فراغ غياب الملكة إليزابيث.. هل تزول أبهة بريطانيا العظمى؟
يرى محللون أن وفاة الملكة إليزابيث الثانية قبل أيام عن عمر يناهز 96 عامًا، أضاف إلى أزمة الهوية التي يشعر بها البريطانيون هموما جديدة.
وحتى قبل دفن الملكة تثور تساؤلات بين البريطانيين، عن مكانة بلادهم ورفاهها الاقتصادي والاجتماعي، أو حتى دورها في العالم. وبالنسبة للبعض، يبدو الأمر كما لو أن جسر لندن قد سقط بالفعل.
ويقول الكاتب مارك لاندلر إن إليزابيث الثانية حكمت لمدة 70 عامًا، مما جعلها الملكة الوحيدة التي عرفها معظم البريطانيين على الإطلاق، وقد تركت وراءها بلدا مضطربا وراءها. فكان وجودها هو الثابت في عالم متغير.
فمن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء فيروس كورونا إلى الفضائح المتسلسلة التي أطاحت برئيس الوزراء بوريس جونسون مؤخرًا من منصبه، كانت نهاية عصر إليزابيث الثانية فترة اضطراب لا نهاية له في بريطانيا.
وفي غضون شهرين فقط منذ أن أعلن جونسون أنه سيتنحى، ارتفع التضخم، ولاح الركود في الأفق، وتضاعفت فواتير الطاقة المنزلية تقريبًا. أما رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس فقد قضت ثلاثة أيام في المنصب طرحت خلالهم خطة طوارئ للحد من أسعار الطاقة بتكلفة محتملة تزيد عن 100 مليار دولار.
وقال تيموثي جارتون آش، أستاذ الدراسات الأوروبية بجامعة أكسفورد: "كل هذا يغذي الشعور بعدم اليقين وانعدام الأمن، والذي كان موجودًا بالفعل بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثم كوفيد، والآن رئيس وزراء جديد عديم الخبرة للغاية". مضيفا: "وسط هذا كله كانت الملكة هى الصخرة ثم زالت الصخرة".
حضور دائم في حياة الجميع
والملكة كانت حاضرة فى إيقاع الحياة اليومية البريطانية، فصورتها مطبوعة على أوراق الجنيه والطوابع البريدية، ورمزها الملكي - ER "إليزابيث ريجينا" - منقوش على الأعلام وصناديق البريد الحمراء عبر البلاد.
جونسون ومحللون آخرون يرون أن ما وراء ثبات الملكة هو مكانتها العالمية الهائلة، فيقول البروفيسور جارتون آش من أكسفورد: "اعتقادي الشخصي هو أنه لن تكون هناك شخصية قادمة تحظى بهذه القيمة.. إنها بطريقة ما اللحظة الأخيرة للعظمة البريطانية".
وبحسب لاندلر، فقد كان دور الملكة أكثر أهمية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
مخاوف الانشقاق
ولطالما احترمت الملكة الشقوق التي اتسعت داخل المملكة المتحدة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتضم كل من اسكتلندا وأيرلندا الشمالية الآن عددًا كبيرًا من السكان يفضلون الانفصال عن المملكة، وليس من الواضح ما إذا كان الملك تشارلز سيعطيهم سببًا أكثر إقناعًا للبقاء.
كما أن قوى الانفصال أكبر في مناطق السيادة البريطانية النائية، مثل جامايكا وجزر الباهاما وسانت لوسيا، حيث يطالب السكان ذوو الغالبية السوداء بالتعامل مع الإرث العنصري للاستعمار البريطاني.
فبعد أن تخلصت بربادوس من الملكة كرئيسة للدولة في عام 2021، لا يستبعد أن تحذو جامايكا حذوها قريبًا.