نتائج انتخابات فرنسا.. هل باتت إصلاحات ماكرون تواجه المجهول؟
خسر التحالف الذي يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غالبيته في البرلمان ما قد ينعكس على الاستقرار السياسي في البلاد.
وحصل التحالف الذي يقوده ماكرون على 245 مقعدا في المجلس المؤلف من 577 مقعدا في ختام الدورة الثانية للانتخابات التشريعية.
ويعني ذلك أن تحالف "معا" بعيد جدا عن النتيجة المطلوبة لضمان الحصول على الغالبية المطلقة (289 مقعدا).
وفاز تحالف اليسار بـ135 مقعدا، والتجمع الوطني اليميني المتطرف بـ89 مقعدا، بحسب إحصاء لوكالة فرانس برس بناء على النتائج التي نشرتها الوزارة.
وسيتعيّن على ماكرون الذي أعيد انتخابه في أبريل/نيسان لولاية ثانية، أن يجد تحالفات لتنفيذ برنامجه الإصلاحي خلال السنوات الخمس المقبلة.
خطر على البلاد
وصرّحت رئيسة الوزراء الفرنسيّة إليزابيث بورن بأنّ نتائج الانتخابات البرلمانيّة فشلت في منح الغالبيّة لأيّ حزب ما يشكّل خطرًا على البلاد، لكنّها تعهّدت أن يسعى حزب ماكرون لبناء تحالفات على الفور.
وقالت: "هذا الوضع يُشكّل خطرًا على البلاد، بالنظر إلى التحديات التي علينا مواجهتها"، مضيفة: "سنعمل اعتبارًا من الغد على بناء غالبيّة" قادرة على العمل.
من جهته، أقرّ الوزير غابريال آتال بأنّ النتائج "بعيدة عمّا كنّا نأمله".
وقال آتال عبر قناة "تي إف1" الفرنسية "إنّ ما يرتسم هو وضع غير مسبوق في الحياة السياسيّة والبرلمانيّة، ما سيُجبرنا على تجاوز ثوابتنا وانقساماتنا".
فشل لماكرون
واعتبر زعيم حزب "الاتّحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد" اليساري، جان لوك ميلانشون، أنّ خسارة ائتلاف ماكرون الغالبيّة المطلقة في الجمعيّة الوطنيّة هي "قبل كلّ شيء فشل انتخابي" للرئيس الفرنسي.
وأضاف الزعيم اليساري "إنّه وضع غير متوقّع بالكامل وغير مسبوق تمامًا. إنّ هزيمة الحزب الرئاسي كاملة وليست هناك أيّ غالبيّة".
وفاز حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرّف بزعامة مارين لوبن بعدد كبير من المقاعد ما مثّل اختراقًا كبيرًا.
وقال رئيس الحزب بالنيابة جوردان بارديلا "الدرس المستفاد من هذه الليلة هو أنّ الشعب الفرنسي جعل إيمانويل ماكرون رئيس أقلّية"، معتبرًا نتيجة الانتخابات بمثابة "تسونامي" سياسي.
وتضاعف عدد مقاعد الحزب 15 مرّة بعد أن وصلت زعيمته لوبن إلى الدورة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية الأخيرة وأعيد انتخابها الأحد نائبة في البرلمان، ما سيخوله تشكيل كتلة للمرة الأولى منذ أكثر من 35 عامًا.
وقالت لوبن بفخر أمام أنصارها في دائرتها الانتخابية بمنطقة هينين-بومون شمال البلاد، إن الكتلة البرلمانية التي حصل عليها التجمع الوطني هي "الأكثر عددًا بفارق كبير في تاريخ عائلتنا السياسية".
وتعهدت بممارسة "معارضة حازمة" و"مسؤولة وتحترم" المؤسسات.
أمّا اليمين التقليدي فقد فاز بنحو 60 مقعدا ويمكن أن يؤدّي دورا حاسما في البرلمان الجديد رغم أنه خسر مكانته كأكبر كتلة معارضة في المجلس.
ويُرجّح أن تضرّ النتائج بالاستقرار السياسي في البلاد. وتوقّع الخبير السياسي آلان دوهامل أن يكون كلّ تصويت على مشروع قانون "مفتوحًا على المجهول" لعدم وجود غالبيّة مطلقة.
ومن دون مفاجآت، امتنع قسم واسع من الفرنسيين عن المشاركة في الاقتراع الرابع في شهرين منذ الانتخابات الرئاسية، لا سيما مع موجة الحرارة غير المسبوقة التي تضرب البلاد.
وتختتم هذه الانتخابات مشهدا انتخابيا طويلا من شأنه أن يؤكد إعادة التشكيل الواسعة للمشهد السياسي في فرنسا حول ثلاث كتل كبرى على حساب الأحزاب التقليدية اليمينية واليسارية، وهو تحول بدأ مع انتخاب ماكرون رئيسا عام 2017.
وجاءت الانتخابات في سياق أزمات متتالية، من جائحة كوفيد-19 إلى الحرب في أوكرانيا وارتفاع التضخم والمخاطر الاقتصادية.