القرار الأممي «242».. حل من 56 عاما يصلح لإنهاء حرب غزة وتحقيق السلام
تمر اليوم الأربعاء الذكرى الـ65 على صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (242) الذي يُرسي مبادئ السلام العادل في الشرق الأوسط.
ويلزم القرار الأممي إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضي التي احتلّتها عام 1967، حينما اجتاح الجيش الإسرائيلي الضفة الغربية وهضبة الجولان في سوريا وسيناء المصرية.
وتأتي الذكرى متزامنة من إعلان هدنة إنسانية في قطاع غزة تدخل حيز التنفيذ يوم غد الخميس لتعلق قصفا إسرائيليا متواصلا على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتبنى مجلس الأمن، القرار بالإجماع في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1967، وهو القرار الذي أعدته بريطانيا، بعد 5 أشهر من حرب يونيو/حزيران، التي احتلت خلالها إسرائيل 70 ألف كيلومتر مربعة من الأراضي العربية.
ومنذ أن أرسى القرار الأسس للتفاوض لاحقاً عبر مبدأ "الأرض مقابل السلام"، فإن اللغط الذي أثارته الاختلافات في صياغة النصين الفرنسي والإنجليزي، لا يزال قائم، واستمر في تسميم العلاقات العربية الإسرائيلية.
قرار "242"
جاء في نص القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي، لإقرار مبادئ السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، إن المجلس يعرب عن "قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط، وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن"، وحل مشكلة اللاجئين وإنشاء مناطق منزوعة السلاح.
وتابع: "يؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت العمل وفقاً للمادة (2) من الميثاق.
وأكد المجلس حينها أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، ويستوجب تطبيق المبدأين التاليين سحب القوات المسلّحة من أراضٍ احتلتها (إسرائيل) في النزاع الأخير، وإنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب، واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، ومعترف بها، وحرة من التهديد وأعمال القوة.
غموض
والحقيقة أن هذا الغموض هو الذي أتاح تبني النص بالإجماع، إذ إنَّ واضع النص وزير الخارجية البريطاني، وخليفته مايكل ستيوارت، دعما الرأي القائل بأن إسرائيل غير ملزمة بالضرورة بالانسحاب من كل الأراضي التي احتلتها في يونيو/حزيران 1967.
وفي ديسمبر/كانون الأول 1969، أعلن مايكل ستيوارت، في غرفة العموم البريطانية، أن إغفال كلمة كل في النص الإنجليزي كان متعمدا، وأكد أن القرار لم ينص فقط على انسحاب القوات الإسرائيلية، وإنما كذلك على توفير حدود آمنة ومعترف بها.
وفي 1988، وافق الفلسطينيون على التفاوض على أساس القرارين 242 و338، الذي أقر بعد حرب أكتوبر 1973، وأقروا ضمنًا لأول مرة بتقسيم فلسطين وبحل الدولتين، حيث تعيشان جنبا إلى جنب، وبعد انسحابها في قرار منفرد من قطاع غزة في عام 2005، لا تزال إسرائيل تحتل منذ 50 عامًا الضفة الغربية، والقدس الشرقية، التي ضمتها، وكذلك هضبة الجولان.
السلام بالشرق الأوسط
وقال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور طارق فهمي، إن القرارات 242 و338 و193 و194 هي القرارات المتعلقة بإدارة الصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف فهمي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن تلك القرارات خاصة القرار الأول (242) يعتبر من الشواهد على الحق الفلسطيني، الذي لو طبق الآن يكفي لحل للأزمة في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن القرار صالح للاستخدام والتطبيق في الوقت الحالي وإعادة ترتيب الشرعية الدولية بشأنه، خاصة أن مرجعيات عمليات السلام التالية بنيت على هذا القرار، متابعا أن السلام يُبنى على إجراءين؛ أولا الإقرار بهذا القرار باعتبار أنه اتفاق شارع يشمل الأمم المتحدة لإصداره من مجلس الأمن، ويعد رئيسيا ومركزيا لحل الصراع العربي الإسرائيلي.
ولفت إلى أن ذكراه السادسة بعد الخمسين لن تغير فيه حيث إنه واجب التطبيق من الأطراف المختلفة، متابعا أنه يمكن البناء عليه الآن بانسحاب إسرائيل من أراضٍ فلسطينية والتعويل على استخدامه وقت الضرورة.
وأشار إلى أن تطبيق القرار اليوم لا يتحقق إلا إذا توفرت الإرادة السياسية الدولية لتطبيق الشرعية الدولية لإدارة الصراع، لافتا إلى أنه يرتبط الآن بفكرة حل الدولتين خاصة مع الحرب الدائرة.
الفرصة قائمة
من جانبه، أكد أستاذ القانون الدولي العام والخبير في النزاعات الدولية الدكتور محمد محمود مهران، أن قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر عام 1967 يؤكد عدم جواز اكتساب أراضٍ بالقوة، ويدعو إسرائيل إلى الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 1967.
وأوضح مهران في حديث لــ"العين الإخبارية" أن هناك بعض النقاط الأساسية أكد عليها القرار، أبرزها وجوب انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء، وأكد القرار على عدم جواز اكتساب أراضٍ بالقوة، كما يدعو إلى احترام واستقلال كل دولة في المنطقة.
وحررت مصر غالبية الأراضي المحتلة في حرب عام 1973 ولاحقا نجحت في تحرير طابا المصرية عبر مفاوضات شاقة وحكم صدر عن هيئة التحكيم التي عُقدت في جنيف عام 1988.
ولفت مهران إلى أن القرار يؤكد على ضرورة إنهاء حالة العداء في المنطقة واحترام السيادة والسلامة الإقليمية لكل دولة، بالإضافة إلى دعوته لإقامة سلام عادل ودائم يضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، فضلاً عن مطالبته بترسيم حدود آمنة ومعترف بها لكل دولة في المنطقة، وتأكيده على ضرورة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار الجمعية العامة رقم 194.
وشدد أستاذ القانون الدولي على إمكانية تطبيق القرار في الوقت الحالي وتنفيذه بصورة كاملة سيؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وبين الخبير الدولي أن عدم التزام إسرائيل بالقرار 242 واحتلال الأراضي الفلسطينية، كان يستدعي من مجلس الأمن اتخاذ إجراءات صارمة لضمان التزامها بهذا القرار طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، مشيرا إلى بعض الإجراءات التي يجب على مجلس الأمن اتخاذها، والمتمثلة في إصدار قرار يدين إسرائيل ويحثها على الانسحاب الفوري من الأراضي المحتلة، وفرض عقوبات اقتصادية عليها.
وختم مهران تصريحه بالقول: "السلام والعدالة لن يتحققا دون التزام حقيقي من مجلس الأمن بتنفيذ قراره 242 بكل ما أوتي من سلطة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، فعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه ما يحدث في فلسطين من انتهاكات صارخة للقانون الدولي، وأن يمارس الضغط عليها لوقف احتلالها للأراضي الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة بما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان".
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز