أدوية الأمراض المزمنة في لبنان.. تقليص الدعم يقتل الفقراء
ضربة "قاتلة" تلقاها اللبنانيون بقرار رفع الدعم الجزئي عن أدوية الأمراض المزمنة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار ونفاد احتياطي العملة الصعبة.
ويعاني اللبنانيون منذ فترة طويلة من فقدان أدوية الأمراض المزمنة من الصيدليات، وعندما داهم وزير الصحة السابق حمد حسن مستودعات للأدوية اكتشف أنها تخزن أطناناً من الأدوية بانتظار رفع الدعم عنها وبالتالي رفع سعرها. وبدلا من حل الأزمة وتوفير الدواء المدعم، صدم اللبنانيون بأن الدواء قد توفر لكن من دون أن يتمكنوا من شرائه بسبب أسعاره الخيالية.
وارتفعت أسعار الأدوية بين 5 و9 أضعاف، وشمل ذلك أدوية أساسية بينها أدوية أمراض الضغط، السكري والقلب وغيرها. موجة غضب عبّر عنها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حيث اعتبروا أنه بعد رفع الدعم الجزئي بات الدواء للأغنياء فقط، وتساءل البعض عن صمت المواطن عن موضوع يخص صحته، في حين توجه عدد من المواطنين إلى وزارة الصحة، واقتحم عدد منهم مبنى الوزارة، مطلقين شعارات وهتافات غاضبة.
شر لا بد منه
نقيب الصيادلة غسان الأمين أكد لـ"العين الإخبارية" أن "رفع الدعم الجزئي عن أدوية الأمراض المزمنة شر لا بد منه" شارحاً أنه "كان أمام الحكومة خيارين: الأول عدم رفع الدعم ما يعني استمرار فقدانه في لبنان، كون سيبقى سعره على سعر صرف الدولار الرسمي أي 1500 ليرة، في حين لم يعد لدى مصرف لبنان الأموال للدفع، مع العلم أنه منذ 4 أشهر لم يتم استيراد الدواء".
وأضاف أن "انقطاع الأدوية في لبنان أوجد ظاهرة خطرة وهي الأدوية المهربة، المزورة والرخيصة، وهو أمر خطر على الصحة العامة، إذ لم يبق أمام المواطن إلا أن يلجأ إلى هذه الأدوية أو الاعتماد على أقارب له في الخارج لجلب الدواء، لذلك كله لم يعد هناك مجال سوى أن يتخذ قرار رفع الدعم وإن كان قراراً صعباً".
وأكد الأمين أن الأدوية الرخيصة بقيت مدعومة بنسبة 25%، أما المتوسطة فهي مدعومة بنسبة 45% أما الأدوية باهظة السعر فما زالت مدعومة بنسبة 65%، في حين أن أدوية السرطان "لم يتم المس بها وبقيت مدعومة بشكل كامل".
ولفت الأمين إلى أن من آثار هذا القرار "عدم تمكن شريحة من المواطنين من الحصول على الدواء كما أن عدداً من الصيدليات لا تملك الرأسمال لإعادة مخزونها كما في السابق، ومن هنا قد نشهد إقفالاً لبعض الصيدليات".
وفيما إن كان اللبنانيون سيصدمون في مرحلة لاحقة برفع الدعم الكلي؟ قال الأمين: "هذا السؤال يجيب عنه شخص واحد وهو حاكم مصرف لبنان".
تخرين واختفاء الأدوية
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، قد علّق على موضوع رفع الدعم الجزئي عن الأدوية المزمنة بالقول "واصلنا دعم أدوية الأمراض المزمنة والأمراض السرطانية لمدة شهرين، لكنها فُقدت من الأسواق، فإما أن الناس قاموا بتخزينها في المنازل، وإما أنه تم تهريبها، ولذلك سنظل ملتزمين هذا الموضوع لكي يأخذ كل مريض حقه عبر حصر تقديم الدواء المطلوب أو ما يوازيه، حسب رأي الطبيب، في المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة على كل الأراضي اللبنانية مجاناً".
أما رئيس لجنة الصحة البرلمانية النائب عاصم عراجي، فقد أكد بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن 70% من اللبنانيين أصبحوا عاجزين عن شراء الدواء، شارحاً أنه "تم وضع الدعم على أساس شطور معيّنة، وبسبب انهيار الليرة اللبنانية ارتفعت الأسعار بشكل مخيف، ولأن هذا الأمر غير مقبول طلبنا لقاء ميقاتي وقلنا له إن هذا الأمر غير مقبول، وبحثنا في عدد من الحلول". ولفت عراجي إلى "أننا طرحنا زيادة الأموال المخصصة للدواء بالدولار"، مشيراً إلى أن ذلك "سيبحث في اجتماع بين ميقاتي ووزير الصحة وحاكم مصرف لبنان".
توفير الأدوية
من جانبه علّق وزير الصحة الدكتور فراس أبيض على القرار معتبراً أن "الرفع الجزئي للدعم عن أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة كان لا بد منه بسبب عدم توفّر الأموال"، مؤكداً عدم الرفع التام للدعم عنها. وأشار أبيض إلى بدء توفّر بعض الأدوية التي كانت مقطوعة خلال أسبوع، كون الشركات العالمية عادت لتورّد إلى لبنان بعد قبض مستحقاتها.
وشدد على أن "مراكز الرعاية الأولية تقدّم أكثر من 90 دواء من أدوية الأمراض المزمنة مجاناً، وهذه المراكز مفتوحة أمام جميع المرضى" كما أشار إلى أن مصانع الأدوية في لبنان تؤمّن حوالي 500 دواء من أدوية الأمراض المزمنة، مؤكداً الالتزام بدعمها، والاستمرار في دعم المواد الأولية.
دولة تقتل شعبها
الصحفية غلاديس صعب كما غيرها من الذين يعانون من أمراض مزمنة صدمت برفع الدعم الجزئي عن الأدوية، وفي حديث لـ"العين الإخبارية" قالت إنها تحتاج إلى علبتي دواء لتنظيم دقات القلب كان ثمن الواحدة نحو 10 آلاف ليرة الآن أصبحت بـ96 ألف ليرة، كما تحتاج إلى دواء ضغط ارتفع سعره من 30 ألف ليرة إلى 169 ألف ليرة، أما دواء الكوليسترول فأصبح سعره 125 ألف ليرة بعدما كان 40 ألف ليرة، أما دواء الأعصاب فقد ارتفع سعره من 18 ألف ليرة إلى 168 ألف ليرة، كذلك احتاج إلى دواء لمعالجة السكري ارتفع سعره من 75 ألف ليرة الى 476 ألف ليرة، وغيرها العديد من الأدوية التي احتاجها، عدا عن أدوية والدتي".
وشددت "صعب" على أنه في ظل هذه الأسعار لم تعد تملك القدرة على شراء الأدوية قائلة "يقول البعض لي يمكنني الانتباه على طعامي لخفض نسبة السكر في الدم، لكن حتى الحمية الغذائية تحتاج إلى المال، والجميع يعلم مدى ارتفاع أسعار الخضار واللحوم، فأي دولة هذه التي تقتل شعبها على البطيء"؟!
aXA6IDMuMTQyLjQwLjE5NSA= جزيرة ام اند امز