رينو وفيات كرايسلر.. عملية اندماج جريئة تعيد رسم عالم صناعة السيارات
الحكومة الفرنسية ونائب رئيس الوزراء الإيطالي أعربوا عن ترحيبهم بالصفقة ووصفوها بـ"الرائعة".
أعلنت شركة "رينو" الفرنسية للسيارات، الإثنين، أنها ستدرس "باهتمام" اقتراح "فيات كرايسلر" للاندماج بالمناصفة، في اتفاق يمثل عملية جريئة يمكن أن تعيد رسم المشهد في عالم صناعة السيارات، بينما تنظر المجموعة الفرنسية في خياراتها بعد توقيف رئيسها التنفيذي كارلوس غصن في اليابان.
وربطت رينو استراتيجيتها على مدى سنوات بشراكتها مع مجموعة "نيسان" اليابانية لكن توقيف غصن وإقالته لاحقا من المجموعتين أثار أسئلة بشأن هذه الشراكة.
وبعد اجتماع لمجلس إدارتها لمناقشة ما وصفته بالعرض "الودّي"، أفادت رينو أنها ستدخل في محادثات بشأن عملية الاندماج التي ستثمر عن ثالث أكبر مجموعة لصناعة السيارات في العالم.
وانعكس تأييد المستثمرين لهذا الاحتمال في أسواق البورصة إذ قفز سهم رينو 12.1% وصعدت أسهم فيات كرايسلر 8%.
وسيمنح العرض فيات قدرة على الوصول إلى تكنولوجيا رينو للسيارات الكهربائية، مما يسمح لها بتطبيق قانون المفوضية الأوروبية بشأن الحد الأعلى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وأما رينو، فستتمكن من الوصول إلى عمليات فيات كرايسلر الواسعة في الولايات المتحدة وخبرتها في مجال الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض.
وحظيت الفكرة بدعم الحكومة الفرنسية التي تمتلك حصة في رينو تبلغ نسبتها 15%، بعدما أكدت فيات أن الاندماج لن يتسبب في إغلاق أي معامل إنتاج.
تأييد حكومي
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية سيبيت ندياي الاثنين إن "الحكومة تؤيّد (الاقتراح...)، لكن يجب على شروط عملية الاندماج هذه أن تدعم التطوير الاقتصادي لرينو وبالطبع موظفيها".
كما رحب نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سلافيني بالاقتراح الذي وصفه بأنه "صفقة رائعة".
إلا أن نقابات العمال أبدت قلقها ودعا الاتحاد العام للعمل (سي جي تي)، ثاني أكبر نقابة عمالية في رينو، الحكومة للمحافظة على أقلية معطّلة بعد أي اتفاق، إذ قد يتسبب الاندماج في التخفيف من قيمة حصة الدولة في المجموعة الجديدة إذا تشكلت.
مرحلة ما بعد كارلوس غصن
وسادت رينو حالة من الإرباك في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مع توقيف السلطات اليابانية لغصن، الذي كان كذلك رئيس شريكتها اليابانية نيسان.
ويبيع التحالف، الذي يضم كذلك "ميتسوبيشي"، ما مجموعه نحو 10,8 مليون سيارة كل عام، مقارنة بـ"فولكسفاجن" الألمانية و"تويوتا" اليابانية، إذ تبيع كل منهما نحو 10,6 مليون مركبة.
لكن تسري شكوك بشأن مستقبل المجموعة بعد إقالة غصن من رينو ونيسان، بينما تبدو طوكيو منزعجة من ضغوط الجانب الفرنسي لتعميق التكامل.
وتملك رينو حصة نسبتها 43% في نيسان، التي تملك بدورها 15% في شريكتها الفرنسية، ورغم تعهدات الطرفين بالمحافظة على التحالف، فإن محللين يشيرون إلى أن التوترات قد تدفع رينو للبحث عن بدائل.
وأفادت فيات كرايسلر أن مشروعها المقترح لرينو قد يثمر عن "مجموعة صناعة سيارات دولية متميزة" بإمكانها بيع 8,7 مليون سيارة سنويًا.
وذكرت أن الملف التعريفي لعلامتي المجموعتين التجاريتين سيكون "واسع النطاق ومتكاملا وسيوفر تغطية كاملة للسوق انطلاقًا من الفخامة ووصولا إلى (المركبات) واسعة الانتشار".
ولم يتم ذكر نيسان التي تعاني من انخفاض مبيعاتها وتضرر سمعتها بسبب قضية غصن الذي يواجه تهما بارتكاب مخالفات مالية.
وصرح هيروتو سايكاوا الرئيس التنفيذي لنيسان للصحفيين الإثنين أنه "منفتح على أية مناقشات بناءة لتعزيز التحالف"، ومن المؤكد أنه سيتم التطرق لهذه المسألة في اجتماع الأربعاء مع رئيس مجلس إدارة رينو جان-دومينيك سينارد.
وتعرضت فيات كرايسلر لضغوط في أوروبا، ما أثار تكهنات بأنها تبحث عن شريك في وقت يواجه القطاع ضغوطا لتعزيز وضعه في وجه تراجع الطلب والتحوّل المكلف للسيارات الكهربائية.
ويُنظر إلى فيات كرايسلر بشكل واسع على أنها تأخرت في الوصول إلى سوق المركبات الكهربائية، لكن أداءها يعد جيدا في قطاعي الشاحنات والسيارات الرياضية متعددة الأغراض في الولايات المتحدة.
بدورها، حققت رينو تحولا مبكراً إلى السيارات الكهربائية وحققت نحاحاً في السوق مع سيارتها "زوي" رغم أنها لم تحاول بعد دخول سوق أمريكا الشمالية.
وقالت "فيات كرايسلر" إن الاندماج سيضع المجموعة الجديدة "في موقع قوي فيما يتعلق بالتحول التكنولوجي" نحو المركبات الكهربائية، وتلك ذاتية القيادة.
وفي وقت سابق هذا العام، سرت شائعات بأن رينو مهتمة بفيات كرايسلر بعدما فقدت الأمل بالاندماج بشكل كامل مع نيسان أو حتى منافستها الفرنسية "بي إس أيه".
وتوقعت فيات كرايسلر أن الاندماج سيدرّ أكثر من 5 مليارات يورو (5,6 مليار دولار) عبر توفير التكاليف وغيرها من أنماط التكامل، إلى جانب الميّزات من تحالف رينو-نيسان-ميتسوبيشي.
وفي المجموع (مع أخذ نيسان وميتسوبيشي في الحسبان)، قد يثمر الاندماج مع فيات كرايسلر عن إنتاج ما يقارب من 16 مليون مركبة، وهو ما يعني التفوّق على فولكسفاجن وتويوتا.