"أندية القراءة".. ظاهرة تنهي عزلة المبدعين في مصر
نادي القراءة يجمع بين الكاتب وعدد من القراء، لمناقشة رواية أو كتاب، ويستمع فيه الكاتب لتعليقات القراء بشكل مباشر.
أصبحت أندية القراءة في مصر ظاهرة تشير إلى تنامي حضور الكتاب، ليس فقط في الأوساط الشبابية، وإنما امتدت لتصبح طقساً اجتماعياً يجذب فئات عمرية مختلفة، تزيد من الاهتمام بالقراءة، وتحفز على مناقشة الكتب وتحليلها مع مؤلفيها.
هذه الأمور جعلت أندية القراءة منافساً للمؤسسات الثقافية الرسمية، مع تنوع ووفرة ما تطرحه من برامج وأنشطة مختلفة، وزاد من تأثيرها فعاليتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونادي القراءة هو لقاء بين الكاتب وعدد من القراء، يتم فيه مناقشة رواية أو كتاب، ويستمع فيه الكاتب لتعليقات القراء بشكل مباشر، وأيضاً يتم خلاله قراءة بعض الكتب القديمة، وفي كافة المجالات المختلفة، سواء سياسة أو تاريخية أو اقتصادية أو أدبية.
بعض منظمي أندية القراءة تحدثوا لـ"العين الإخبارية" عن انطباعات مرتاديها.
يشير الروائي طارق إمام إلى أنه استفاد كثيراً من تناول هذه الأندية أعماله داخل مصر، أو خارجها، مؤكداً أن اتساع رقعة المنتديات المعنية بالأدب لتخرج من الغرف النقدية الأكاديمية المعزولة عن الناس إلى رحابة التلقي هو مكسب كبير، لأن الأدب عانى طويلاً من العزلة.
ويقول "إمام": "لعبت نوادي القراءة دوراً جيداً في نقل عدوى القراءة، لأنها نشاط اجتماعي يحظى بقدر من التفاعلية وتبادل الترشيحات".
وتابع: "كدنا في وقت من الأوقات أن ننسى كلمة قارئ وأن نحتفي بعزلتنا، لكن الأشكال الجديدة في تناول الكتب، بما في ذلك الريفيوهات القصيرة للقراء على مواقع التواصل الاجتماعي، لعبت دوراً جوهرياً في توسيع الرقعة، ومنحت نبضاً لجسد الأدب الذي كاد يتحول إلى جثة".
من جهتها، قالت الناشرة نورا رشاد، المديرة التنفيذية للدار المصرية اللبنانية، إن نوادي الكتاب لم تعد ظاهرة، لأن الظاهرة تظهر لفترة ثم تختفي، لكن نوادي الكتاب قائمة ومستمرة منذ 6 سنوات، وفي ازدياد.
وأشارت إلى أن تجربة نوادي القراءة بدأت عام 2013 بتجمعات محدودة بين السيدات، ثم سرعان ما تنامت أعدادها، حتى أصبح الرقم الحالي يتجاوز الـ50 ناديا للقراءة.
واستعرضت "رشاد" تجربتها في تأسيس أول نادي كتاب خاص ليستضيف مؤلفي الدار والقراء، بهدف التعرف بشكل مباشر على آراء القراء، وقياس تفاعلهم مع المؤلف بصورة حقيقية، بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي الجافة، أو المقالات النقدية المتخصصة.
ووفقاً لتقدير الناشرة نورا رشاد، فإن نوادي الكتاب تشكل جسراً ثقافياً لا يزال ممتداً بين القراء والمؤلفين، ويشجع على القراءة، خصوصاً لمن تركها سنوات بسبب العمل أو ظروف الحياة، ليعود ويقرأ ويلتقي بالمؤلف ضمن مجموعة، فيتشجع أكثر، ويحرص على ممارسة هذه الهواية الجميلة.
ومن جانبه، قال إسلام وهبان، مدير نادي القراء المحترفين على موقع "فيسبوك"، إن أندية القراءة الافتراضية أصبحت مؤشراً مهماً لعودة الاهتمام والشغف بالقراءة، وينفي كل المؤشرات المضللة التي تقول إن مؤشرات القراءة ضعيفة، لأنها لا تعكس الواقع.
وأشار وهبان إلى أن دوائر القراءة اتسعت وشملت أجيالا ورغبات واهتمامات متنوعة، فأصبح هناك عدد كبير من الشباب يهتم بالأدب والاطلاع، وقد يأخذ البعض هذه النوادي لأغراض ومصالح شخصية، لكن إجمالا النفع العام أكبر وتأثيره أفضل.
وتحدثت الناشرة رانيا بكر عن تجربتها في الانضمام إلى أكثر من نادٍ من نوادي القراءة، وقالت إنها كانت إيجابية للغاية، وأسعدها انتشار هذه التجارب أكثر في المجتمعات الراقية المعزولة تحت ما يسمى "كومباوند"، أو الأندية الرياضية التي لم تكن تضع القراءة على جدول أولوياتها.
وأضافت رانيا بكر، وهي المديرة التنفيذية لدار العربي للنشر، أن أندية القراءة تفيد الحركة الثقافية، وتشجع الناس على القراءة بالتدريج، كما أنها تتيح لغير المحترفين التدرج في اكتساب القراءة كعادة يومية، والتفاعل مع محيط اجتماعي جديد.
وأشارت إلى أن الكثير من الأندية أحدثت تحولاً إيجابياً في مؤشرات القراءة، وساعدت الناشرين على معرفة اتجاهات القراءة.
وقالت الروائية الشابة نورا ناجي إن بعض أندية القراءة أعادت الاعتبار لكتب قديمة لم تجد اهتماماً وقت صدورها، وبالتالي منحتها "حياة جديدة"، كما أن من مميزات هذه التجارب امتداد تأثيرها إلى مدن خارج القاهرة، مثل المنصورة وطنطا ودمياط وبورسعيد والمنيا وسوهاج.
وتابعت: "لا يوجد لدينا في مجتمعاتنا العربية ما يسمى بالوكالة الأدبية، وبالتالي تلعب نوادي القراءة نفس الدور المفتقد في التعريف بالكُتاب وتنظيم لقاءاتهم مع الجمهور، وهي التي تساند الكاتب وتساعده في بناء محيط اجتماعي جديد، يساعد في تنمية أسلوبه، والتواصل المباشر مع قرائه، وهي نعمة لم تكن متاحة لكتاب الأجيال السابقة".
aXA6IDMuMTQ3LjIwNS4xOSA=
جزيرة ام اند امز