هل من تبرير سخيف أكثر من هذا التبرير تخرج به لجنة تحقيق ويتم الإدلاء به عبر تصريح للمتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية؟
تقول قطر إنها حققت في موضوع الصاروخ الذي كانت تملكه وضبط أخيراً في إيطاليا، وتبين لها بأنه «بيع إلى بلد ثالث عام 1994»، أي قبل ربع قرن، والمعنى أنها نسيت ذلك، وبناء عليه فإنه لا علاقة لها بالصاروخ المذكور!
لا تفسير لهكذا قول سوى أن الأمر متعلق بضيق الوقت، وأنه لا مفر من سرعة إصدار بيان يتضمن تفسيراً لما حصل
هذا يشبه ذاك الذي ظهر في مسرحية «بني صامت» مع الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا وهو يبيع صور «الجناسي»، فعندما سأله عما إذا كان قد باعها لأحد قبله قال «إي إي.. تذكرت»، وقال إنه سبق أن باعها لمجموعة من «الآخرين»! والله أعلم إن كانت قطر باعت الصاروخ المذكور لدولة ثالثة واحدة أو مجموعة دول!
هل من تبرير سخيف أكثر من هذا التبرير تخرج به لجنة تحقيق ويتم الإدلاء به عبر تصريح للمتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية؟ لم يبقَ إلا أن تقول إن قطر لا علم لها بوجود قناة اسمها «الجزيرة» في الدوحة!
كنا نقول إن النظام الإيراني يعتقد بأن العالم على درجة من الغباء؛ حيث يمكن أن يصدق كل ما يقوله المسؤولون في طهران، الظاهر أن النظام القطري تأثر بالنظام الإيراني أو أخذ بنصيحته فصار يعمل مثله.
صاروخ اشترته قطر، تم ضبطه في إيطاليا ومكتوب عليه اسمها، من ذا الذي يمكن أن يصدق أنها باعته ونسيت؟ وأنه بالتالي لا علاقة لها به؟
أمر مضحك ولا شك، لكنه لن يكون الأخير، تماماً مثلما أن تدخل النظام القطري لن يقف عند إيطاليا، فهذا النظام صار كما السوسة تدس نفسها في كل أكياس الأرز!
القصة لمن لم يتابعها، تم الإثنين الماضي في إيطاليا؛ حيث ضبط صاروخ «مارتا جو-جو فرنسي الصنع» بحوزة أشخاص مناصرين لليمين المتطرف، الصاروخ يخص الجيش القطري، بناء عليه خرجت المتحدثة باسم الخارجية القطرية لولوة الخاطر، وقالت إن تحقيقاً جرى في الأمر تبين معه أن الصاروخ «كانت القوات القطرية المسلحة تمتلكه في الماضي»، وأنه «بيع قبل 25 سنة لدولة تتحفظ حالياً على ذكر اسمها! وانتهى به المطاف إلى أيادي طرف ثالث لا يمثل دولة أو حكومة»!
الصاروخ اكتشفته الشرطة الإيطالية في بيت مواطن إيطالي، كان قد ترشح لعضوية مجلس الشيوخ الإيطالي عن حزب فاشٍ، وتم القبض عليه أخيراً مع اثنين آخرين، كما عثر في منزله على مجموعة كبيرة من الأسلحة ومواد دعائية للنازيين وتذكارات لهتلر.
حسب الشرطة الإيطالية فإن الصاروخ الذي تم ضبطه في إيطاليا في حالة ممتازة، واستخدم من قبل الجيش القطري، لهذا سارعت قطر إلى القول إنه قد «تم بيع صاروخ مارتا سوبر 530 من قبل دولة قطر في عام 1994، في صفقة ضمت 40 صاروخاً مارتا سوبر 530 إلى دولة صديقة، تفضل عدم ذكر اسمها في هذه المرحلة من التحقيق».
طبعاً قطر لم تقل إن الصاروخ سقط من الشاحنة، ولم تنتبه له أو أن أحداً سرقه، وفضلت عدم إثارة الموضوع في حينه، والسبب هو أن مثل هذا القول مستحيل التصديق، لهذا قالت إنه كان قد تم بيعه لدولة ثالثة قبل ربع قرن!
أيها المسؤولون القطريون احترموا عقول الآخرين واحترموا المنطق، فأي منطق في مثل هذا القول؟ وأي عقل يمكن أن يقبل بمثل هذا المنطق؟ جيش يمتلك سلاحاً، ليس مسدساً وليس رشاشاً ولكنه صاروخ، ولا يدري إن كان قد باعه من قبل أو أهداه لأحد؟
لا تفسير لهكذا قول سوى أن الأمر متعلق بضيق الوقت، وأنه لا مفر من سرعة إصدار بيان يتضمن تفسيراً لما حصل.
نقلاً عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة