رافائيل نادال.. أسطورة إسبانية صنعتها الملاعب الفرنسية
أسدل الإسباني المخضرم رافائيل نادال، الستار على مسيرة مذهلة في ملاعب التنس، بعدما أعلن اعتزاله اللعب.
وشهدت مسيرة نادال حصوله على 22 لقبا في بطولات التنس الكبرى "غراند سلام"، في فترة تقارب ربع قرن.
وتحول نادال إلى لاعب محترف مطلع الألفية الحالية، وفاز بأول لقب من بطولات الغراند سلام في سنة 2005، حين حقق بطولة فرنسا المفتوحة "رولان غاروس".
رافائيل نادال.. أسطورة صنعتها الملاعب الفرنسية
كانت باريس بداية أسطورة نادال ونهايتها، ومهد أعظم أمجاده؛ وكانت رولان غاروس القلعة التي صاغت أسطورته، وساعدته على تحقيق إنجازاته، وجعلت منه "ملك اللعبة".
وسيظل ملعب "فيليب شاترييه" محفورا في ذاكرة نادال إلى الأبد، منذ أن فاجأ العالم في عام 2005 عندما اقتحم عالم التنس الاحترافي وهو في سن الثامنة عشرة، وبعد الاحتفال بعيد ميلاده الـ19 في العاصمة الفرنسية، خطى الخطوة الأولى نحو أمجاده الخالدة.
وهناك، وبعد مرور 17 عاما، رفع آخر ألقابه في البطولات الأربع الكبرى "غراند سلام"، ليقدم مثالا آخر على الإرادة التي لا تلين، على الرغم أن المحن أثقلت كاهله طوال مسيرته، التي سطرها حتى بلغ عمره 38 عاما، ليكتب بعد ذلك نهاية ملحمته الرياضية.
وما بين مراهق غير مبال ظهر على الساحة في عام 2005، إلى نجم عالمي مخضرم الآن، لدى نادال في باريس 14 لقبا وأربع هزائم فقط و116 مباراة والكثير من صافرات الاستهجان من الجمهور والكثير من التصفيق، وتمثال سيظل إلى الأبد يعبر عن قصة لن تتكرر.
محطم الأرقام القياسية
يحمل نادال كل الأرقام القياسية في باريس، ولم يهيمن أحد على أي بطولة كما فعل نادال في المدينة الأوروبية، حيث فاز بنسبة 96.5% من المباريات التي لعبها في العاصمة الفرنسية.
ويغادر نادال عالم التنس بعد فوزه في 112 مباراة في رولان غاروس، وهي البطولة التي لم يتمكن فيها سوى 3 لاعبين فقط من التغلب عليه فيها، وهم روبن سودرلينغ (2009) ونوفاك ديوكوفيتش (2015 و2021) وألكسندر زفيريف (2024).
وخسر أمام النجم الألماني ألكسندر زفيريف في 27 مايو/أيار في مباراة كانت الأخيرة له في البطولة التي شهدت تألقه، ولكنها ليست الأخيرة له على الملعب الرئيسي في باريس، حيث عاد بعد بضعة أشهر للسعي وراء ذهبيته الأولمبية الثالثة في دورة الألعاب الأولمبية في باريس.
وهناك تعرض لهزيمة أخرى أمام ديوكوفيتش في الدور الثاني في 29 يوليو/تموز، فيما سيظل إلى الأبد آخر مبارياته في الفردي على الملاعب الرملية في باريس، وذلك قبل يومين من سقوطه في ربع نهائي الزوجي مع كارلوس ألكاراز في الوقت الإضافي.
قاهر الأساطير
كانت هيمنة نادال في باريس بمثابة مصدر رعب للمنافسين، من أكثرهم تواضعا إلى أكثرهم نجومية، فهناك اكتسح السويسري روجيه فيدرير، وأبعد نوفاك ديوكوفيتش عن منصات التتويج لسنوات.
وفاز نادال بـ90 مباراة دون أن يتنازل عن أي مجموعة، وتوج بألقاب 4 نسخ (2008 و2010 و2017 و2020) من البطولة دون أن يخسر أي مجموعة، وهو أمر فعله أيضا في 7 نهائيات.
ومن بين الخصوم الـ75 الذين واجههم، 17 خصما فقط يمكنهم التباهي بالفوز بمجموعة على الملاعب الرملية الفرنسية، و2 منهم فقط، هم جون إيسنر في 2011، وديوكوفيتش في نصف النهائي في 2013، وفيليكس أوجيه-ألياسيم في دور الـ16 في 2022، وصلوا معه إلى المجموعة الخامسة، ولم يتمكن أي منهم من الاحتفال.
ويعد ديوكوفيتش هو الخصم الذي واجهه نادال أكثر من غيره، 8 مرات، يليه فيدرر، 6 مرات، والنمساوي دومينيك تيم، 4 مرات.
وبفضل 39 انتصارا متتاليا، حققها ما بين هزيمته أمام سودرلينغ في 2009، والانتصار الذي حققه ديوكوفيتش في 2015، يمتلك أيضا أفضل سلسلة انتصارات في البطولة، والتي لم يسبق لأحد أن حققها في 5 نسخ.
ابن باريس البار
واستقبلت باريس نادال بحفاوة وودّعته بصخب غير عادي، ونصبت له تمثالا، وأهدته لحظة رائعة في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، ومن المؤكد أنها ستعد تكريما يوازي إنجازه.
وكتبت بطولة رولان غاروس على حسابتها عل مواقع التواصل الاجتماعي "14 شكرا لملايين الذكريات"، في إشارة إلى بطولاته الـ14، ونشرت مقطع فيديو للاحتفال بانتصاراته في العاصمة الفرنسية.
ويُظهر الفيديو ظهوره الأول في 25 مايو 2005 على الملعب رقم 1، الذي لم يعد موجودا الآن، أمام الألماني لارس بورجسمولر، وهو أول ظهور له في البطولة.
كان السويدي سودرلينج أول من هزم نادال في رولان غاروس عام 2009، لكن الأخير نجح في الثأر منه في العام التالي عندما هزم منافسه في النهائي.
وفي عيد ميلاده التاسع والعشرين، وفي الدور ربع النهائي، وهو منهك بدنيا بسبب الإصابة، تعرض للهزيمة الثانية، وكانت الأولى بـ3 مجموعات، وهي نتيجة لم تكن مفاجئة بالنظر إلى المستوى الذي كان يظهر به ديوكوفيتش عام 2015.
ولكن في عام 2017 عاد أقوى وفاز مرة أخرى دون أن يخسر أي مجموعة وافتتح سلسلة انتصارات أخرى منحته 4 ألقاب أخرى سمحت له بتخطي روجر فيدرير.
وجاءت الهزيمة الثالثة في 12 يونيو/حزيران 2021، وهو العام نفسه الذي نصبت فيه البطولة تمثالا لأعظم أمجاد نادال.
وكان ذلك في نهاية مباراة رائعة أمام ديوكوفيتش، الذي تمكن أخيرا في الدور نصف النهائي من التغلب على اللاعب الإسباني 3-6، 6-3، 7-6(4)، 6-2.
ومرة أخرى تنبأوا بنهايته، ومرة أخرى، عاد نادال لعام آخر ليدحض تلك التنبؤات، فبعد أيام قليلة من مغادرته روما وهو يعرج، أضاف بطولته الـ14 في عام 2022.
aXA6IDE4LjExOC4xNDkuNTUg جزيرة ام اند امز