إعادة بعث بيتهوفن رقمياً.. حينما تلتقي العلوم الجنائية بالموسيقى (خاص)

في مشروع علمي وفني غير مسبوق، نجح المصمم البرازيلي ثلاثي الأبعاد "سيسيرو مورايس" وفريقه في إعادة بعث الموسيقار الشهير بيتهوفن رقميا.
خلال المشروع البحثي تم بناء وجه الموسيقار الشهير لودفيغ فان بيتهوفن باستخدام تقنيات التقريب الوجهي الشرعي، مستندين إلى صور تاريخية لجمجمته تم الحصول عليها بموافقة كريمة من متحف بيتهوفن-هاوس في بون.
وقال سيسيرو مورايس، الباحث الرئيسي في الدراسة للعين الإخبارية: "لم نرد فقط أن نُظهر وجه بيتهوفن، بل أن نُعيد إليه شيئا من إنسانيته، من ملامحه التي حملت الألم والعبقرية معا. هذه ليست صورة، بل شهادة على حياة كاملة عاشها وسط صراع داخلي وإبداع خارق".
الدراسة، التي تمثل مزيجا فريدا من علم الطب الشرعي والأنثروبولوجيا النفسية وتاريخ الموسيقى، لا تقتصر على الشكل الخارجي فحسب، بل تسلط الضوء أيضا على البُعد النفسي والمعرفي للعبقري الألماني. فقد قامت بتحليل منهجي دقيق لسعة جمجمته ومحيط رأسه، وهو أول قياس علمي موثق لهذين العاملين في تاريخ بيتهوفن، إلى جانب تحليل طوله استنادا إلى القياسات العظمية من نبش جثته عام 1863.
وأشار مورايس إلى أن هذه الدراسة تفتح آفاقًا لفهم تركيبة شخصية بيتهوفن من زاوية علمية، مضيفًا: "عندما تضع سعة الدماغ ومحيط الرأس في سياق تحليلي مع إنجازاته، يمكنك أن تلمس شيئا من عبقريته. بيتهوفن لم يكن مجرد موهبة، بل كان عقلا خارقا يصارع عالما لا يستطيع سماعه".
كما يتضمن البحث أول تحليل أكاديمي منهجي لذكاء بيتهوفن وعبقريته، باستخدام أدوات علم الهستيوميتريا (historiometry) ومفاهيم حديثة تتعلق بذوي القدرات العالية، لتوضيح كيف تغلب على تحدياته الشخصية، وأبرزها الصمم التدريجي، ليُنتج أعمالاً موسيقية خالدة.
وأكد مورايس:" "ومن المدهش أن ندرك كيف غذت معاناته إبداعه، لقد حول فقدان السمع، وهو أسوأ كابوس لأي موسيقي، إلى مصدر قوة داخلية انعكست في سيمفونياته، فهذه القدرة على تحويل الألم إلى جمال هي لبّ عبقريته".
ويعرض التقرير أيضًا السيرة الذاتية الكاملة لبيتهوفن بطريقة تسلط الضوء على نضاله المبكر مع والده القاسي، وتجربته المريرة مع فقدان والدته، وعلاقاته العاطفية المعقدة، وصراعاته القانونية مع أرملة شقيقه على حضانة ابنها. وتكشف هذه الوقائع كيف شكّلت التحديات الشخصية طباعه الحادة وشخصيته المتقلبة، ولكنها في الوقت نفسه غذّت إبداعه وأطلقت العنان لموسيقاه الثورية.
واختتم مورايس بقوله: "نأمل أن يرى العالم بيتهوفن كما لم يره من قبل، فوراء كل نغمة، كان هناك قلب يخفق، وعقل يحترق، ووجه مليء بالتعب والدهشة، فهذا المشروع يمثل جسرا جديدا بين الماضي والمستقبل، حيث يعيد العلم والفن الحياة إلى أحد أعظم رموز الإنسانية، ويمنحنا فرصة نادرة لننظر في وجه بيتهوفن الحقيقي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzAg
جزيرة ام اند امز