قائد "فيلق القدس" في العراق.. "توقيت" يفتح بنك أهداف إيران
التوقيت كان مفاجئا لزيارة قائد فيلق القدس الإيراني إلى العراق، لكن الإحداثيات على الأرض نزعت الهالة السرية وفتحت بنك أهداف طهران في هذا البلد.
فأمس الأربعاء، وصل قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، بغداد، سرا، إلى العاصمة بغداد، وعقد سلسلة اجتماعات على مسارات مختلفة.
والزيارة الرابعة للرجل منذ توليه منصبه خلفا لقاسم سليماني الذي قتل في غارة أمريكية مطلع العام الماضي، لم تكن عادية وتسيل كثيرا من الحبر.
إذ تزامنت مع إطلاق سراح قاسم مصلح القيادي في هيئة الحشد الشعبي الموالية لإيران، والذي اعتقل الشهر الماضي، على خلفية اتهامات بالإرهاب وقتل متظاهرين.
كما أنها تزامنت مع إطلاق المليشيات المدعومة إيرانيا وابلا من الصواريخ على القواعد الأمريكية في العراق، منها قاعدة قرب مطار بغداد الدولي.
ويرى مراقبون أنه من غير المستبعد أن تكون زيارة قائد فيلق القدس للعاصمة العراقية، تصب في خانة ترطيب الأجواء بين الحكومة والفصائل المسلحة المدعومة إيرانيا، خاصة بعد تهديد الأخيرة بتصعيد الموقف والرد على اعتقال مصلح.
وكان مسؤول عمليات الأنبار في الحشد الشعبي، مصلح، قد خضع لتحقيقات من قبل 4 لجان مشتركة، على خلفية اتهامات بالتورط في اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني الشهر الماضي، قبل أن يقرر القضاء إطلاح سراحه "لعدم كفاية الأدلة".
وقالت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" إن قاآني التقى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وقيادات سياسية وأخرى كبيرة في الفصائل المسلحة، وبحث معهم جملة من الملفات توزعت ما بين الشأنين الداخلي والخارجي.
صواريخ على وقع الزيارة
وبعد وصول قائد فيلق القدس، العاصمة العراقية، تعرضت قاعد بلد الجوية التي تضم عناصر من التحالف الدولي، لهجمات صاروخية تبعها بعد أقل من ساعة هجوم مماثل على قاعدة فكتوريا القريبة من مطار بغداد.
ورأى مراقبون أن تزامن الهجمات مع وجود قاآني في بغداد، يعد بمثابة إفصاح مبطن عن نوع الرسالة التي يحملها قائد فيلق القدس، ويحاول إيصالها إلى القوات الأمريكية عبر الأذرع المسلحة في العراق.
وقالت مصادر لـ"العين الإخبارية" فضلت عدم ذكر هويتها، تحسبا للملاحقة من مليشيات إيران، إن مبعوث طهران زار العراق "لمناقشة تطورات الهجمات الأخيرة التي نفذتها فصائل مسلحة ضد أهداف عسكرية، خاصة الهجوم الأخير ضد قاعدة "عين الأسد"، الشهر الماضي، والذي نفذ بواسطة طائرات مسيرة".
وأوضحت المصادر أن قاآني حاول خلال لقاء مع قيادات في الحشد الشعبي استمر نحو ساعة، "ضبط عمل هذه الفصائل وإخضاعها إلى سيطرة مركزية في طهران، وإبعادها عن العمل وفق مرجعيات إيرانية متعددة."
ويرجح المحلل السياسي العراقي، علي الكاتب، صدق هذه المعلومات، خاصة في ظل مواجهة إيران أزمة كبيرة في ضبط السيطرة على بعض المليشيات العراقية المسلحة.
فيما يقول المحلل السياسي، أحمد السعيدي: "من خلال تجارب سابقة، دائما ما نجد أن إيران لا تحرك قائد فيلق القدس نحو العراق إلا إذا كان هناك تطورات خطيرة وأحداث محتدمة تنذر بالخطر".
وتابع "لذلك وانطلاقا من هذه الفكرة، تأتي هذه الزيارة لفك خطوط اشتباك وصراع وتوضيح مواقف".
وأمس الأربعاء، حذرت القنصلية الأمريكية في أربيل مواطني الولايات المتحدة من السفر إلى العراق بسبب جملة من الأحداث، يأتي في مقدمتها الصراع المسلح وتصاعد عمليات الاغتيال.
السعيدي قال في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "إيران تدير حروبها مع الخصوم عبر استراتيجية الأذرع، كما هو الحال في اليمن ولبنان وسوريا والعراق مع أن الاخيرة هي الميدان الأكثر سخونة وأهم الميادين التي تواجه فيها طهران مصالح واشنطن".
مستطردا "لذلك، فان زيارة قاآني جاءت لضبط إعدادات المواجهة وإضفاء بعض التغييرات على التكتيك المتبع"، لافتا إلى أن خلاف الحشد الشعبي مع حكومة الكاظمي يتصدر أيضا أولويات قائد فيلق القدس في العراق.
فيما رأى المحلل ماهر جودة، أن "إيران تريد استثمار أذرعها العسكرية داخل العراق في المفاوضات الجارية بشأن ملفها النووي، عبر التزام بالتهدئة وتقليل ضغط الهجمات على مصالح واشنطن".
لكنه أوضح في حديثه للعين الإخبارية، أن "التهدئة هنا لا تأتي بمعنى الرضوخ والتراجع الإيراني لصالح الدول الغربية وواشنطن تحديداً، ولكن تعني بعث رسائل إلى الولايات المتحدة بأن طهران تمتلك عصا المايسترو في عزف السلام أو الحرب في العراق".
إلا أن المحلل السياسي الإيراني أمير موسوي والقريب من مصادر القرار في طهران، نفى في تصريحات صحفية تصدر هذه الملفات أجندة قائد فيلق القدس في العراق، لافتا إلى أن الزيارة تهدف إلى التفاهم مع بغداد حول خروج القوات الأمريكية من العراق.
وحول شرعية هذه الزيارة، قال موسوي إنها جاءت "بناء على دعوة من قيادات عسكرية وأمنية"، لم يذكر اسمها.
يذكر أن المقار والقواعد التي تستضيف القوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق، تتعرض إلى هجمات بين الحين والآخر، دائماً ما تقف وراءها مليشيات مسلحة تتبع إيران.
وكغيره من المسؤولين الإيرانيين، اعتاد قآاني زيارة العراق بشكل غير رسمي، بدون تأشيرة، قبل أن يتغير الأمر مع تولي رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي، لمنصبه.
aXA6IDUyLjE1LjIxNy44NiA= جزيرة ام اند امز