كارثة إنسانية وتوترات خطيرة.. تحذيرات من هجوم إسرائيل الوشيك على رفح
ملاذ أخير لأكثر من مليون نازح فلسطيني في جنوب قطاع غزة، وضعت إسرائيل أعينها عليه، ما أثار خشية دولية من أي هجوم بري محتمل على مدينة رفح التي باتت قبلة النازحين الهاربين من العنف.
إلا أن ذلك الملاذ أصبح معرضا لعدوى العنف التي اجتاحت القطاع المحاصر، مع مواصلة إسرائيل قصفها الكثيف وإصدار رئيس وزرائها توجيهات بإعداد «خطّة لإجلاء» المدنيين من المدينة، مما جعل من رفح محور الترقّب بشأن المرحلة المقبلة، مع دخول الحرب شهرها الخامس.
وأفاد شهود، السبت، بحصول غارات في محيط رفح، حيث يحتشد نحو 1,3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكّان غزة، وهم في غالبيّتهم العظمى نازحون هربوا من العنف في شمال القطاع ووسطه، عقب اندلاع الحرب قبل أكثر من أربعة أشهر.
وأفادت وزارة الصحة في حكومة حماس عن سقوط 110 قتلى ليل الجمعة السبت، بينهم 25 قتلوا في ضربات في رفح، مشيرة إلى معارك عنيفة تدور السبت في مستشفى ناصر في خان يونس.
وعلى الرغم من أنها بقيت في منأى من العمليات العسكرية المباشرة، لم تسلم رفح من القصف الإسرائيلي الذي أدى الجمعة إلى تدمير مبانٍ عدة، وفق مصوّري وكالة فرانس برس.
كارثة إنسانية
تلك التطورات دفعت مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، السبت، إلى التحذير من أن هجوما محتملا للجيش الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة سيشكل «كارثة إنسانية تفوق الوصف».
وقال جوزيب بوريل في منشور على منصة «إكس» (تويتر سابقا): «أكرر تحذير العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أن الهجوم الإسرائيلي على رفح سيؤدي إلى كارثة إنسانية تفوق الوصف وتوترات خطيرة مع مصر».
وأضاف أن «استئناف المفاوضات للإفراج عن الرهائن ووقف الأعمال العدائية هو السبيل الوحيد لتجنب وقوع مذبحة».
ويشعر المجتمع الدولي بالقلق، بعد أن أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجيش بـ«تقديم خطّة» شنّ هجوم على رفح، الملجأ الأخير للنازحين بسبب الحرب في قطاع غزة.
في واشنطن، قال مسؤولون أمريكيون إنهم لم يروا أي استعدادات تشير إلى «هجوم كبير» أو «وشيك»، في حين حذروا من وقوع «كارثة»، خشية سيناريو مماثل لما حدث في شمال القطاع.
وحذّرت حماس، السبت، من أن الهجوم على رفح قد يخلف «عشرات آلاف الشهداء والجرحى».
تداعيات خطرة
وتتواصل التحذيرات من شنّ إسرائيل هجوما بريا على رفح، فوزارة الخارجية الإماراتية أعربت، في بيان لها، عن قلقها من مخططات واستعدادات الجيش الإسرائيلي لشنّ عملية عسكرية في رفح، وحذرت من العمل العسكري الذي يهدد بوقوع المزيد من الضحايا الأبرياء، ويؤدي إلى استفحال الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع.
وجدّدت تأكيد إدانتها لأي ترحيل قسري للشعب الفلسطيني، وأي ممارسات مخالفة لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والإنساني، داعية المجتمع الدولي إلى بذل كافة الجهود دون إبطاء، للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، لتجنّب المزيد من تأجيج الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحذّرت وزارة الخارجية السعودية، في بيان السبت، «من التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة، وهي الملاذ الأخير لمئات الآلاف من المدنيين، الذين أجبرهم العدوان الوحشي الإسرائيلي على النزوح».
واعتبرت أن «هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلا، لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».
وكانت الأمم المتحدة وكذلك الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، أعربتا عن مخاوفهما من عملية رفح.
رد مفرط
وحذّرت الخارجيّة الأمريكية هذا الأسبوع من أنّ «تنفيذ عمليّة مماثلة الآن (في رفح) بلا تخطيط وبقليل من التفكير، في منطقة يسكنها مليون شخص، سيكون كارثة».
وفي انتقاد ضمنيّ نادر لإسرائيل، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الأسبوع إنّ «الردّ في غزّة.. مُفرط»، مؤكّدا أنّه بذل جهودا منذ بدء الحرب لتخفيف وطأتها على المدنيّين.
بدوره، شدد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه على أنه إن كانت «صدمة الإسرائيليين حقيقية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن الوضع في غزة غير مبرر».
أما وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون فقال عبر منصة «إكس»: «نشعر بالقلق العميق إزاء احتمال شن هجوم عسكري على رفح، التي يلجأ أكثر من نصف سكان غزة إليها، يجب أن تكون الأولوية للوقف الفوري للقتال من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن، ثم التقدم نحو وقف دائم ومستدام لإطلاق النار».
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها «فرانس برس»، تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
كذلك احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة، تقول إسرائيل إنّ 132 بينهم ما زالوا محتجزين في غزّة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنّهم قُتلوا، حسب أرقام صادرة عن مكتب نتنياهو.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الحين بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28064 شخصا، غالبيّتهم نساء وأطفال، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لحماس.
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjIzNyA= جزيرة ام اند امز