الظاهري سفيرا للإمارات بالمغرب للمرة الثانية.. تمتين للعلاقات
تكليف جديد يرفع من منسوب العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما أن "الظاهري" شهدت فترته السابقة تعزيزاً مُتسارعاً للعلاقات
تشهد العلاقات الإماراتية المغربية تناميا ملحوظا توج بإعادة تعيين العصري سعيد أحمد الظاهري، سفيراً بالرباط، التي شهدت فترته السابقة تمتينا للروابط بين البلدين.
وسلم الظاهري، الثلاثاء، ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالمغرب، أوراق اعتماده سفيرا مفوضاً فوق العادة لدولة الإمارات العربية المتحدة بالمغرب.
ويأتي ذلك بعد أسابيع قليلة من تعيين العاهل المغربي، الملك محمد السادس، لمحمد الحمزاوي سفيراً للمملكة لدى الإمارات العربية المتحدة.
تكليف جديد يرفع من منسوب العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما أن "الظاهري" شغل المنصب نفسه لمدة خمس سنوات، وهي الفترة التي شهدت تعزيزاً مُتسارعاً للعلاقات بين البلدين.
إذ قدم العصري أوراق اعتماده للخارجية المغربية في مارس/آذار من عام 2011، لتستمر مهمته حتى مارس/آذار من عام 2016، وهو الشهر الذي قام الملك محمد السادس بتوديعه، موشحاً إياه بـ"الحمالة الكبرى للوسام العلوي".
شريك استراتيجي
وطيلة فترة اعتماده سفيراً للإمارات في المغرب، عبّر الظاهري في أكثر من مناسبة عن تميز وعمق العلاقات بين البلدين، مُشدداً على أن المملكة تُعتبر شريكاً استراتيجياً وتاريخياً، إذ نشأ ذلك منذ عهد المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الراحل الحسن الثاني.
وأكد أن دولة الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، تعتبر المملكة المغربية شريكاً استراتيجياً ووجهة رائدة في مجال الاستثمارات. مُشدداً على أن الدولتين تسيران جنبا إلى جنب وبخطى ثابتة نحو شراكة استراتيجية متعددة الجوانب.
كما أن علاقات بين البلدين، بحسب الظاهري، تتعدى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، لتمتد إلى المجالات الإنسانية والاجتماعية أيضاً.
أعلى المستويات
وعرفت هذه الفترة تبادلاً للزيارات على أعلى المستويات بين قادة البلدين، وذلك تعزيزاً للعلاقات الثنائية وتوطيداً لها.
وخلال هذه الفترة، قام العاهل المغربي، الملك محمد السادس بزيارتين رسميتين لدولة الإمارات العربية المتحدة، الأولى في أكتوبر/تشرين أول عام 2012 إذ جاءت ضمن جولة زار خلالها كُل من المملكة العربية السعودية والكويت. ليعود في زيارة خاصة للإمارات في مايو/أيار 2015.
ا
وفي مارس/آذار من عام 2015، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة للمملكة المغربية تلبية لدعوة من الملك محمد السادس، وذلك تتويجاً لمسار متألق في مسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين.
إذ عرف برنامج الزيارة توقيع اتفاقيات تعاون ثنائي بين البلدين الشقيقين وتدشين مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة الدار البيضاء ومصنع أفريقيا للأسمدة ومعمل تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر بإقليم الجديدة.
وخلال هذه الزيارة، قلد العاهل المغربي الملك محمد السادس، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الوسام المحمدي من الدرجة الأولى، وذلك تقديراً لجهود سموه وإسهاماته في تدعيم العلاقات الأخوية وحرصه على توطيدها وتنميتها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
وجاء هذا التوشيح في أعقاب توقيع إحدى وعشرين اتفاقية ومذكرة تشمل المجالات الأمنية والسياسية والطاقة والتعليم والرياضة والثقافة والجمارك والشؤون الإسلامية والصحة والاتصالات والسياحة والبنية التحتية.
خط مباشر ودعم للاقتصاد
وفي هذه الفترة أيضاً، تم افتتاح أول خط جوي مباشر بين المغرب وأبوظبي.
ففي يناير/كانون الثاني، من عام 2016، أشرف كل من وزير السياحة المغربي الحسن حداد، والعصري سعيد الظاهري، الذي كان آنذاك سفيراً للإمارات في المغرب، وخالد غيث المحيربي، نائب أول الرئيس للشؤون الحكومية وسياسات الطيران بـ"الاتحاد للطيران"، وعدد من مسؤولي الشركة، على افتتاح هذا الخط، واستقبال الرحلة الأولى من نوعها التي تربط العاصمة المغربية بنظيرتها الإماراتية.
وقامت الإمارات العربية خلال هذه الفترة بتقديم دعم اقتصادي كبير للمملكة، إذ تربط الدولتان جملة من الاتفاقيات الاقتصادية، كما تحتضن المملكة عدداً من الاستثمارات الإماراتية، فضلا عن المنح والمبادرات التنموية التي تقودها الإمارات في المغرب.
وخلال هذه الفترة، عرف التعاون الاقتصادي بين البلدين حراكاً ملحوظاً، فعلى مستوى الاستثمارات الإماراتية في المغرب، فقد بلغت عام 2013 ما قيمته 1.3 مليار دولار.
