قرداحي بـ"عين العاصفة".. "تسونامي غضب" رسمي وشعبي
استدعت دول الخليج سفراء لبنان وسلمتهم مذكرات احتجاج تتضمن رفضها واستنكارها التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
وأعلنت وزارات الخارجية في كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين، في بيانات منفصلة، استنكارها الشديد لتصريحات قرداحي المسيئة لجهود السعودية والإمارات في دعم الشرعية باليمن ودفاعه عن مليشيات الحوثي الإرهابية.
ووصفت وزارات الخارجية في الدول الأربعة، تصريحات قرداحي بأنها "مهاترات وادعاءات باطلة تنفيها الحقائق الموثقة والبراهين المثبتة دوليًا".
وعلى الصعيد الشعبي، فجرت تصريحات قرداحي "تسونامي" من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ رفض النشطاء تبريرات وزير الإعلام اللبناني ومحاولات التبرؤ من تلك التصريحات، دون تقديم اعتذار عنها.
تحركات رسمية
وأعربت الخارجية السعودية عن أسفها لما تضمنته تصريحات قرداحي من إساءات تجاه المملكة ودول تحالف دعم الشرعية في اليمن.
واعتبرت أن هذه التصريحات "تعد تحيزاً واضحاً لمليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة".
وأكدت أن تصريحات قرداحي "تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين".
الخارجية السعودية قالت في بيانها أيضا، "نظرًا لما قد يترتب على تلك التصريحات المسيئة من تبعات على العلاقات بين البلدين؛ فقد استدعت الخارجية سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص."
بدورها استنكرت دولة الإمارات "بشدة" تصريحات قرداحي.
وأعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية "عن استنكارها واستهجانها الشديدين إزاء هذه التصريحات المشينة والمتحيزة"، والتي أساءت إلى دول تحالف دعم الشرعية في اليمن.
كما استدعت الخارجية الإماراتية سفير لبنان لديها "وأبلغته احتجاجها واستنكارها على هذه التصريحات، التي تعد مهاترات تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية وتاريخ علاقات لبنان مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتنم عن الابتعاد المتزايد للبنان عن أشقائه العرب".
وفي البحرين، استدعت وزارة الخارجية سفير لبنان لديها وسلمته مذكرة احتجاج "عبرت فيها عن استنكار المملكة الشديد لتصريحات قرداحي، وما ساقه تجاه مجريات الحرب في اليمن من ادعاءات باطلة تنفيها الحقائق الموثقة والبراهين المثبتة دوليًا".
وأكدت المنامة في مذكرتها أن" الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي الإرهابية بحق الجمهورية اليمنية وشعبها الشقيق، واعتداءاتها المستمرة على المملكة العربية السعودية، منذ انقلابها غير الشرعي على الحكومة، تدحض هذه التصريحات".
ووصفت تصريحات قرداحي بأنها "غير مسؤولة وتخالف الأعراف الدبلوماسية، ومثلت إساءة مقصودة لدول تحالف دعم الشرعية في اليمن، وتجاهلت المبادئ والقيم التي تحكم العلاقات الأخوية بين الدول العربية."
وفي الكويت، أعربت وزارة الخارجية في بيان لها عن "استنكار ورفضها الشديد" لتصريحات وزير الإعلام اللبناني.
ووصفت الخارجية الكويت تصريحات قرداحي بأنها "اتهامات باطلة تناقض الدور الكبير والمقدر الذي تقوم به السعودية والإمارات في دعم اليمن وشعبه".
وقالت إن التصريحات "لم تعكس الواقع الحقيقي للأوضاع الحالية في اليمن وتعتبر خروجا عن الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية وتغافلا عن الدور المحوري الهام للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن."
واستدعت وزارة الخارجية الكويتية القائم بالأعمال اللبناني هادي هاشم وسلمته مذكرة احتجاج رسمية تتضمن رفض دولة الكويت التام لهذه التصريحات التي "تتنافى مع الواقع ولا تمت للحقيقة بصلة وتتعارض مع أبسط قواعد التعامل بين الدول".
