عشية تنصيب بايدن.. قطر تدعو لحوار خليجي إيراني
على بعد ساعات من تنصيب جو بايدن رئيسا أمريكيا جديدا، أطلقت قطر دعوة لمفاوضات خليجية إيرانية تبدو غريبة في دلالتها وتوقيتها.
الدعوة القطرية حملها وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، خلال حديث تلفزيوني مع بلومبرج، أذيع الثلاثاء.
وعن مفاوضات خليجية إيرانية، قال وزير الخارجية القطري صراحة إن حكومة بلاده "تأمل في حدوث هذا، وما زلنا نعتقد أن هذا ينبغي أن يحدث".
وزاد: "هذه أيضا رغبة تتشاركها دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى".
لكن ما بين قمة خليجية احتضنتها العلا السعودية قبل أسبوعين وتنصيب رئيس جديد للولايات المتحدة بعد ساعات، توقف متابعون أمام دلالتين إحداهما ترتبط بـ"توقيت الدعوة" والثانية "مضمونها" نفسه.
الدلالة الأولى.. توقيت الدعوة
تتجه أنظار العالم، الأربعاء، صوب مبنى الكابيتول؛ حيث يؤدي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن القسم رئيساً للولايات المتحدة.
وعن احتمال إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وإيران بعد تولي بايدن للمنصب، قال وزير الخارجية القطري: "سندعم المفاوضات أينما كانت وبغض النظر عن من يجريها".
إجابة الوزير القطري، فتحت الباب أمام تساؤلات ترتبط بالتصرف الإيراني الذي لا يعترف بالخطوط الحمراء، والانتهاكات الحدودية لجيرانه تشهد بذلك من جهة، والملف النووي شاهد ثان من جهة أخرى.
الدعوة القطرية الاستبقاية رأى فيها متابعون للملف النووي الإيراني أنها في الأساس موجهة لبايدن في حين كان من الأولى أن تهمس الدوحة في أذن صانع القرار بطهران بالتهدئة وإعادة ترتيب الأوراق.
على عكس ما يروج له كثيرون من أن إدارة بايدن ستكون أكثر مرونة من دونالد ترامب مع النظام الإيراني، فإن محللين مقربين من طهران حذروا من شروط تعجيزية ستلقي بها الإدارة الأمريكية الجديدة في وجه نظام ولاية الفقيه.
لعل أبرز هذه الشروط تأكيد بايدن على أن العودة للمفاوضات ستتناول "تفكيك برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية"، وهي الإرهاب الطائر الذي طالما دمرت به طهران اليمن والعراق وسوريا عبر دعمها لمليشيات تحمل سلاحا واحدا ومسميات مختلفة.
أما شرط بايدن الثاني هو وضع إيران وبرامجها النووية تحت وصاية إقليمية بعد الوصاية الدولية، وهو أمر تضغط إسرائيل بقوة لتحقيقه.
موقف إسرائيل – الحليف التاريخي للولايات المتحدة بالشرق الأوسط – كان واضحا وأكده وزير دفاعها مؤخرا بيني جانتس بأن على بلاده صياغة خيار عسكري حيال إمكانية حصول إيران على أسلحة نووية.
الدلالة الثانية.. مضمون الدعوة
تحدث وزير خارجية قطر عن آمال بلاده في مفاوضات خليجية – إيرانية، في دعوة يفهم منها أن إيران تقبل بهذا الأمر وما يترتب عليه من مطالب حددها بيان قمة العلا، الموقع عليه من قبل دول مجلس التعاون.
ذاكرة المواطن الخليجي لا تزال محتفظة بأن العلاقات القطرية الإيرانية كانت واحدة من الخلافات التي أدت إلى ثلاث سنوات ونصف السنة من المقاطعة الرباعية للدوحة.
حتى السعودية التي قادت انفتاحا لإعادة اللحمة الخليجية لم تبد السعودية أي نية أو توجه للانخراط في حوار مع إيران قبل التخلي عن سياساتها العدوانية المتمثلة في برنامجها النووي ودعمها اللامحدود للمليشيات في العراق واليمن وسوريا.
موقف المملكة الواضح تجاه إيران، أعاد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله التأكيد عليه في مباحثات مشتركة مع نظيره الروسي؛ حيث طالب بأهمية التصدي للتدخلات الإيرانية واعتدائها على أمن واستقرار المنطقة وتعزيزها للدمار.
تصريح الأمير فرحان بن فرحان، يمثل امتدادا لكلمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود في القمة الخليجية الماضية وتأكيده على ضرورة "توحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا".
وخص ولي العهد السعودي بالذكر التهديدات التي يمثلها البرنامج النووي للنظام الإيراني وبرنامجه للصواريخ البالستية ومشاريعه التخريبية الهدامة على المنطقة.
وكعادتها في إحراج أقرب حلفائها، أعطت إيران ظهرها للدعوة القطرية مبكرا وسارعت إلى إرسال قوات خاصة ومظلات تابعة لها قرب مدخل الخليج، الثلاثاء، تحت مزاعم إجراء تدريبات.
تهديد إيراني معتاد، سبقه قبل أسبوع اختبار لصواريخ بحرية قصيرة المدى في الخليج، ومشاركتها في تدريبات أجريت هذا الشهر مجموعة كبيرة من الطائرات المسيرة المنتجة محليا والتي تستخدم في دعم الحوثيين باليمن.