في عيدها الـ95.. ملكة بريطانيا بلا أميرها
لن تنطلق المدفعية عند برج لندن، ولا عند متنزه "هايد بارك" بالعاصمة البريطانية كما يحدث عادة في عيد ميلاد الملكة.
حداد يلف بريطانيا على وفاة أميرها فيليب، وحزن يطوق الملكة إليزابيث الثانية على فراق رفيق دربها، ما يلغي حتى الاحتفالات البسيطة بإكمالها عامها الـ95، الحدث الذي يتزامن أيضا مع يوم خطبتها.
حدثان في يوم واحد يرفعان منسوب الدموع المحبوسة في مقلتي الملكة إليزابيث الثانية بحثا عن تماسك بدأ يخذلها في واحدة من أصعب لحظاتها العاطفية، وفق صورها المتداولة بجنازة زوجها الذي توفي قبل أيام عن 99 عاما.
وحيدة لأول مرة منذ 7 عقود، يحل عيد ميلادها، وبلا احتفالات للمرة الثانية بعد أن أجهضت جائحة كورونا مراسمها الخاصة العام الماضي، قبل أن يتحالف الوباء مع فقدان زوجها فيحيل عيدها الحالي إلى مأتم.
بلا احتفالات
بلا احتفالات يحل عيد ملكة بريطانيا للمرة الثانية على التوالي، في مناسبة تأتي بعد أيام قليلة من رحيل زوجها الأمير فيليب.
ودعته وهي تجلس وحدها خلال مراسم قداس وداع بسبب قيود الجائحة، وظلت وحيدة في لحظاتها الخاصة تصارع ذكرياتها مع رجل تماهت معه حياتها حتى توحدت، وهو الذي تقدم لخطبتها قبل 74 عاما ليتم الزواج لاحقا.
وصفته بأنه كان لها "القوة والسند"، فيما قالت تقارير إعلامية إن الأمير فيليب "أخذ روح الملكة معه برحيله".
ومع أن مهتمين بالسيرة الذاتية لملكة بريطانيا يؤكدون أنها لطالما كانت قادرة على فصل الأمور في حياتها، وتتمتع بقدرة رهيبة على التحمل تجعلها قادرة على التعامل في شتى الظروف، إلا أنهم يرون أنه من الصعب عليها تجاوز محنة فراق زوجها.
وفي عيدها، ستبقى الملكة إليزابيث، أطول ملوك العالم جلوسا على العرش، في قلعة وندسور، وستختفي الاحتفالات البسيطة في ظل الحداد المستمر على مدى أسبوعين.
وأشارت صحف إلى أن أفراد العائلة سيزورون الملكة خلال الأيام المقبلة لضمان عدم بقائها بمفردها أثناء الحداد على زوجها الراحل، فيما امتنع قصر بكنجهام عن التعليق مشددا على أن شؤون العائلة المالكة بعد الجنازة تظل "خاصة".
ولدت إليزابيث في 21 أبريل/ نيسان 1926 ببروتن ستريت وسط لندن، ولم تكن تتوقع يوما أن تصبح ملكة، فوالدها جورج السادس لم يصبح ملكا إلا حين تنازل أخوه الأكبر إدوار الثامن عن العرش عام 1936، وهو المنعطف الذي غير حياتها لتجلس على العرش في عام 1952 وهي في عمر 25 عاما.
لحظات لا تنسى
رغم الحداد والفراق، إلا أن في حياة الملكة لحظات لا تنسى في أعياد ميلادها، امتزج فيها الذاتي بتاريخ المملكة المتحدة، في أحداث تظل عالقة بذاكرتها وبالذاكرة الجماعية أيضا.
عيد ميلادها الأول أمضته مع جدتها الملكة ماري في قلعة وندسور، بينما واصل والداها جولة طويلة في فيجي ونيوزيلندا وأستراليا في عام 1927.
أما في عيد ميلادها العاشر، العام 1936، فتلقت سيارة مصغرة ودراجة ودمية كبيرة وكتبًا وأثاثا لبيت دميتها.
وفي الرابعة عشرة من عمرها عام 1940، التقطت إليزابيث الصغيرة صورة مع عائلتها في قلعة وندسور، بينما أمضت عيد ميلادها الحادي والعشرين في جولة بجنوب إفريقيا مع والديها وشقيقتها مارغريت.
وللتاريخ الأخير خصوصية لديها، فوالداها جعلاها تنتظر حتى تبلغ من العمر 21 عامًا لتعلن خطوبتها على الأمير فيليب.
احتفلت بإكمالها الـ50 عاما بمجموعة من الصور العائلية، وأقامت عشاء للعائلة والأصدقاء.
وفي عيد ميلاها الـ60، ظهرت الملكة على شرفة قصر باكنغهام جنبًا إلى جنب مع الأمير أندرو وسارة فيرجسون، اللذين تزوجا في وقت لاحق من ذلك العام.
وفي عام 2006 الذي يصادف عيد ميلادها الـ80، قامت الملكة بجولة تقليدية لمدة 45 دقيقة بالشارع الرئيسي في وندسور أمام حشود من المهنئين.
وفي المساء، حضرت مأدبة عشاء من سمك السلمون المدخن ولحم الغزال وكعكة الشوكولاتة في قصر "كيو".
وفي 2015، أصبحت إليزابيث الثانية أول ملكة بريطانية تحتفل بعيد ميلادها التسعين، حيث اصطف الآلاف من المهنئين في الشوارع، وأضاءت الملكة أول منارات من بين مئات تم إنشاؤها في جميع أنحاء البلاد وخارجها للاحتفال بالمناسبة.
مرتان؟
من الأمور التي ربما لا يعرفها كثيرون أن الملكة البريطانية تحتفل سنويا في يومين مختلفين بعيد ميلادها، على غرار من سبقوها من ملوك المملكة المتحدة.
احتفال في مناسبتين يعود إلى تقليد رسمي قديم، حيث تحتفل الملكة بعيدها الأول يوم ميلادها المسجل في وثائقها الشخصية؛ أي يوم 21 أبريل، والثاني في عيد ميلاد "رسمي" يصادف ثاني أسبوع من شهر يونيو/حزيران عادة.
ووفق تقارير إعلامية، فإن أول من بدأ التقليد هو الملك البريطاني جورج الثاني العام 1748، وذلك بسبب الطقس الممطر والبارد الذي كان يصادف يوم عيد ميلاده الحقيقي.
وجرت العادة أن تشهد بريطانيا مراسم تحية السلاح بمناسبة أعياد الميلاد الملكية والذكرى السنوية؛ حيث تطلق طلقات فارغة من مواقع عدة في لندن، خصوصا برج لندن ومتنزه "هايد بارك".