"رجل بوتين الغامض".. لماذا يتواجد "شوغالي" بأفغانستان؟
رجل يتصرف وفق استراتيجية واضحة، وتلاحق أقدامه الأقدام الأمريكية المنسحبة، ويؤشر ظهوره على اتجاهات السياسة الروسية.
هذا الرجل هو مكسيم شوغالي، صاحب الشخصية الغامضة والذراع اليمنى لحليف الكرملين، يفغيني بريغوزين، الذي تحمّله الولايات المتحدة مسؤولية التدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.
وكان شوغالي، عالم الاجتماع والمفكر السياسي، من أوائل الواصلين إلى كابول بعد سيطرة طالبان عليها منتصف أغسطس/آب الماضي، بهدف العثور على مواقع يمكن أن تعمل فيها طالبان مع الشبكة السياسية والأمنية التي يقودها بريغوزين، قطب الأعمال التجارية المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأحد أقوى اللاعبين في دوائر السياسة الروسية، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
وفي كابول، التقى شوغالي بالفعل مع أبرز السياسيين في طالبان، وأجرى استطلاعات للآراء وحوارات لتحديد الملفات التي تكمن فيها فرص موسكو.
وكتب شوغالي، في رسالة لـ"وول ستريت جورنال" من كابول، قائلا: "كل الطرق مفتوحة أمام تعاون واسع النطاق، ولهذا السبب موجود هنا"، مشيرًا إلى أن الوضع مجهز لتطوير علاقة سياسية واقتصادية أوسع نطاقا مع طالبان".
ومن ليبيا إلى مدغشفر والآن أفغانستان، يقدم المسار غير المعتاد لشوغالي نظرة حول مساعي موسكو لعقد صداقات والتأثير على الحكومات في أماكن يتراجع فيها النفوذ الأمريكي، وفق الصحيفة الأمريكية.
ويصور الرجل صاحب الـ55 عاما نفسه عادة بباحث يتورط في أحداث خارجة عن سيطرته، وتعرض للسجن في طرابلس لأكثر من عام بتهمة التجسس خلال إقامته هناك، وتحولت قصته إلى فيلم أكشن تحت اسم "شوغالي"، الذي عرض لأول مرة على التلفزيون الروسي في أثناء سجنه في ليبيا.
ومع ذلك، لا يزال شوغالي يعمل تحت الإشراف المباشر لبريغوزين، ومعا يشكلان أحد أكثر التشكيلات الفعالة للعاملين المستقلين في تطوير أهداف السياسة الخارجية الاستراتيجية لبوتين، بحسب ما قاله مسؤولون أمريكيون وغربيون آخرون.
وخلص التحقيق الأمريكي في ملابسات انتخابات 2016، أن بيرغوزين، صاحب مطعم سابق ويعرف باسم "طباخ بوتين"، الذي تحصل على مئات ملايين الدولارات الدولارات من عقود للحكومة الروسية، موّل "مزرعة المتصيدين" في سانت بطرسبرج التي حاولت تحريف نتائج الانتخابات الأمريكية.
وقالت وكالات الاستخبارات الأمريكية إن بيرغوزين يحافظ على علاقات وثيقة مع نظرائه الروس، وأداته الرئيسية هي "فاجنر" التي أرسلت مرتزقة إلى سوريا وأوكرانيا ودول أخرى، بحسب مسؤولين أمريكيين.
ووضعت وزارة الخزانة الأمريكية العام الماضي بيرغوزين على قائمة العقوبات، وبررت ذلك قائلة "يعتقد أن بيرغوزين هو الممول لفاجنر، التي توصف بأنها وكيل لوزارة الدفاع الروسية".
وساعد شوغالي، الذي يشغل الآن منصب رئيس "مؤسسة بيرغوزين لحماية القيم الوطنية"، في نشر القوة الناعمة الروسية في أماكن يتراجع فيها نفوذ الولايات المتحدة بطريقة لا يمكن ربطها مباشرة بالكرملين، بحسب ما قاله مسؤولو استخبارات لوول ستريت جورنال.
وتضمنت زيارة شوغالي إلى أفغانستان، التي استمرت أسبوعا، أكثر من 100 مقابلة مع أفغان لسؤالهم عن الموقف من طالبان والحكومة المخلوعة المدعومة أمريكيا. كما التقى مع المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، وبدأ العمل على خطة بموافقة طالبان لفتح مكتب فرعي لمركز أبحاث بريغوزين في الأراضي الأفغانية.