إجراءات فرنسية بحق إيران.. طهران تسدد فاتورة إرهابها
التوتر بين طهران وباريس تتقاطع أسابه عند نقطة واحدة تختزل انتهاكات إيران لسيادة فرنسا، وتهديد قيمها العلمانية عبر نشر التطرف.
مع أن الأسباب الكامنة وراء تصاعد التوتر بين فرنسا وإيران عديدة، إلا أنها تتقاطع جميعها عند نقطة واحدة تختزل انتهاكات إيران لسيادة باريس، وتهديد قيمها العلمانية عبر نشر التطرف.
الإجابة على سؤال طرحته إذاعة "إر.تي.إل" الفرنسية "لماذا يتصاعد التوتر بين باريس وطهران"؟.
الإذاعة استعرضت العديد من الأسباب، مثل انتهاك النظام الإيراني لسيادة باريس، بضلوع عناصر من مخابرات طهران في التخطيط لهجوم إرهابي ضد معارضين للنظام على الأراضي الفرنسية.يضاف إلى ذلك تهديد إيران بإعادة إطلاق برنامجها البالستي بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، إلى جانب حملات التحريض والتطرف التي تشنها أذرع النظام الإيراني في فرنسا عبر مراكزها الثقافية، وهو ما ترى فيه باريس تهديدا لقيمها العلمانية.
جملة من العوامل كان لابد وأن تخلق، بتراكمها، المزيد من التوتر بين الجانبين، وهو ما دفع، لاحقا، بباريس لاتخاذ اجراءات صارمة ضد طهران، لتطهير البلاد من إرهاب طهران.
وشددت باريس على أن إجراءاتها لا تقتصر على ما تقدم، وإنما ستتبعها تدابير أخرى «أكثر صرامة" في الأيام المقبلة.
التخطيط لتفجير تجمع للمعارضة بباريس
وأشارت الإذاعة إلى أن التصعيد بين البلدين بدأ باتهام السلطات الفرنسية، المخابرات الإيرانية بالتخطيط للهجوم على مؤتمر عقدته المعارضة الإيرانية، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، في باريس.
وعقب تأكد باريس من تورط النظام الإيراني في الأمر، اتخذت إجراءات صارمة ضد مصالح مصالح طهران بفرنسا.
وفي خطوة لاحقة، أعلنت الحكومة الفرنسية، تجميد أصول إدارة الأمن الداخلي التابع للمخابرات الإيرانية، ومصادرة ممتلكات مواطنين إيرانيين اثنين، واعتقال ثلاثة بينهم دبلوماسيان، في إطار التحقيقات.
والمواطنان اللذان تمت مصادرة ممتلكاتهما هما أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإيراني في فيينا، والذي تم توقيفه في ألمانيا وسلمته برلين للسلطات البلجيكية، وسعيد هاشمي موجادام، نائب وزير المخابرات الإيراني.
حيثيات أكدتها مجلة "لونوفيل أوبسيرفاتير" الفرنسية، والتي ذكرت أن أسد الله كان يخطط لمذبحة دموية في فرنسا، ولكنه فشل في ذلك.
وفي الواقع، فإن إحباط مخطط آسد الله يعود لكشف المخابرات الفرنسية مخططه الدنيء، حيث تم العثور على 500 جرام من المواد الحارقة "تي إي.تي بي"، كانت ستستخدم في تفجير تجمع المعارضة الإيرانية حيث كان يحتشد 25 ألف شخص بينهم معارضون إيرانيون بارزون، وشخصيات دولية مثل رئيس وزراء كندا السابق ستيفان هاربر، ورودي جولياني عمدة نيويورك السابق ومحامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وردا على الإجراءات الفرنسية، طالب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، براهام قاسمي، بسرعة إطلاق سراح المعتقلين من قبل السلطات الفرنسية.
في المقابل، دعا وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، إلى ضرورة مراجعة باريس لعلاقتها مع إيران، عقب "تآمر الأخيرة على مؤتمر المعارضة في باريس"، الأمر الذي اعتبرته باريس "انتهاكاً للسيادة على أراضيها".
خرق التعهدات
أما السبب الآخر الذي قالت إذاعة "إر.تي.إل" إنه ساهم في توتر العلاقات بين باريس وطهران، فيكمن في تلويح الأخيرة بخرق تعهداتها واستئناف برنامج تطوير الصواريخ البالستية، وهو ما أثار غضب فرنسا.
وفي هذا الصدد، نقلت الإذاعة عن مصدر دبلوماسي فرنسي، لم تسمه، قوله إن"باريس ترغب في استمرار المحادثات مع طهران، للحد من التهديدات فيما يتعلق بالملف النووي، وتوغل نفوذها في الشرق الأوسط، بالضغط تارة، والتفاوض تارة أخرى".
وأشارت الإذاعة إلى أن ملف الهجوم على المعارضة الإيرانية، والتهديدات الإيرانية، كانا على طاولة المحادثات الهامشية بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الإيراني، حسن روحاني، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدورتها الـ73.
ووفق المصدر نفسه، فإن الجانبين لم يتوصلا ـ على ما يبدو ـ لحلول حول القضايا المطروحة، ما اضطر باريس لاتخاذ إجراءات صارمة ضد النظام الإيراني.
الأذرع الإيرانية التحريضية في فرنسا
الإذاعة تطرقت أيضا إلى اعتقال وتجميد أصول مسؤولين قائمين على "مركز الزهراء فرنسا" الإيراني، لافتة إلى أن هذه الإجراءات نابعة من قلق باريس وإصرارها على التصدي، بأي شكل من الأشكال، للنوايا الإرهابية والتحريضية الإيرانية.
ووصفت وسائل إعلام فرنسية "مركز الزهراء" بأنه إحدى البؤر الإرهابية الإيرانية في فرنسا، مشيرة إلى أنشطته المشبوهة، من ذلك الترويج لـ"داعش" و"حزب الله"، والتعاون مع شخصيات مثيرة للجدل، والتحريض على الإرهاب، ما جعله في مرمى أجهزة الأمن الفرنسية.