"تسونامي" غضب
على الصعيد الشعبي، فجرت تصريحات قرداحي "تسونامي" من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب مغردون، بينهم محللون وكتاب وإعلاميون ودعاة من مختلف الدول العربية، بإقالة قرداحي على خلفية تصريحاته المسيئة، واعتبروا أنه "عميل لإيران"، داعين الله، في المقابل، أن "يحفظ السعودية والإمارات واليمن من عبث نظام الملالي وأذنابه".
وأكد المغردون أن خيارات وزير الإعلام اللبناني باتت محدودة وينتظر "جوابا نهائيا" بشأن مصيره في المنصب على غرار شربل وهبة وزير الخارجية في حكومة حسان دياب السابقة.
مصير وهبة
وأثارت تصريحات لقرداحي في برنامج "برلمان شعب" التابع لمنصات قناة "الجزيرة" الإلكترونية قبيل شهر من توليه منصبه غضبا محليا وخليجيا عندما دافع عن مليشيات الحوثي الانقلابية، وأدلى بتصريحات أساءت لجهود الإمارات والسعودية في اليمن.
ودافع الوزير والإعلامي اللبناني في الحلقة المذكورة عن إرهاب مليشيات الحوثي، معتبرا اعتداءاتهم على اليمنيّين والسعودية "دفاعا عن النفس".
وأثارت التصريحات التي تبرأت منها الحكومة اللبنانية، الكثير من ردود الفعل المستهجنة بلبنان نفسه، وباليمن، ودول الخليج والمنطقة العربية.
ورغم بيان أصدره قرداحي، مساء الثلاثاء، قال فيه إنه لا يقصد الإساءة للسعودية والإمارات، وأن حديثه يعود لما قبل تعيينه وزيرا في الحكومة اللبنانية، متهما بعض الجهات بالوقوف وراء حملة ضده، في إشارة إلى شبكة الجزيرة، إلا أن ذلك لم يخفف من وطأة التصريحات.
وذكر قرداحي أن حديثه عن حرب اليمن يعود لمقابلة مع برنامج تابع لشبكة "الجزيرة"، في شهر أغسطس/ آب الماضي، وذلك قبل شهر من تعيينه وزيرا في حكومة نجيب ميقاتي.
ورغم ذلك، باتت خيارات وزير الإعلام اللبناني محدودة وينتظر "جوابا نهائيا" بشأن مصيره في المنصب على غرار شربل وهبة وزير الخارجية في حكومة حسان دياب السابقة.
وكان شربل دخل في مشادة كلامية مع المحلل السياسي السعودي سلمان الأنصاري أثناء استضافتهما في لقاء على قناة "الحرة" الأمريكية، حيث وجه وهبة إساءات للسعودية، ووصف ضيفه بأنه من "أهل البدو".
وجاءت التصريحات المسيئة في معرض دفاع مستميت من وهبة عن حزب الله الإرهابي.
وفجرت تصريحات وهبة آنذلك، موجة من الرفض والاستنكار شملت مختلف الفرقاء وسط إجماع على رفض الإساءة لدول الخليج والسعودية، قبل أن يقدم وهبة طلب إعفائه من مسؤولياته لكل من الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال السابقة دياب.
حقائق تفند المهاترات
وللتأكيد على الخطأ الذي وقع فيه قرداحي، ثمة أرقام وإحصائيات تؤكد الدعم الذي قدمته السعودية والإمارات لليمن خلال سنوات الحرب.
ففي فبراير/شباط الماضي، كشف مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال، أنه قدم ما يزيد على 17 مليار دولار لليمن منذ تأسيس المركز في بداية الأزمة اليمنية قبل نحو سبع سنوات.
ولم تتخلف دولة الإمارات العربية المتحدة عن الركب الإنساني والإغاثي في اليمن، من خلال مساعداتها التي بلغ حجمها مليارات الدولارت، ولا تزال مستمرة.
وقدمت دولة الإمارات لليمن منذ عام 2015، مساعدات تجاوزت الـ6 مليارات دولار أمريكي، بحسب وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي بالحكومة الإماراتية، ريم بنت إبراهيم الهاشمي.
وتركزت هذه المساعدات بشكل رئيسي على دعم الوضع الإنساني، بالإضافة إلى تقديم الخدمات العامة لضمان استمرارية التعليم في المدارس والبرامج الطبية والخدمات الحيوية كالطاقة والنقل.