمال عدوانية، في حين تلقي باللوم على أعدائها، لكن على مدار أكثر من عام، كان نظام بوتين يلقي باللوم على أوكرانيا، وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والولايات المتحدة في العملية العسكرية بأوكرانيا.
وأشار التحليل إلى ادعاء الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف المتكرر عبر تويتر إلى أنه حان الوقت "لتصفية زيلينسكي جسديا". وقال ميدفيديف: "لا توجد خيارات أخرى بخلاف التصفية الجسدية لزيلينسكي وزمرته".
وتجاهل ميدفيديف الإشارة إلى أن روسيا حاولت، وفشلت في اغتيال الرئيس الأوكراني خلال المراحل الأولى للحرب في فبراير/شباط 2022.
aXA6IDE4LjExOS4yNDguMjE0IA== جزيرة ام اند امز