وفي عام 2014، قامت شركت "اتصالات الإمارات"، بشراء 53 في المائة من رأسمال شركة "اتصالات المغرب"، بمبلغ إجمالي يُناهز 4.2 مليار يورو، وللإشارة فإن شركة "اتصالات المغرب"، هي أقدم وأكبر شركة اتصالات في المملكة.
كما أن الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى في بورصة الدار البيضاء من حيث حجم الاستثمارات، منذ تلك السنة.
وساهمت الإمارات بشكل كبير في المنحة الخليجية المقدمة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، والبالغة إجمالاً 5 مليارات دولار، في حين كانت المساهمة الإماراتية بما يُناهز 1.25 مليار دولار. كما ساهمت الإمارات كذلك بـ 500 مليون يورو في رأسمال صندوق وصال للتنمية السياحية البالغ ملياري يورو.
ومنذ تأسيس صندوق أبوظبي للتنمية عام 1974، ساهم في مواطن عدة في التنمية المستدامة للمملكة المغربية، على رأسها هو تمويل بناء ميناء طنجة المتوسط بمساهمة تقدر بـ 300 مليون دولار، بالإضافة إلى مساهمة الصندوق في تمويل إنشاء القطار فائق السرعة بين طنجة والدار البيضاء بـ100 مليون دولار.
وقامت الإمارات العربية المتحدة بتقديم مساهمات جمة على المستوى الصحي، وذلك عبر إنشاء مستشفى الشيخ زايد بالرباط ومركز سمو الشيخة فاطمة لعلاج النساء مرضى السرطان ومستشفيات أخرى بالمنطقة الشرقية.
ضافة إلى المساهمات الإنسانية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي في دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بـ 100 مليون دولار.
تبادل للخبرات الأمنية
ويتجاوز التعاون بين البلدين الكثير من المجالات، ليصل المجال الأمني والعسكري، الذي تعزز عام 2015 باتفاقية مهمة جداً، وُقعت في حضرة كُل من الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
ووقع اتفاقية التعاون الأمني من جانب دولة الإمارات الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ومن الجانب المغربي محمد حصاد وزير الداخلية.
وتنص الاتفاقية على توسيع التعاون، ليشمل مجالات السياسات الأمنية والدفاع وإقامة دراسات وأبحاث في الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى التعاون في القوانين العسكرية، مع دعم الإمداد العسكري، والخدمات الطبيبة، والعمليات الإنسانية، في حفظ السلام.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2014، أصدر العاهل المغربي، الملك محمد السادس، تعليماته لـ"تقديم المملكة دعما فعالا لدولة الإمارات العربية المتحدة في حربها على الإرهاب والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليميين والدوليين".
وأكد بيان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية أن هذا العمل "يأتي لتعزيز تعاون عسكري وأمني متعدد الأوجه يمتد على فترة طويلة مع بلدان الخليج" مشيرا إلى أن المساهمة ستشمل جوانب عسكرية عملياتية واستعلاماتية."
وذكّر البيان بـ"العمليات الدولية الإنسانية وتلك المتعلقة بالحفاظ على السلم التي شاركت فيها المملكة المغربية من أجل الدفاع عن الأمن الوطني والوحدة الترابية للدول الشقيقة والصديقة للمغرب"، مشيرا إلى أنه قد سبق نشر المئات من الجنود المغاربة وعلى مدى عدة عقود فوق التراب الإماراتي في إطار المساهمة في تكوين جهاز الأمن بإمارة أبوظبي.
وشدد صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي آنذاك، على أن "دعم المملكة المغربية للإمارات ثنائي وسيكون تحت قيادة الإمارات"، معلقاً بالقول: "نريد أن نعطي إشارة قوية بأن هناك تعاونا أمنيا قويا مع الإمارات".
وفي يناير/كانون الثاني، أشرف العصري على تسليم منحة مقدمة من دولة الإمارات للمملكة المغربية الشقيقة تتضمن 120 دراجة نارية من الحجم الكبير للتدخل السريع للإدارة العامة للأمن المغربي في إطار التعاون المشترك الذي يربط بين البلدين الشقيقين.
وسام علوي رفيع
ويعد هذه الفترة الطويلة من تمثيل الدبلوماسية الإماراتية في المملكة المغربية، والسهر على تعزيز العلاقة بين البلدين، قام العاهل المغربي، الملك محمد السادس باستقبال العصري سعيد أحمد برشيد الظاهري بغرض توديعه، ليقوم بتوشيحه بوسام ملكي رفيع.
وفي مارس/آذار من عام 2016، وشح الملك محمد السادس مجموعة من السفراء المنتهية مهامهم بالبلاد بأوسمة مُختلفة، إلا أن الظاهري نال أرفعها وهو "الحمالة الكبرى للوسام العلوي"، وذلك تقديرا للجهود التي قام بها خلال فترة أدائه لمهامه الدبلوماسية ما أسهم في الارتقاء بعلاقات الأخوة والتعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية في المجالات كافة. مُتمنياً له التوفيق والنجاح في أداء مهامه المستقبلية.
aXA6IDE4LjIyMS45MC4xODQg جزيرة ام اند امز