الطوائف الدينية في تونس توقع ميثاقا وطنيا لـ"التعايش السلمي"
وقع مندوبون عن جميع الطوائف والمذاهب الدينية في تونس على الميثاق الوطني للتعايش السلمي المشترك، والذي يضمن للأقليات الدينية حقهم في الاختلاف.
جاء ذلك في حفل نظمته منظمة "التلاقي للحرية والمساواة" (غير حكومية)، بحضور ممثلي الطوائف الدينية في تونس ومن بينهم دانيال كوهين حاخام الكنيس اليهودي، ومحمد بن موسى ممثل البهائيين في تونس، والقس كمال أولاد فاطمة ممثل عن الكنيسة الإنجيلية بتونس، وحسن بو عبد الله رئيس اتحاد الطرق الصوفية، والشيخ أحمد بن سلمان ممثل مركز آل البيت بتونس.
ويأتي هذا الاتفاق إيمانا منهم، وفق البيان، بأن التنوع الديني والمذهبي في المجتمعات الإنسانية لا يبرر الصراع والصدام بل يستدعي إقامة رابطة إنسانية تجعل من هذا التنوع جسرا للحوار والتفاهم والتعاون لخدمة الإنسان والوطن.
وقال كريم شنيبة المتحدث باسم الميثاق الوطني للتعايش المشترك، خلال مؤتمر صحفي بضواحي العاصمة، إن تونس قد عاشت في العشرية الماضية تصعيدا خطيرا لخطاب الكراهية والتطرف العنيف الصادر عن تيارات دينية وفكرية لم تراع حرمة الوطن ولا سلامة المجتمع، حتى وصل الأمر إلى سفك للدماء المعصومة تحت غطاء ديني أو سياسي.
وأضاف أن الوضع الاجتماعي المتدهور الذي تشهده تونس يقتضي التدخل العاجل لتحصين المجتمع وترسيخ قيم الاعتدال ومنع الانجرار إلى الكراهية والتطرف والعنف.
وأكد شنيبة أن وثيقة الاتفاق تنص على أن مكافحة العنف والتطرف والكراهية تبدأ بتجريم الفتاوى والخطابات التي تدعو لإقصاء واستئصال الآخر، وبالتالي فلا بد من سن تشريعات صارمة تمنع هذه الظواهر.
وتابع "إن الرموز الدينية لجميع الأديان والمذاهب محترمة فلا يجوز المساس بها بالاستنقاص أو التسخيف أو الاستهزاء، كما أن دور العبادة جعلت لتزكية النفس وتعليم الناس أحكام دينهم فلا يجوز بأي حال من الأحوال المس بقدسيتهم وجعلها بؤرة للتجاذبات السياسية أو توظيفها في الصراع الحزبي".
كما أفاد بأن التوقيع على هذا الميثاق يأتي نتيجة عمل لمدة 3 سنوات بعد سلسلة من الجلسات الحوارية بين جميع مختلف الأطياف والمذاهب الدينية، موضحا أن هذا الاتفاق معنوي أخلاقي وبمتابعة من وزارة الشؤون الدينية التونسية، وليس له أي التزامات أو تبعات قانونية.
وأقر بتعرض عدد من الأقليات الدينية في تونس إلى انتهاكات رغم أنه من حق المواطن التونسي بنص الدستور والمواثيق الدولية والمعاهدات إقامة شعائره الدينية.
وأكد أن هناك مواطنون تونسيون يلجأون لإخفاء هويتهم الدينية خوفا من الاضطهاد ومن عمليات التضييق، ما يعتبر في حد ذاته خطرا على الحريات وعلى الإنسان عموما.
وأضاف أن هناك نبذ داخل الأسرة والمجتمع وصل حد نبش القبور، موضحا "هذا كله يأتي في غياب تشريعات واضحة تعنى بالجانب الديني وبجانب الاضطهاد على أساس الدين".
سنوات الخوف والكراهية
بدوره، قال دانيال كوهين حاخام الكنيس اليهودي بمدينة حلق الوادي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" على هامش المؤتمر الصحفي، إن تاريخ يهود تونس يعود إلى ما قبل 2400 سنة، وتابع أن "هذا الميثاق سينهي سنوات من الخوف والكراهية والشعور بالعزلة والانعزال".
ودعا وسائل الإعلام التونسية لإيصال أصوات الأقليات الدينية والتفسير للتونسيين، بأن حق الاختلاف مضمون وأن يتحدثوا عن الأعياد الدينية ويهنئوهم.
وأكد أنه يطمح كيهودي بأن يستطيع الخروج أو الدراسة دون أن يقلقه أي أحد ويسأله عن "كيبا" التي يضعها فوق رأسه، كي لا يشعر بأنه غريب عن المجتمع رغم اختلافه فهو تابع للمجتمع التونسي.
وأكد "على الدولة التونسية أن تحمي جميع المواطنين وهي التي وضعت نفسها في إطار بأن الدستور ينص على أنها دولة دينها الإسلام ما يعني أنها أخرجت بقية المواطنين من الأقليات الدينية من إطار الدولة".
من جانبه، قال القس كمال أولاد فاطمة، ممثل عن الكنيسة الإنجيلية في تونس: "إن الله في صفاته المحبة لذلك لا يمكن التعايش بمعزل عن الآخرين".
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" "نحن مسيحي تونس تونسيون ولسنا قادمين لا من أوروبا أو أمريكا ولم آت بلباسي الديني لأثبت أنني أشبه إلى جميع التونسيين".
وأوضح "السيد المسيح علمنا بأن لا ندين حتى لا ندان، ونحب حتى الناس التي لا تحبنا لذلك تشرفت بالمشاركة والتوقيع على هذا الاتفاق الذي يعبر عن الوحدة ".
بدوره، قال محمد بن موسى عضو مكتب الإعلام للبهائيين في تونس بأن هذا الميثاق يسعى إلى الوحدة والتنوع والاختلاف.
وأقر بأن المنتمين للديانة البهائية في تونس يتعرضون للانتهاكات، حيث خرجت في حقهم فتاوي تكفير من مفتي الديار التونسية رسميا في ديسمبر 2020، كما اتهمتهم رئاسة الحكومة التونسية بالردة.