المئات من فاغنر يغادرون أفريقيا الوسطى.. ترتيب أوراق؟
جحافل من قوات فاغنر غادرت أفريقيا الوسطى في تحرك يرفع منسوب الغموض حول مستقبل المجموعة عقب تمردها الفاشل في روسيا.
بعض الخبراء يرون أن الخطوة قد تكون بداية لإعادة تنظيم الوجود الروسي بالبلد الأفريقي في أعقاب الأزمة الأخيرة بين فاغنر وموسكو.
فيما يعتقد آخرون أن هؤلاء المغادرين رفضوا توقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية، ما يسقط عنهم أي صفة للبقاء.
وما بين الطرحين يتواصل نزيف عناصر من المجموعة، ممن اتجهوا نحو ليبيا ومنها إلى بيلاروسيا، وسط تعتيم إعلامي حول الخطوة ودوافعها وغموض يلف مستقبل المجموعة في توقيت بالغ الحساسية.
500
بحسب موقع "أوبانغي" الإخباري في أفريقيا الوسطى، فإن أولى عمليات المغادرة حدثت يوم الإثنين الماضي، واستمرت منذ ذلك الحين.
ونقل الموقع عن مصادر محلية قولها إن مقاتلين من فاغنر غادروا بالفعل من عدة مناطق في الشريط الشمالي للبلاد، ولا سيما من موين سيدو، وهي بلدة حدودية مع تشاد.
وبحسب مصادر أمنية غربية غادر 500 رجل من فاغنر إلى ليبيا قبل أن يصلوا إلى بيلاروسيا، ويقدر المصدر نفسه بأن 14 معسكرا من أصل 47 لمجموعة فاغنر معنية بهذا الفراغ وإن كان جزئيا، بينما سيظل هناك حوالي ألف من القوات شبه العسكرية في البلاد.
وسبب هذا الرحيل غير مؤكد حتى الآن، فهل رفض هؤلاء المقاتلون توقيع عقد مع وزارة الدفاع الروسية؟ أم أن الأمر يأتي في إطار تناوب كبير مخطط له قبل الأزمة مع الكرملين؟
لكن المؤكد أنه في كل الأحوال لا بد من استبدال المغادرين بآخرين، في خطوة تبدو ضرورية بعد أن أكدت موسكو أن الشراكات الحالية ستستمر، حيث ستواصل مجموعة فاغنر العمل في مالي وأفريقيا الوسطى، وهو ما سبق أن أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ففي 26 يونيو/حزيران الماضي، قال لافروف في مقابلة مع قناة "آر تي إن" إن عناصر فاغنر الذين يعملون في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى "كمدربين" سيستمرون بالطبع".
ماذا عن القادة؟
سؤال يطرح نفسه وقد يحدد ملامح مستقبل المجموعة: ماذا عن قادة فاغنر الحاليين في أفريقيا الوسطى؟ أي فيتالي بيرفيليف من الجانب الأمني، وديميتري ستيتي من الجانب الاقتصادي والمعلوماتي.
فهذان الرجلان القويان يحظيان بثقة قائد المجموعة يفغيني بريغوجين، لكنهما أيضا شكلا شبكات صلبة داخل السلطة في موسكو.
ولذلك فإن بقاءهما في حد ذاته يراكم غموضا إضافيا على كواليس ما يحدث عقب التمرد الفاشل للمجموعة.
لكن ورغم المد والجزر الذي تشهده العلاقات بين فاغنر وموسكو بعد التمرد الفاشل، إلا أن أنشطة المجموعة في الخارج، لا سيما في بلدان عربية والعديد من البلدان الأفريقية (أفريقيا الوسطى ومالي خصوصا)، لم تتأثر حتى الآن على ما يبدو.
استنتاج أكده إعلان نشرته فاغنر لتوظيف مترجمين باللغتين العربية والفرنسية، فبحسب موقع "سايت" الأمريكي المتخصص في مراقبة التطرف عبر الإنترنت، قالت المجموعة عبر قناة تابعة لها بتطبيق تليغرام "مطلوب متخصصون في الترجمة" باللغتين العربية والفرنسية".
وعرضت المجموعة "تعويضا ماليا لائقا ومحترما، وتأمينا وأفضل التجهيزات"، إضافة إلى "فرصة لرؤية العالم والحصول على حمام شمس صحي".
عروض تشي بأن ما يحدث قد يكون مجرد ترتيب لأوراق المجموعة في أفريقيا الوسطى والقارة السمراء عموما، لكن هل يشمل هذا الترتيب تغييرات هيكلية؟
هذا هو السؤال الذي لا يزال في حاجة إلى إجابة، لن تبوح بها سوى تطورات الأحداث بالمستقبل القريب، سواء في روسيا أو في أي مكان تتواجد فيه فاغنر.