الشعب العراقي وصل إلى مرحلة صار يؤمن فيها بأن قبول النظام الإيراني بأي مرشح لمنصب رئيس الوزراء يعني أنه لعبة في يده
يكفي إعلان النظام الإيراني تأييده لتكليف محمد توفيق علاوي رئاسة الحكومة العراقية ليتخذ منه العراقيون موقفاً سالباً والخروج إلى الشوارع والساحات، وهم حاملون بيارق نقشت فيها صورته وكتب تحتها بخط كبير ومتكرر عبارة «مرفوض من الشعب العراقي»، فباستثناء الكتل السياسية والأحزاب التابعة لإيران والمؤيدة لها لا يمكن لأحد من أبناء الشعب العراقي أن يقبل بمن يؤيده النظام الإيراني، فالشعب العراقي وصل إلى مرحلة صار يؤمن فيها بأن قبول النظام الإيراني بأي مرشح لهذا المنصب يعني أنه لعبة في يده.
بالنسبة لغير العراقيين ربما يعتقدون -جلهم أو كلهم- بأن في هذا الحكم ظلماً لعلاوي، لكن بالنسبة للشعب العراقي الذي ذاق الكثير من الويلات بسبب التدخل الإيراني في شؤون بلادهم يؤمنون بأن كل من ترضى عنه إيران الملالي هو بالضرورة تابعاً لها، ولا يمكنه أن يتأخر عن تنفيذ ما يصله منها من أوامر وتوجيهات.
اليوم يدور حديث كثير في العراق عن تبرؤ بعض الكتل السياسية من ترشيح علاوي لخلافة عادل عبدالمهدي، لكن هذا وغيره لن يؤدي إلا إلى استمرار الشعب العراقي في التشبث بساحات الاعتصام ورفض كل من لا يوافق عليه، خصوصاً من يحصل على تأييد النظام الإيراني
واقع الحال في العراق يقول إن الجدل حول تكليف علاوي لن ينتهي، ولن تنتهي المشكلات التي خرج بسببها العراقيون إلى الشوارع والساحات. الحال في العراق حالياً هو أن المتظاهرين اتفقوا على معايير محددة يطبقونها على كل مرشح لرئاسة الوزراء وينظرون إلى الأمور بمنظارهم، فإن توافق معها حصل المرشح على القبول وإن لم يتوافق معها تم رفضه. مقابل هذا يستمر السياسيون وأحزابهم والدول التي تقف من ورائهم تدعمهم في تمسكهم بما ظلوا متمسكين به، وكل منهم يريد أن يستأثر بالسلطة والثروة. هذا يعني أن هناك صراعاً يتطور بين الطرفين، الشعب العراقي الذي يريد أن يعيش كما ينبغي له أن يعيش، والأحزاب العراقية التي تريد أن تحكم وتضمن دعم من يدعمها من الدول، ولأن النظام الإيراني صار متحكماً في الكثير من مفاصل الدولة العراقية لذا فإنه يعتقد بأن فرض رئيس وزراء يدين له بالولاء حق طبيعي له، ينبغي ألا ينافسه فيه أحد، وينبغي من هذا أن ينفذ ما يأتيه من إيران من أوامر وتوجيهات. وللسبب نفسه فإن الشعب العراقي يرفض كل رئيس وزراء يمكن أن يكون تابعاً لإيران، بل يرفض كل من يشك في أنه قد يكون تابعاً لها، ولهذا جاء الرفض الصريح منه لتوفيق علاوي فور أن أعلنت إيران تأييدها لتوليه هذا المنصب.
حتى لو تمكن رئيس الوزراء الجديد من تشكيل حكومة خارج ضغوط الأحزاب والكتل والدول وأولها إيران، وحتى لو حصلت هذه الحكومة على ثقة البرلمان العراقي فإن الشعب العراقي سيظل رافضاً كل هذا، وسيستمر في الخروج إلى الشوارع والوجود في الساحات والتعبير عن موقفه.
ما يريده الشعب العراقي صراحة هو أن تخرج إيران من العراق وتتوقف عن التدخل في شؤونه الداخلية، وما يريده هو أن يشعر بأن العراق عاد دولة مستقلة يحكم نفسه بنفسه، ويعمل من أجل الشعب العراقي ومستقبله، لهذا فإنه سيستمر في رفض كل ما تريده الأحزاب والكتل، خصوصاً تلك التي تتبع النظام الإيراني صراحة وتلك التي يشك في أنها تتبعه. وهذا يعني أن الأوضاع في العراق لن تستقر في الوقت الحالي، فالشعب العراقي يعرف أن التدخل في شؤونه لا يقتصر على إيران، ويعرف أن السلطة في العراق لا تستطيع الإفلات من المعاهدات التي وقعت عليها من قبل وتلزمها بأمور لا تستطيع الإفصاح عنها.
اليوم يدور حديث كثير في العراق عن تبرؤ بعض الكتل السياسية من ترشيح علاوي لخلافة عادل عبدالمهدي، لكن هذا وغيره لن يؤدي إلا إلى استمرار الشعب العراقي في التشبث بساحات الاعتصام ورفض كل من لا يوافق عليه، خصوصاً من يحصل على تأييد النظام الإيراني.
نقلاً عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة